الفنان الجزائري شمس الدين بلعربي مصمم ملصقات أفلام سينمائية عالمية: المغاربة أول من كرموني

شمس الدين بلعربي، وإسمه الفني» شمسو» فنان تشكيلي جزائري مبدع التصاميم والأفيشات السينمائية وآخر عربي وإفريقي والعالم العربي، مازال يصمم ملصقات الأفلام العالمية بالطريقة التقليدية، أيعن طريق الرسم والفن التشكيلي.
من مواليد 14 فبراير 1987 بمدينة مستغانم غرب الجزائر. عاش «شمسو» طفولة قاسية في قرية صغيرة في مستغانم. كراعي لقطيع الغنم مع خاله في سن الخامسة. وعن هذه الفترة بالتحديد يقول: «بينما كنت أقود قطيع الغنم، كانت تجذبني صور نجوم السينما بألوانها البراقة الزاهية على صفحات الجرائد والمجلات الممزقة على الأرض، فألتقطها وأتمعن فيها مليا، ثم أشرع في رسمها في خيالي، قبل أن أخطها بالعود على الرمال»
وعندما بلغ سن السادسة، انتقل إلى مدينة مستغانم ليلتحق بالمدرسة وسط المدينة، وهناك بدأ المعلمون يكتشفون موهبته، كان يولي اهتماما لافتا للألوان، ويعطي الأهمية لمادة الرسم أكثر من باقي المواد مثل الرياضيات والفيزيا . وسرعان ما اشتد عوده، وتطورت مهاراته في الرسم بعد تعرفه على فنان مغربي كان له دور مهم في حياته إلى أن أصبح اسما معروفا لدى كبار نجوم هوليود.
صفحة «إعلام وفنون» ب»الاتحاد الاشتراكي» التقت بالفنان شمس الدين بلعربي، فكانت الورقة التالية:

p بداية كيف بدأت الصورة تستولي على مشاعر شمسو وأحاسيسه ؟

n الحقيقة، أنني كنت مسكونا بهاجس اسمه الصورة لذلك، عندما كنت أمر بجانب قاعات السينما، تجدني أدقق النظر في الأفيشات بألوانها البراقة والملصقات الصقيلة المثيرة للانتباه، أما الصور الكبيرة الضخمة لنجوم السينما، المعلقة عند أبواب القاعة وجدرانها الداخلية فكانت تحدث زلزالا عاطفيا في دواخلي لدرجة الهوس، حتى أنني عندما أعود إلى البيت، أشرع في رسم كل ما شاهدته على أوراق الرسم المهيأة سلفا. لكن هناك مشكلة، لقد كنا نعيش كأسرة في بيت واحد، نطبخ فيه، وننام فيه، وأكنت أرسم في وسط هذا الضيق، وأرسم بصبر عالي الشدة ياصاحبي، زد على ذلك، كان بيتنا مشروخا وبشقوق أعلى السقف حيث تكبر معاناتنا في فصل الشتاء، وهذا ما سبب لي خسارة كبيرة، لقد أتلفت الكثير من رسوماتي بسبب المطر المتساقط من سقف بيتنا وبدأت أفكر، ماذا عليك فعله يا شمس الدين كي تظل أعمالك ملكك؟ أليست رأسمالك الرمزي وهي كل ما تملك؟ ومستقبلك الواعد؟ فجأة أسعفتني مخيلتي، وشرعت في إرسال أعمالي الفنية إلى الخارج، وهكذا أرسلت كل إبداعاتي وجميع الرسومات إلى شركات الإنتاج السينمائية عن طريق البريد. ورغم أن هذا الفعل لم يرق الكثيرين، حيث بدأ البعض ينعتوني بالمجنون، ولكني توكلت على الله، واصلت المثابرة والعمل. ورغم مرور وقت طويل دون أن أتلقى أي رد، فقد واصلت العمل في الشارع، لكن بسبب كثرة المشاكل والمضايقات، تأثرت صحتي، ودخلت في مرحلة صعبة جدا. وأقمت في المستشفى ثلاثة أشهر  وبعدها بدأت حالتي في التحسن.

p ذكرتم أحد المغاربة كان له دور مهم في حياتك حتى أصبحت إسما معروفا لدى كبار نجوم هوليود؟

n صحيح يتعلق الأمر بالبطل العالمي جيمي غوراد أو JIMMY GOURAD RAMDAN وهو ملاكم و ممثل بلجيكي من أصل مغربي، حقا، إنه مدرسة متفردة من مدارس الحياة، حيث تعلمت منه الكثير والكثير من أسرار الفن والرياضة والحكمة. أتذكر أنه كان يحكي لي عن الكواليس التي عاشها خلف الحلبة، وخلف الكاميرات، وعن استقباله في مهرجان كان السينمائي وعن أسرار نادرة عن صداقته مع ميكي روك، وجوني هاليداي وبيلي..

p تم استبعادك من تظاهرة فنية في وهران مؤخرا، ما دوافع ذلك؟

n أجل، لا أخفيك، كانت صدمتي قوية جدا، ذلك أن استبعادي من مسابقة وطنية تم تنظيمها لأحسن جدارية ترويجية لألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنتها مدينة وهران بالجزائر، جعلني في حيرة من أمري، فعلا وتساءلتغاضبا في تدوينة بصفحتى على الفايسبوك: هل لمفهوم الثقافة منطق خاص في بلدي الجزائر؟ وهل مفهوم الفن يختلف عند القائمين علي هذه التظاهرات في بلادي الجزائر العظيمة، وبين التظاهرات الثقافية في بقية دول العالم؟ واستغربت هذا الإقصاء: لماذا لم تقدم لي ولا دعوة واحدة منذ 7 سنوات في أي تظاهرة ثقافية؟ حتى وصل الأمر بمديرية الثقافة بمستغانم، أنها فتحت ورشات لتعليم الشباب الهاوي في مختلف الفنون، ووجهت الدعوة لفنانين ومختصين لتعليم الشباب، وأبقت على قاعة الرسم الخاصة بالكبار مغلقة أمام الشباب الموهوب، وحرمانه من التعلم، رغم أني أعلنت تطوعي صراحة لتعليم هؤلاء المحبين لفن الرسم. يحصل هذا في وقت تصلني دعوات يوميا من كل الدول العربية من المحيط الي الخليج. من شخصيات سياسية وثقافية !!مرموقة على الصعيد العالمي، و كذلك بعض دول أوروبا وأمريكا للمشاركة في تظاهرات ثقافية ضخمة، وأحيانا للتدريس هناك..

p حدثنا عن جسر عبور أعمالك إلى هوليود وكيف تعرفت على جيمي كوراد المغربي؟

n ظل الوضع كئيبا على غير ما يرام، حتي جاء يوم تلقيت فيه رسالة من منتج أرجنتيني يعمل بالشراكة مع هوليوود، وكان له دور كبير في التعريف بأعمالي في الأوساط السينمائية، وبدأت أتلقى الطلبات من المخرجين والمنتجين لإنتاج أفيشات سينمائية، وعملت الكثير من ملصقات الأفلام العالمية أذكر منها:
The News.. وHonor وGarra Mortal وBucks of America والفيلم الوثائقي الكبير Chinese Hercules The BOLO YEUNG Story  . وعرضت أعمالي الفنية في مهرجان كان السينمائي الدولي ومهرجانات الأوسكار وسيزار، ومن الصدف الجميلة في حياتي، وجود الممثل المغربي  JIMMY GOURAD الذي أعجب بأعمالي، فاتصل بي ووعدني بتكريم في الجزائر، وبعدها تمت دعوتي لمهرجان العالمي للسينما حقوق المرأة في  المغرب الشقيق، وتم تكريمي هناك من هنا الأشقاء المغاربة هم أول من كرموني ، ودعاني الممثل المغربي الهوليودي الشهير محمد قيسي TONG POO الذي يعتبر من أساطير هوليود، وله أفلام شهيرة رفقة روجي مور وآخرين، واتفقنا على مشروع عمل.
وهناك مشاريع مستقبلية أخرى اكثر إبداعا وتطورا. وبعد ذلك، جاء وفد من خبراء سينمائيين إلى الجزائر، وكان رئيس الوفد الممثل العالمي المغربي  RAMDAN GOURAD RAMDAN رفقة النجوم، وبطل العالم المغربي الدكتور نور الدين محلة. حيث كرموني في حفل كبير على أساس آخر عربي وإفريقي، مازال يصمم ملصقات الأفلام العالمية بالطريقة التقليدية، أي عن طريق الرسم والفن التشكيلي.

p هل وجدت الدعم الكافي لتطوير موهبتك سواء من أسرتك من جهات ثقافية معينة؟

n لابد من التأكيد على ضعف ذات اليد بالنسبة لأسرتي، وأن فقر العائلة كان سببا كافيا للتوقف عن الدراسة، والخروج إلى الشارع لامتهان الرسم كحرفة، لأنني لم أكن أملك المال لشراء الدهانات وأدوات الرسم، فبدأت بتجربة أوراق الشجر والزهور. جففتهم، وتمكنت من استخراج ألوان جيدة وأحمر وأصفر للرسم. ثم صنعت ريشة الرسم (فرشاة الرسم) من ملابس قديمة ألقيت في سلة المهملات.. وأذكر أنني قمت بتزيين واجهات المحلات التجارية وأنجزت أشكالا من الديكور هنا وهناك. لكن الشارع قاسي جدا يا صديقي، لقد تعرضت لأبشع صور الاستغلال لموهبتي الصاعدة، من قبل عديمي الضمير، الذين أمعنوا في امتصاص طاقتي الفنية واستثمار موهبتي بنفعية وأنانية مفرطة، وفي بعض الأحيان، كنت أعمل عند أشخاص محددين، وعندما أطلب أجرا مقابل عملي، كنت أتعرض للتهديد اللفظي والمعنوي، وكنت صغيرا، وأتأثر لذلك كثيرا، فكنت أعمل تحت أشعة الشمس الحارقة، وأمسك السلالم الحديدية اللاهبة، وأنا ضعيف الجسد، فأحملها بحروق مؤلمة في يداي، وعندما كنت أتجرأ لإخبار الشرطة، كان هؤلاء يهددونني، وكنت أضعف أمام جبروتهم، والعكس صحيح، لكن هذا ليس كل شيء، ففي مرات عديدة كنت ألتقي مع أناس طيبي القلب، يقدمون المساعدة متى كانت الضرورة، لقد اعتنوا بي، وقدموا لي يد المساعدة، فلن أنسى جميلهم بالتأكيد ما حييت.

p أنت اليوم في مرتبة النجومية ،كيف تنظر إلى أعمالك الأولى ؟

n   بالنسبة لعملي الأول في المجال الاحترافي، كان مع أسطورة هوليود الممثل المغربي محمد قيسي حيث صممت له ملصق فيلمه GARRA MORTAL  ، بعدها تعرفت علي الممثلة المغربية طاطا ميلودا المقيمة في فرنسا، وعملت لها بعض الرسومات التي عرضتها في الأوساط الفنية الأوروبية. بعدها تعرفت على ممثل المغربي العالمي وبطل الملاكمة السابق Jimmy Gourad Ramdan و الذي صممت له ملصقات خاصة به في كتاب رسوم متحركة عرضها في بلجيكا، ومن هنا بدأت أعمالي تلقى شهرة واسعة في المهرجانات الدولية مثل مهرجان كان السينمائي الدولي .
وبعد وصول أعمالي في هوليود، وتسجيل اسمي في قاعدة بيانات الأفلام العالمية IMDB ، تواصل معي بطل العالم المغربي ومدرب النجوم  Noureddine Mahla وقال لي، أنه سوف يأتي مع وفد من بلجيكا الى الجزائر لتكريمي، وفعلا جاء إلي مدينة وهران الجزائرية وكرموني هناك، وبهذا المغرب أول دولة تكرمني، بعدها تمت دعوتي إلى المغرب للحضور في المهرجان الدولي لسينما المرأة بالدارالبيضاء وتم تكريمي هناك تحت انغام مجموعة السهام،التي أطربت الجمهور بأدائها الفني الممتع. وبعدها تم تصنيفي كشخصية مؤثرة لعام 2020 من قبل مجلة مؤثرون الأمريكية الشهيرة. واقدم الشكر للأشقاء المغاربة، ونتمني لهم الإستقرار والسعادة وحفظ الله المغرب الشقيق الجميل مغرب الثقافا .

p هل شاركت أعمالك مع فنانين مغاربة؟

n فرحت كثيرا إثر اختيار رسمتي التي شكلت فيها صور أطفال غزة الذين ارتقوا (شهداء ورود غزة) من قبل مبعوث الأمم المتحدة لرعاية الطفولة نجم هوليوود Vincent Lyn في تقريره عن ضحايا الحرب علي غزة، والذي نشره في موقع Medium الأمريكي. ثمة نجاح آخر يتمثل في عرض أهم ملصقاتي الفنية الهوليودية في مهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف للأفلام الشرقية في دورته السادسة عشر من 21 إلى 27 يونيو 2021، والذي يعد من أهم المهرجانات السينمائية في العالم في طبعته 16، وستتضمن الملصقات أهم أعمالي مع نجوم المغاربة العالميين من أمثال محمد قيسي ورمضان غوراد، والفنانة كريمة النعيمة. وأعتبر هذا العرس السينمائي نموذجا للتآخي بين الفنانين المغاربة والجزائريين في أعمال عالمية مشتركة.

 


الكاتب : أعد الحوار وقدم له: عزيز باكوش

  

بتاريخ : 24/06/2021

أخبار مرتبطة

بمناسبة عيد الأضحى، الذي يحل يوم الاثنين 17 يونيو 2024 ، الموافق لـ 10 ذي الحجة لعام 1445هـ، تتقدم مجموعة

أعلنت حديقة الحيوانات «كروكوبارك» أكادير، الخميس، أنها ستستقبل 16 تمساحا من نوع «سوكوس» (suchus) من حديقة حيوانات «أكواتيس» (Aquatis) في

جددت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في بيان أمام الدورة العادية للجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، بنيويورك، تأكيد مواقفها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *