الفريق الاشتراكي بالغرفة الثانية يطالب الحكومة بتفعيل تقارير المجلس الأعلى للحسابات..  الوسطاء والسمارة يلهبون أسعار المواد الفلاحية أمام عجز الحكومة

 

تدخل المستشار يوسف ايذي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، في معالجة تقرير  المجلس الاعلى للحسابات، وذلك بحضورالرئيس الأول للمجلس، وأشار إلى أن  الفريق يعتبر  معالجة قضايانا الداخلية مدخلا لقوة الدولة المغربية على المستوى الدولي ودليل ناصع على تراص جبهتنا الداخلية، وأن الوقت قد حان لنجعل من محطات مناقشة تقارير المجلس الأعلى للحسابات أوراشا وطنية لتقويم الإعوجاجات وفق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وليس من المجدي في شيء اعتبار تقارير المجلس مناسباتية ننتظرها عندما يحل موعدها الدستوري.
لقد سلط تقرير المجلس الأعلى للحسابات، في باب تناوله للقطاعات الإنتاجية، الضوء على مكامن الخلل التي تعتري كلا من قطاع الدواجن وبرنامج رواج وأيضا في تناوله للوكالة الوطنية للتشغيل والكفاءات، وشدد التقرير على وحدة الخلل المركزي بالنسبة لهذه القطاعات والمتمثل في غياب تصور حكومي وغياب تصور قطاعي لتدبير كل موضوع على حدة، غياب تصور سياسي تنموي يجمع بين المديين القريب والبعيد، وهذا خلل جوهري يفترض طرح هذه القطاعات للنقاش العمومي السياسي المسؤول من أجل تجاوز هذا النقص.
كما وقف التقرير عند تناوله لقطاع الدواجن على ظاهرة جلية وبينة للمواطن المغربي الذي يظل، هو والفلاح ومربي الماشية، رهينة ولقمة سائغة لإرادة الوسطاء أو السماسرة الذين يتلاعبون بجيوب المواطنين وقدرتهم الشرائية أمام أعين السلطات العمومية التي يفترض أنها لا تنام من أجل مصلحة المواطن المغلوب على أمره.
وأضاف ايذي أن هذا الأمر، الذي لا ينطبق فقط على قطاع الدواجن بل على كل أنواع اللحوم والخضر، نثيره مجددا أمام مجلسنا الموقر لنثير انتباه الحكومة بل ولنحذرها من المخاطر الجمة لسياسة إغماض العين عن ظواهر كهذه خاصة وأننا على أبواب عيد الأضحى المبارك.
وكشف رئيس الفريق الاشتراكي أن انتشار ظاهرة الوسطاء لا تشكل عبئا فقط على حيوية القطاعات الاقتصادية المتضررة، بل أخطر من ذلك تهدد تماسك النسيج الاجتماعي وسلامته من خلال ما تنطوي عليه من تأثير سلبي مباشر على القوة الشرائية للمواطنين، وما أحداث السوق الأسبوعي بإقليم القنيطرة للخضر وسوق الأكباش بالدار البيضاء السنة الماضية إلا خير دليل وعينة بسيطة مما قد يقع في المستقبل، لا قدر الله، إذا استمرت الجهات المعنية في ضعف التحلي بالجدية والصرامة اللازمة في التعاطي مع هذه الظواهر المتفاقمة.
إننا نقدر اليوم المجهودات المبذولة لتطوير قطاع الصحة برؤية واستراتيجية متبصرة لجلالة الملك نصره الله الذي يولي أهمية بالغة ومركزية لهذا القطاع الحيوي على اعتبار أن الحق في الصحة والأمن الصحي أحد المداخل الأساسية للدولة الاجتماعية، والذي كان حبيس منطق مركزي تكاد مظاهر تقدمه البسيطة متمركزة بين بعض المدن الكبرى فقط، في حين كانت باقي الجهات والمناطق تعاني من الولوج السهل للخدمات العلاجية في أبسط صورها.
نقول هذا الكلام ونحن واثقون أن القطاع الصحي، كغيره من القطاعات، أصبح قادر نسبيا على توليد الحلول الملائمة في حدها الدنيا للمشاكل القائمة شريطة نهج أقصى مستويات الحكامة في تدبير الموارد البشرية والمادية المتاحة على ندرتها والذهاب بالإصلاحات الهيكلية الى أقصى مدى يستجيب لمتطلبات الاستراتيجية الصحية والحماية الاجتماعية التي أرادها جلالة الملك لعموم المغاربة.
وأردف ايذي: لا نريد أن نطيل الكلام حول القطاعات التي تطرق لها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، فالجميع، أحزابا نقابات ومؤسسات دستورية، يجري نفس التشخيص ويتفق على نفس التقييم بل على المعالم الكبرى للحلول الممكنة للإشكالات المطروحة، لكننا نريد أن نثير الانتباه إلى موضوع آخر لا يقل أهمية ويتعلق بالذكاء الاقتصادي والحكامة الترابية التي وإن قطعنا فيها شوطا هاما من حيث التدابير التشريعية والقانونية، فإننا في الواقع العملي لانزال نعاني عجزا مهولا هو الذي يوفر الشروط المناسبة لمراكمة الإخفاقات في كثير من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية كما جاء بشكل مفصل على متن التقرير الذي نناقشه اليوم.
إن طموحنا في هذا الإطار هو أن نصل في أقرب وقت إلى تعاقد جديد بين الدولة والجماعات الترابية ودعم قدرات هذه الأخيرة من ناحية توسيع الاختصاصات الذاتية والرفع من مواردها المالية والبشرية حتى تكون فاعلا ديموقراطيا وتنمويا حقيقيا تؤدي أدوارها، في انسجام وتناغم تام مع الإدارة المركزية، في النهوض بمهام إنجاز التنمية المنشودة.
فالعمل والحرص على التنمية المحلية بمختلف أجزاء التراب الوطني هو ما سيجعل التنمية الشاملة إفرازا طبيعيا يأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل جهة وطبيعتها ومؤهلاتها الاقتصادية، ويدمج كذلك مبادرات مختلف المتدخلين من المجتمع المدني المحلي، في التقاء سلس للديموقراطية التمثيلية والديموقراطية التشاركية وفقا للمقاصد الدستورية العليا في هذا الشأن.
ونجد أنفسنا في الفريق الاشتراكي نتقاسم نفس التوجه العملي الميداني للمجلس الأعلى للحسابات ونعتبر توصياته مداخل حقيقية وعملياتية ستعيد للجهة وللجماعات المحلية عافيتها وستساهم إلى جانب ما هو وطني في الرقي بوطننا العزيز تحقيقا للدولة الاجتماعية حيث المواطن والمسؤول والمستثمر، والمدينة والجهة، والجهوي والوطني على سكة واحدة نحو التنمية و التقدم والازدهار ، لأن بناء التنمية وبناء الوطن مهمة جماعية ومشروع مشترك يتطلب من الجميع تحمل مسؤولياته، كل من موقعه.
وأكد رئيس الفريق الاشتراكي بالغرفة الثانية أن الفريق تابع باهتمام عرض رئيسة المجلس الأعلى للحسابات أمام أنظار المستشارات و المستشارين، كما عهدنا أنفسنا بذلك في كل مناسبة دستورية، بعدما تم رفع هذا التقرير تطبيقا لمقتضيات الفصل 148 من الدستور، والمادة 100 من القانون رقم 99.62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية، إلى حضرة جلالة الملك من طرف رئيسة المجلس الأعلى للحسابات ثم إلى رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين، مما يكشف بالملموس المنهج التشاركي الذي تقوم عليه هذه المؤسسة الوطنية، مكرسة في نفس الوقت تحقيق مبدأ الحق في الحصول على المعلومة. وأوضح يوسف ايذي أن تعاطينا مع هذا العمل الجبار والغوص في مضامينه ومنهجيته، يستدعي منا أن نثير المعالم البارزة للسياق العام الدولي والوطني الذي صيغ فيه هذا التقرير، نظرا للعلاقة الجدلية بين السياقين وما تفرزه من إكراهات وتحديات ومخاطر مهددة وفق ثنائية التأثير والتأثر.
واضاف أننا نعيش اليوم في وضع دولي غير مسبوق لامسنا المحاولات الجارية هنا وهناك من أجل النهوض والتعافي الاقتصادي من تداعيات جائحة كورونا ومخلفاتها الكارثية على الدول والشعوب؛ جائحة أظهرت الضعف والهشاشة الاقتصادية والترهل الاجتماعي حتى في الدول التي كانت تصنف بالأمس القريب دولا وقوى عظمى، فما بالكم بالدول الضعيفة والفقيرة أصلا.
واسترسل المستشار الاتحادي بالقول : لقد مر المجتمع الدولي بأسره بمحنة اقتصادية واجتماعية وإنسانية صعبة، وبعد مجهودات وطنية ودولية مضنيه بدأت تباشير الخروج من الأزمة تلوح في الأفق وتتبدى بارقة أمل في الانتصار على الجائحة وعودة الحياة لمجراها الطبيعي، في خضم هذا الوضع، استطاعت بلادنا،بالقيادة المتبصرة والحكيمة لجلالة الملك محمد السادس مسايرة هذه التحولات والتحديات الدولية بما تستلزمه من يقظة وصمود دفاعا عن المصالح العليا للدولة المغربية.
وفي هذا الإطار شكلت رؤية جلالة الملك لمحاربة تداعيات جائحة كوفيد 19 مخرجا وحلا ناجعا، سواء من حيث استراتيجية التدابير الاحترازية، أو من حيث توفير وتوظيف كل الأوراق المتاحة لتوفير اللقاحات بكمية وافرة وبمجانية، وفي نفس الوقت بسياسة اليد الممدودة نحو العديد من الدول الافريقية من أجل مساعدتها على تجاوز هذه الأزمة في إطار تعزيز التضامن والاندماج الإفريقي، وقد حظيت التجربة المغربية في هذا المضمار بالإشادة والتنويه قاريا ودوليا.
وأضاف أن هذه الفترة التي شملها التقرير تميزت أيضا بالوقع السلبي للأزمات الثنائية التي عرقلت علاقاتنا مع عدد من الدول وخاصة الجارة الشمالية اسبانيا، ألمانيا وفرنسا، وهي أزمات عرفت طريقها للتسوية من خلال احترام إرادة المملكة في بناء علاقات قوامها الاحترام المتبادل واحترام المصالح العليا للدولة المغربية.
وأضاف يوسف ايذي كنا نعتمد منهج القراءة والتفحص من العام إلى الخاص، من الدولي إلى الوطني، بمنطق علمي وفكري مترسخ في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حتى نكون على بينة تامة من الأمور ونتجنب السقوط في فخ ‘’جلد الذات’’، وقد أبانت أزمة كوفيد صحة منهجنا الاستقرائي هذا.
ومن هذا المنطلق سيكون نقاشنا وتقييمنا للتقرير الموضوع بين أيدينا.


الكاتب : محمد الطالبي 

  

بتاريخ : 16/06/2022