القبائل العربية تتغلب على العصبية المصمودية 2- عيسى بن عمر العبدي.. قائد عبدة

تعود «الاتحاد الاشتراكي» من جديد لتحيي ذاكرة تاريخية لمنطقة عرفت عبر مراحل تاريخية جد مهمة أحداثا مازالت منقوشة من خلال الآثار الجغرافية أو ما تم تدوينه كإرث تاريخي لعصر اختلف فيه الباحثون، وحوله بعض المؤلفين إلى سيناريوهات بعيدة كل البعد عن الحقائق التاريخية، بل جعلوا منها أحداثا قابلة للفرجة، ولو كان ذلك على حساب تزييف مرحلة تاريخية مهمة .
نعود لنعرض أهم احداث الفترة ما بين (1879-1914) التي وقعت بمنطقة عبدة، والتي عرفت حكم القائد (عيسى بن عمر العبدي)، اعتمادا على كتاب «عيسى بن عمر.. قائد عبدة» لمؤلفه الأستاذ المصطفى فنيتير. وجاء في مقدمة هذا الكتاب التي أعدها الأستاذ ابراهيم بوطالب «أن عيسى بن عمر البحتري العبدي»، رجل سلطة، نشأ بين أحضان السلطة وعاش من ممارستها ومات وهو في حرمتها..

أدى استقرار العناصر العربية بمجال عبدة إلى اختلال التوازنات الداخلية، وظهور معطيات جديدة، أثرت في مكونات العصبية المصمودية لدكالة، التي عرفت تقلصا للاسباب التالية :
-ظهور الاضطرابات الداخلية بين السكان الأصليين والعناصر العربية النازحة، وهذا ما سكتت عنه المصادر العربية، واكتفى صاحب التشوف بالإشارة إلى أن العناصر الأصلية، وقفت موقف المتفرج من العرب، وهم يعبثون في الناس يمينا وشمالا.. وهم يعيتون في كل جانب .
-تدخل القبائل النازحة في الصراع السياسي، حيث أصبح لهم وزن في تدعيم طرف دون آخر، وذلك لما وهن أمر عبد المومن وفشلوا…كان لهم سورة غلب واعتزاز على الدولة لكثرتهم..
-انصهار الجماعات البربرية المصمودية، إما بسبب اندماجها ضمن المجموعات العربية، أو رحيلها عن المنطقة، مما أدى لا محالة إلى تفكيك العصبية المصمودية الدكالية واختفائها، بعد تغلب الجماعات العرببة. ثم تراجع بعض القبائل الأولى، كقبائل سفيان، التي اضطرت بعد صراعها مع الخلط، الى النزوح نحو الجنوب، الذين استحوذوا على كامل مجال دكالة، لكنهم اضطروا بدورهم إلى الهجرة شمال أم الربيع، وذلك مع بداية الفترة المرينية، واستقروا بتامسنا، وهذه الهجرة لم تشمل كل العرب الهلاليين من سفيان وخلط، وربما شملت فقط العناصر المسلحة، وبقيت بعض الجماعات العربية التي اختلطت مع العناصر البربرية الأصيلة بدكالة ، وبذلك اعيد التوازن داخل مجال دكالة.

دلالة اسم عبدة
من الراجح أن اسم عبدة لم يظهر إلا مع بداية القرن السادس عشر، ومن المحتمل أن يكون هذا الظهور مرتبطا بالتحولات التي عرفها مجال عبدة ، وبظهور عصبية قبلية .
فما هي دلالة هذا الاسم ؟ وكيف أصبح يطلق على هذا المجال؟
لاشك أن اسم عبدة من الأسماء العربية المعروفة. ولا يستبعد أن يكون للاسم ارتباط بأصول الجماعة العربية التي استقرت بهذا المجال. ويشير الإمام أبو زيد عبد الرحمان الفاسي في كتابة (الأقنوم في مبادئ العلوم) إلى عرب دكالة، فيقول: فصل في دكالة، بنو هلال.. اولاد عمران وعبدة. وهذا البيت يعطينا ثلاثة فروع للقبائل العربية التي نزحت لمجال دكالة، وبهذا يكون فرع عبدة ، من الفروع الأولى التي استقرت بهذا المجال واستحودت عليه وأصبح الاطلاق يعم كل المجال الذي نزلت به هذه الجماعة. ونعثر على اشارة اخرى للفقيه محمد بن ادريس العبدي البحراوي، في شرحه على نظمه لشذور الذهب لابن هشام، يشير إلى كون عبدة من عبد القيس، وذلك لما نسب نفسه إلى قبيلة عبدة. وفي تعليق للفقيه مبارك بن عمر على كتاب (أنساب آل البيت من الشرفاء الأدارسة، لصاحبه الشيخ العشماوي).. يقول: إن بعضهم بدكالة الحمراء بلدة عبد القيس المعروفين اليوم بعبدة .
نستنتج من ذلك أن عبد القيس ربما هو أب القبيلة، وأن العرب كانت تتوسع في إطلاق اسم القبيلة، وأن هذا االفرع العربي، هو الذي استوطن دكالة الحمراء التي عرفت فيما بعد باسم عبدة..6


الكاتب : إعداد : محمد تامر

  

بتاريخ : 01/04/2023