الفنان حميد مرشيد، يصنع المتعة والفرجة عبر عرضين مسرحيين، من تأليفه وإخراجه

في ليلتين متتاليتين، و في قاعتين مسرحيتين بالدار البيضاء، نجح الفنان حميد مرشيد، في منح الجمهور العاشق و الشغوف بأب الفنون، متعة و فرجة عارمتين، عبر عملين من تأليفه و إخراجه، و هما: « الرواسيات «، الذي قدم بالمركب الثقافي حبيبة المذكوري، من طرف جمعية البشرى و الوفاء للمسرح و الثقافة، ثم: « قاع الخابية «، الذي جرت أطواره بالمركب الثقافي سيدي معروف، و شخصت أدواره من لدن محترف البحث المسرحي و الموسيقى.
ما يوحد بين العرضين المسرحيين، هو نهل مؤلفهما مادتيهما من الموروث الشعبي و الحكاية التراثية، لكن التقديم فوق الركح كان برؤية إخراجية حديثة، فالملابس و الأكسسوارات و فنية إلقاء الحوارات و تشخيص المونولوجات، و المقاطع الموسيقية المصاحبة.. كل هذه العوامل كانت تسهم في تجديد الوصل بين المتلقي و جذوره الأولى، عن طريق لعب و تمثيل، يعتمدان على يقظة كل الحواس، و على يقظة و حركية الجسد كذلك، عبر خفة و سرعة التحرك، ثم الغناء و الرقص، أضف إلى ذلك اعتماد الإيقاع السريع و المرتفع في التشخيص، الذي حافظ على نفس درجة حرارته، من أول مشهد حتى آخر نفس في العرض.
ما يوحد بين هاتين الفرجتين أيضا، هي البطولة الجماعية لممثلات و ممثلين من جيل الشباب، هم طلبة و خريج ; محترف البحث المسرحي و الموسيقي، الذين رسموا بتألق و تفوق ملحوظين، خطواتهم الأولى في درب الفن الرابع.
قد يلاحظ تناولي للمسرحيتين معا، كأنهما واحدة، و هما كذلك تقريبا من حيث الطرح، أي الاستلهام – كما أسلفنا – من التراث، فالأولى تناولت ظاهرتي العنوسة و الاستغلال الجنسي للمرأة من لدن بعض المتاجرين بالدين، ثم طابوهات أخرى لمحت إليها. و في الثانية حضر موضوع تعدد الزوجات، و الأسباب المؤدية إليه و النتائج المترتبة عنه. قدم كل ذلك بلمسة فنية حديثة، احترمت كل مكون من مكونات العرض المسرحي، و منحته حقه و نصيبه من التواجد والحضور.
ما أبهجني شخصيا، و بشكل كبير في العرضين معا، هو الحضور المكثف للشباب ضمن الجمهور، رغم التزامن مع مبارتين كبيرتين في كرة القدم، فقد جرت أطوار « الرواسيات «، ليلة الجمعة 22 أبريل 2022، متزامنة مع مباراة الرجاء البيضاوي و الأهلي المصري، و بعد ربع ساعة بالتحديد من انطلاق مباراة الوداد البيضاوي و فريق بلوزداد الجزائري ليلة السبت 23 أبريل 2022، بدأ عرض « قاع الخابية «. نادرا ما ينتصر المسرح على كرة القدم، لكن الاستثناء حصل خلال هاتين الأمسيتين الفنيتين الدافئتين.
شخصت مسرحية « الرواسيات «، كل من الفنانات الشابات: بشرى مسطري – أميمة الوردي – وفاء عصامي – عواطف شفيق و حبيبة علوي مدغري، أما « قاع الخابية «، فكونت من طاقم شاب أيضا: صلاح الدين لمخطط – مريم الهدار – أميمة الوردي – هدى خيري – عبد المجيد الزعيم – عبد الرحيم أزوكيض و نبيل كيدوني، إضافة إلى جاد خير الدين الشويري في السينوغرافيا و محمود الزوبير في المؤثرات التقنية.
حميد مرشيد مؤلف و مخرج هذين العرضين الفرجويين، بدأ مشواره المسرحي، في سن جد مبكرة بدور الشباب، ضمن فرق مسرحية هاوية، ليقرر فيما بعد صقل موهبته بالدراسة الأكاديمية، حيث التحق بالمعهد البلدي بالدار البيضاء، الذي تخرج منه مستهل تسعينيات القرن الماضي، ليؤسس في فترة لاحقة محترف البحث المسرحي و الموسيقي، بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بعين الشق، الذي لا يزال يشرف عليه بنفس الهمة و الحماس، و العديد من الأسماء الوازنة في الساحة الفنية، هي خريجة هذا المحترف. يوازي مرشيد بين التأطير و التكوين المسرحيين، و الاشتغال كممثل ضمن فرق مسرحية محترفة. و له بعض المشاركات في الدراما التلفزيونية، و في سلسلات فكاهية، من بينها بصمة متميزة مع الفنان المتعدد حسن الفد في واحدة من كبسولاته الكوميدية الناجحة، إضافة إلى تقديم دروس نظرية و تطبيقية في الفن المسرحي، ضمن برنامج « كرونيك تياتر « بالفضاء الأزرق.


الكاتب : متابعة: عبد الحق السلموتي

  

بتاريخ : 17/05/2022