القراءة واستحقاق المواطنة

* أقترح أن تكون قراءةُ الأدب عنصرًا من عناصر استحقاق المُواطنة. فالقراءة تخلق مجتمَعَ المُروءةِ والحريّة ومكارِمِ الأخلاقِ، ومن صفات هذا المجتمع أنّه مُوَحَّدٌ بضميرٍ جَمْعِيٍّ، قِيَمِيٍّ وجماليٍّ، هو أساسُ تَضَامُنِه، وتماسُكِه، وتعافيه من أمراضِ واقعه.
* إن انحرافَ علائقنا الاجتماعية من البهجة بالآخر انفعالًا وفِعْلًا إلى الانحباس في الذّات والاستغراق في الكآبة، قد ساهم في تَحَوُّلِ الفرد إلى كائنٍ منغلقٍ على ذاته، وغارقٍ في دفتر حساباته أو في حاسوبه أو في احتساب أجره عند الله، ومحكومة حياتُه اليوميةُ بالخوف من انتهاء صلاحيّته.
* لقد صار من الواجب الوطنيّ أن نُدرّبَ الدّولةَ على أن تكون فضاءً مُواطِنيًّا للحبِّ، تؤسِّسُ فيه، بقوّة مؤسّساتها، أركانَ المحبّة المادية والمعنوية بين مواطنيها سواء أكان ذلك في مقرّرات التعليم أم في التشريعات القانونية أم في الخطابات الإعلامية والسياسية والدينية.
* ومن واجبنا أيضا أن نستحثّ الدولةَ على أن تستحدث لها تلك الوظيفةَ العاطفيّةَ، لتَعْضُدَ بها وظائفَها التقليديةَ، وتحمي بها نفسَها من غُزاة التطرّف والكراهيّةِ والفساد والميز العنصريّ أو الجنسيّ، لأنّ الكراهيةَ، على حدِّ ما يقول سبينوزا، لا يمكن لها أن تكون خيرًا أبدًا.

(من كتابه الأخير : «براءة الإغراء»)

(*) أكاديمي وناقد تونسي


الكاتب : عبد الدائم السلامي (*)

  

بتاريخ : 25/08/2021