الفريقان الاشتراكيان بالبرلمان يسائلان وزيري الصحة والداخلية

إقصاء حاملي بطاقة «راميد» من الاستفادة من خدمات مختلف المستشفيات الإقليمية
الوضع المخجل بالعالم القروي والمناطق الجبلية وإضراره بصورة بلادنا

 

 

وجّهت كل من عائشة الكرجي ومحمد لعسل عن الفريق الاشتراكي، سؤالا يضع مضمونه الأصبع على عطب كبير يحول دون تفعيل حق دستوري، وهو الحق في العلاج، الذي تم «نصب» مجموعة من الحواجز أمام المرضى للاستفادة منه، خاصة الحاملين لبطاقة المساعدة الطبية «راميد»، أي الفئات الفقيرة أو الهشة، التي تجد صعوبات متعددة للولوج إلى الخدمات الصحية المختلفة.
ونبّه النائبان إلى أن مجموعة من المستشفيات الإقليمية ترفض استقبال المرضى المستفيدين من بطاقة «راميد» القادمين من أقاليم أخرى، وهي المعضلة التي يعاني منها الكثير من المواطنين، الذين يجدون أنفسهم في سياق من السياقات خارج مدنهم أو داخل المدينة الواحدة لكن بعيدا عن الحي الذي يقطنون به، كما هو الحال بالنسبة للدارالبيضاء أوالرباط أو طنجة وغيرها من المدن المترامية الأطراف. إشكالية سبق أن تطرقت إليها جريدة «الاتحاد الاشتراكي» بتاريخ 2 نونبر 2021 من خلال مقال يحمل عنوان «الانتماء الترابي» شرط لعلاج مرضى «راميد» في مستشفيات الدارالبيضاء؟، إذ يُشهر عدد من مسؤولي المستشفيات العمومية ورقة السكن ضمن النفوذ الجغرافي للمؤسسة الصحية حتى يمكن للمريض الاستفادة من الخدمات الصحية المختلفة، سواء تعلّق الأمر بفحص طبي أو تحاليل مخبرية أو فحوصات بالأشعة، وهو ما لا يتناسب مع الظرفية الصحية التي قد يمر منها البعض والتي تكتسي طابع الاستعجالية، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول استمرار العمل بهذا «الشرط».
وارتباطا بسؤال النائبين الاتحاديين عن الفريق الاشتراكي، أكد وزير الصحة خلال جوابه على أنه تم إصدار دورية وزارية في إطار الإجراءات المصاحبة لتعميم نظام المساعدة الطبية على صعيد التراب الوطني في 2012، تتعلق باحترام مسلك العلاجات باستثناء الحالات الاستعجالية، من أجل تنظيم أمثل للولوج للخدمات الصحية الضرورية ولتفادي الضغط الذي أصبح يعرفه العرض الصحي، خاصة بالمؤسسات الاستشفائية، بالإضافة إلى ضبط الانفاق على الخدمات الصحية.
وأوضح آيت الطالب، يوم الاثنين الماضي، وهو يجيب عن مجموعة من الأسئلة البرلمانية، أنه لتعزيز هذه الجهود فقد أصدرت وزارة الصحة، آنذاك، المنشور عدد 85 بتاريخ 26 دجنبر 2019 بخصوص رفع إجبارية المرور بالمركز الصحي بالنسبة للأمراض المزمنة والمكلّفة، والذي بموجبه يحق للمستفيدين من نظام «راميد» اللجوء مباشرة إلى المستشفى المختص لتلقي العلاجات في حالات الأمراض الخطيرة والمهددة للحياة.
وفي إطار اهتمامه بقضايا مختلف الطبقات الشعبية، ساءل رئيس الفريق الاشتراكي بالغرفة الثانية يوسف ايذي، أول أمس الثلاثاء، وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، حول تدهور الوضع بالعالم القروي والمناطق الجبلية والتي تزداد عزلتها مع فصل الشتاء وتساقط الأمطار، مما يجعل عشرات آلاف الأسر تعيش في محنة مستدامة بدل التنمية المستدامة، وطالب إيدي وزير الداخلية بضرورة تقييم برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالعالم القروي.
وأكد رئيس الفريق الاشتراكي أنه بالرغم من المجهودات الكبرى والطفرة النوعية التي حققها المغرب في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، إلا أن ساكنة العالم القروي والمناطق الجبلية مازالت تعاني، مع الأسف، من تبعات تعثر التنمية وتكريس انعدام التوازن بين مناطق المغرب.
وسجل المستشار يوسف ايذي، أن ساكنة العالم القروي لا تزال تعاني من اختلالات بنيوية تهم مجالات أساسية كالفلاحة والتعليم والصحة والطرق والبنيات التحية والولوجية، وكل المرافق العمومية الحيوية بالإضافة إلى ضعف الاستثمارات، وهو الأمر الذي انعكس سلبا على تنافسية الاقتصاد القروي وعلى بنياته الإنتاجية والاجتماعية وبالتالي على المستوى المعيشي للساكنة.
وأضاف رئيس الفريق في تعقيبه على وزير الداخلية، أول أمس الثلاثاء بجلسة الأسئلة الشفهية، أن السؤال لايزال مطروحا عن الأسباب الحقيقية التي جعلت التنمية بالعالم القروي مؤجلة، والأسباب التي تجعل هذا الجزء من المغرب يعاني في صمت، بالرغم من أنها خزان حقيقي لمؤهلات وموارد وفرص من الواضح أن تنميتها واستغلالها استغلالا جيدا سيجعل العالم القروي فضاء ومجالا خصبا لخلق الثروة وتحقيق التنمية باعتباره يحتضن نصف ساكنة المغرب تقريبا.
ولفت إلى أن تدبير السياسات العمومية على المستوى المجالي يتم في غياب أية رؤية واضحة وضامنة للحكامة الترابية ولشروط التنمية المستدامة المبنية على الاستثمار الأمثل للموارد الجهوية والمحلية، وعلى الولوج الشفاف والمنصف والمرن لهذه الموارد ناهيك عن كونه تدبير سياسي عمومي يتم خارج أية مقاربة تشاركية كفيلة بإدماج مختلف المكونات الاقتصادية والاجتماعية للمجال الترابي، الذي يشكو من هشاشة البنيات التحتية وتشويه العمران وتدمير المجال البيئي، يضيف أيذي، موضحا أن الفريق الاشتراكي يدرك جيدا أن ازدهار المدن وتطور الحياة الحضرية ورقيها لن يتم إلا بنهضة اقتصادية واجتماعية للعالم القروي، وفك الارتباط بينه وبين مظاهر الفقر والتهميش، وبلورة بدائل وحلول متكاملة ومنسجمة، تستثمر كل الامكانيات الاقتصادية والثقافية والبيئية التي يزخر بها العالم القروي والمناطق الجبلية.
وأشار المستشار الاتحادي إلى أن الاختلالات التي يعاني منها المجال القروي ضخمة ولا مجال لعدها، وأن معاناة المواطنين بالوسط القروي والمناطق الجبلية لا تزال كبيرة ويومية. وأضاف قائلا لوزير الداخلية: نحن لا نزايد بذلك لأنه واقع مخجل لنا جميعا ووضع يضر بصورة بلادنا، وقد دخلنا منذ سنوات للقرن الواحد والعشرين، ولا مجال للادعاء بأن الحكومة حققت ما يمكن الافتخار به لهؤلاء الملايين من المواطنين المعزولين والمهمشين والمغلوبين على أمرهم. «
وخلص إلى أنه رغم تسطير الحكومة للعديد من البرامج كإجراءات للتخفيف من الفوارق الاجتماعية والمجالية، إلا أنها لم تنجح في ضمان ديمومتها لكونها لم تهيئ الظروف التي من شأنها ضمان نجاحها، وبالتالي تظل الفوارق الاجتماعية والمجالية تشكل عائقا أمام النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي، هذا الأخير الذي يعتبر حجر الزاوية في السياسات العمومية ذات الصلة الوثيقة بالمواطنين، وارتفاع الطلب الاجتماعي في ظل تحولات ديموغرافية وسوسيولوجية ومجالية متسارعة.
وسجل أيذي، أن البرنامج الحكومي، لم « نجد فيه ما يعطي الانطباع بأن الحكومة جادة فعلا في الاستجابة لانتظارات ساكنة القرى والجبال، والإنصات لنبض هذه المجالات الترابية وأن تجعل منها فضاءات لخلق الثروات ولتحقيق الاندماج السوسيو-اقتصادي وفق منظور قائم على الاستدامة.


الكاتب : الرباط: وحيد مبارك - محمد الطالبي

  

بتاريخ : 30/12/2021