المترجم والباحث سعيد بنعبد الواحد للاتحاد الاشتراكي … أمام غياب الدعم، دور نشر عربية استفادت من قدرات المترجمين المغاربة

بترجمات تجاوزت الأربعة والخمسون كتابا متنوعا، بين الشعر والقصة والرواية، من اللغتين البرتغالية والإسبانية إلى اللغة العربية، يقدم المترجم والباحث في آداب إسبانيا والبرتغال وأمريكا اللاتينية، الأستاذ الجامعي المغربي، سعيد بنعبد الواحد مشروعه الترجمي بالكثير من التنوع و الإبداع والحرص على تجديد زاوية نظره إلى مفهوم الترجمة، وعبر سنوات امتدت من سنة 2003 حتى اليوم، قدم للمكتبة العربية مجموعة غنية من الأعمال العالمية المترجمة. في هذا الحوار مع الدكتور سعيد بنعبد الواحد نطرح سؤال الترجمة وتحدياتها، ونقف على المعوقات التي تحول دون تطورها في بلد كالمغرب .

 

 

 من ضمن أعمالكم الأخيرة في الترجمة ترجمة لفيرناندو بيسوا، «المتسول وقصص أخرى « الصادرة عن دار كلمات الكويت، وسبق لكم أيضا ترجمة ثلاثة أعمال أخرى له، ما هي علاقتك كمترجم بهذا الكاتب، وكيف تختار الأعمال التي تقوم بترجمتها؟ هل الأمر شخصي تماما أم أن هناك شروط معينة يفرضها الجو الثقافي العام؟

n ـكما هو معروف، حظيت أعمال فرناندو بيسوا الشعرية بترجمات متعددة رغم أن أغلبها كان عبر لغات وسيطة مثل الإسبانية والإنجليزية والفرنسية. كما حظي كتاب اللاطمأنينة بانتشار واسع بعد ترجمته من طرف الشاعر المغربي مهدي أخريف انطلاقا من الترجمة الإسبانية. وقد كنتُ على وعي بهذه المعطيات حين أقدمتُ على ترجمة بعض أعمال بيسوا إلى العربية مباشرة عن اللغة البرتغالية. لذا حرصتُ على ألاّ أضيع مجهودي في ترجمة ما تُرجمَ من قبل وحاولتُ أن أنقل من أعماله ما لم يترجم بعد، رغم قيمته الفنية والفكرية الكبيرة. وقد كانت مفاجأتي كبيرة حين وجدتُ أن معظم أعمال الكاتب البرتغالي الكبير، وخاصة النثرية منها، لم تنقل إلى اللغة العربية. تضمُّ هذه الأعمال النثرية أنواعا أدبية مختلفة مارسها بيسوا طوال مساره الأدبي: الرسالة، اليوميات، القصة، الرواية القصيرة، المقالة الفكرية والنقدية. كما أن أرشيف المكتبة الوطنية البرتغالية في لشبونة ظل يحتفظ بعدة مخطوطات بدأت تظهر لأول مرة مُحقّقة من طرف متخصصين في أعمال الكاتب البرتغالي مع بداية القرن الواحد والعشرين وخاصة ما ألفه في مجال القصة والكتابة النثرية. كنتُ على اطلاع بما يصدر منها في البرتغال فنقلت بعض الأعمال مباشرة بعد أن ظهرت لأول مرة باللغة البرتغالية، بل وحتى قبل أن تترجم إلى لغات أخرى مثل الإنجليزية أو الفرنسية. لا ينبغي، في نظري، أن ننتظر ما يترجمُه الآخرون إلى لغاتهم حتى نقوم بترجمته إلى لغتنا. ينبغي أن تكون لنا في اللغة العربية معاييرُنا الخاصة في انتقاء ما نترجم.
نجد في هذه الأعمال الجديدة وجها آخر من وجوه فرناندو بيسوا المتعدد بأقنعته وقناعاته. فهناك الكاتب القصصي الذي يمارس نوعا من الحكي الفلسفي والرمزي، بل ويكتب القصة البوليسية بأسلوب منطقي يضاهي كبار من مارسوا هذا الجنس في الآداب الأنجلوسكونية. كما نكتشف بعدا آخر من شخصيته وأفكاره في أعماله المسرحية أو الدرامية ذات النفس الشعري. ترجمتُ جزءا من هذه الأعمال المغمورة وما زالت أشتغل عليها في مشروع طويل وهادئ. هناك أعمال كثيرة لم أتمكن بعد من ترجمتها لكني سأعمل على إنجاز ذلك في المستقبل إن شاء الله.

 لديكم مشروع متكامل حول الترجمة من اللغة الإسبانية والبرتغالية إلى العربية، منذ متى بدأ هذا الشغف يأخذ شكلا واعيا وتحول لمشروع كبير؟

في الحقيقة، لا أدري متى بدأت أترجم بشكل واع ومدروس. بدأتُ أترجم بعض النصوص القصيرة، ولو أن أول ما نُشر لي من ترجمات يعود إلى نهاية التسعينيات من القرن الماضي. اخترت أن أترجم من الإسبانية والبرتغالية حين اكتشف وتأكدت بالبحث والدراسة والقراءة والاطلاع على ما ترجم أنهما لغتان تضمان نصوصا قوية تستحق أن ننقلها إلى اللغة العربية، وخاصة تلك التي لم ينتبه إليها الناشرون من قبل لأسباب موضوعية أو تجارية محضة.
كان اشتغالي مع مجموعة البحث في القصة بالمغرب حاسما في تحديد معالم مشروعي الترجمي. فلقد اخترت منذ التحاقي بالمجموعة مع بداية الألفية الثالثة أن أشتغل على مجال السرد القصصي أولا، والروائي ثانيا، لما رأيتُ بالملموس أنه يستحق أن نترجم ما به من درر قصصية تغني المشهد القصصي في اللغة العربية. وقد صار ذلك الطموح اليوم مشروعا متكاملا ينطلق من تصور واضح لما ينبغي أن أترجمه في هذا المجال، كما حظيتُ بعد ذلك بدعم بعض المؤسسات الإسبانية والبرتغالية التي تسعى إلى نشر ثقافتها في لغات أخرى. كما ساندني في هذا الطموح بعض الناشرين المغاربة والعرب كلما عرضتُ عليهم ما أشتغل عليه. حصل توافق في بعض المشاريع واستمرت مغامرة ترجمة القصة والرواية من آداب إسبانيا، البرتغال، أفريقيا وأمريكا اللاتينية.

 «الترجمة بالمغرب»، موضوع يثير الكثير من الشجن، هل هناك من تنظيم لهذا المجال، وهل هناك خصوصية للترجمة المغربية مثلا مقارنة ببقية الدول العربية.

n من دواعي الفخر والحسرة في الآن نفسه أن المغرب يتوفر على مترجمين أكفاء يغطون بخبرتهم مختلف اللغات والثقافات العالمية، وقد انتبهت دور النشر العربية إلى هذا الخاصية التي تميز حقل الترجمة في المغرب واستفادت من قدرات المترجمين المغاربة في نقل مختلف الآداب العالمية وخاصة من اللغات التي يتقنها المغاربة بشكل ملفت: فرنسية، إنجليزية، إسبانية، برتغالية، وغيرها. فالمترجمون المغاربة برزوا في نقل المفاهيم الأدبية والنقدية كما ساهموا في توطين مجموعة من المعارف ومفاهيم العلوم الإنسانية داخل اللغة العربية.
بيد أن كل المجهودات المبذولة في المغرب تبقي، في غلب الأحيان، عبارة عن مبادرات شخصية، يتوفق البعض أحيانا في تحويلها إلى مشاريع ترجمية على المدى المتوسط أو الطويل. إلا أن الكثير من المشاريع تلاقي الإحباط لانعدام الدعم وقلة التشجيع من المؤسسات التي يفترض أن تقدم الدعم والمساندة. لكن هذه المبادرات الفردية، في نظري، قد تكون أكبر وأكثر أصالة من المشاريع الرسمية التي تفتقر للرؤية والعمق وتنتابها أحيانا ممارسات بيروقراطية تقوض عملية الترجمة. شخصيا، أومن بالمبادرات الشخصية القوية التي تفرض نفسها من خلال أصالة الطرح والاستمرارية في الإنجاز. اشتغلت بهذا المبدأ مع المؤسسات الإسبانية والبرتغالية في البداية، ثم بعد ذلك اشتغلت بنفس المنطق مع الناشرين من مختلف البلدان العربية. المهم أن يكون للمترجم مشروع قابل للتنفيذ يلتقي مع رؤية المؤسسة الرسمية أو الناشر. من جهة أخرى، يبدو لي أن معظم الترجمات التي تنجزها المؤسسات، رغم رصانتاه وجودتها، لا تصل إلى القارئ العادي بشكل سلس. ربما ينبغي التفكير في أن تنجر المؤسسات ما لا تستطيع أن تترجمه دور النشر وذلك وفق رؤية واضحة ومشاريع ذات طابع علمي تنجر في إطار فرق عمل صغيرة ومتخصصة يتراوح عدد أفرادها بين فردين كحد أدنى وخمسة أفراد كحد أقصى حتى يكون العمل منسجما وقابلا للتنفيذ. هذا أمر جيد في مجال ترجمة العلوم الإنسانية، لكن ترجمة الإبداع، في نظري وانطلاقا من تجربتي الخاصة، لا يمكن أن تكون إلا فردية لأنها تتنافى في روحها مع روح العمل الجماعي.

 أغلب الأعمال التي تشتغلون على ترجمتها هي أعمال لكتاب معاصرين، هل تحمل الترجمة للقدماء هما أو تحديا من نوع ما؟

إذا عدنا إلى تاريخ الترجمة الأدبية إلى اللغة لعربية نلاحظ أن المترجمين الأوائل اشتغلوا أساسا على نقل أمهات الكتب من الآداب القديمة، من هندية وفارسية ويونانية وغيرها. واستمر الأمر كذلك في عصر النهضة العربية لما أدرك المترجمون العرب أنه لم ينقلوا الرواية الغربية وما استجد من إبداعات في اللغتين الفرنسية والإنجليزية بالأساس.
وقد كان هذا الشعور نفسه هو ما يخامرني وأنا أقف أما ضحالة وقلة ما ترجم من أعمال كلاسيكية عن اللغة الإسبانية وخاصة اللغة البرتغالية. صحيح أن عشرات الأعمال الكلاسيكية قد ترجمت عن اللغة الإسبانية لأننا نتوفر اليوم على جيل نشيط من المترجمين عن هذ اللغة في كل أرجاء المنطقة العربية، لكننا لم ننقل سوى النزر القليل من الأعمال الكلاسيكية البرتغالية لأن المترجمين العرب عن هذا اللغة قلة قليلة، ربما يحسبون على رؤوس الأصابع.
في هذا الإطار، اشتغلتُ على نقل بعض الكتب الكلاسيكية من آداب البرتغال والبرازيل. قد تبدو بعض الأعمال التي أنقلها غريبة لا تناسب ذوق القارئ العربي المعاصر، لأنها كتبت لقارئ في ظروف معينة وشروط مختلفة، لكن قراءتها ممتعة وضرورية لفهم تطور الأدب ولأنها تعطي فكرة عن الجوانب الفنية التي تطورت عبرها اللغة البرتغالية في سياق فني مختلف. كما أـن ترجمة الأعمال الكلاسيكية لا تخلو من تحديات لغوية وثقافية تستوجب اجتهادا خاصا من المترجم وجهدا نوعيا من القارئ.
أما ترجمة الكتاب المعاصرين، فهو أمر أحبذه وأشتغل عليه، بل إنني نسجتُ مع بعض الكتاب في إسبانيا، والبرتغال، وأمريكا اللاتينية وأفريقيا الناطقة بالإسبانية والبرتغالية علاقات شخصية إنسانية. أستشيرهم أحيانا في كل ما يتعلق بالترجمة: من اختيار ما أترجم إلى السؤال عما أترجم كلما ظهرت مشكلة لغوية مستعصية أو أردتُ أن أستفسرهم عن ظاهرة ثقافية تعيق الفهم. أحيانا أطلب رأي أحد الكُتاب في اختيار قصص تمثل مساره في هذا الجنس، بل أطلب منه أحيانا أن يكتب لي نصا نظرية في مجال القصة. نشرتُ شيئا من هذه النصوص بالعربية قبل أن تظهر في الأصل الإسباني أو البرتغالي. بل هناك نصوص قصصية أو نظرية ترجمتُها ولم تظهر بعد في اللغة الإسبانية أو البرتغالية. لهذا أعتبرُ أن الترجمة ليست عملا آليا، بل حوارا يعتمد مبدأ الأخذ والعطاء بين الثقافات.

 من أقوالك أن « حضور المترجم لا ينبغي ان يطغى على حضور الكاتب»، علما أن الترجمة بحد ذاتها هي ولادة جديدة للنص، هل من السهل تحييد المترجم في العمل المترجم، علما أن هناك إقبال على ترجمة مثلا دون أخرى بالنسبة لعدد من الأعمال العالمية؟

ما أقصد بهذا الكلام المكثف، نظرا لطبيعة التدوين على وسائل التواصل الاجتماعي، هو أن يحتفظ المترجم في عمله بأسلوب الكاتب ونبرته التي تطبع النص الأصلي. فنحن لا نترجم المحتوى فحسب بل كل ما يزخر به النص من إبداع لغوي وأساليب فنية. هذا هو التحدي الحقيقي في الترجمة الأدبية. أعني بهذا أيضا أن المترجم، وخاصة في النصوص الأدبية، ينبغي أن يكون على وعي تام بمستويات الخطاب وسجلاته الأسلوبية والصوتية. هذا يسمح له بتحديد سجلات الكلام ومقاصده، تحديدا يراعي طبيعة الحكي ومنطق الكلام ومنطوقه.
أما بخصوص تفاعل القارئ مع ترجمة دون أخرى، فذلك يرجع إلى قوة الترجمة ودقتها، لأن القارئ يستشعر صدق الترجمة ومطابقتها للأصل، وكل ابتعاد عن ذلك يؤدي إلى مسخ تدريجي يُنفّر القارئ من النص ويبعده عنه. في هذا الصدد، أخبرني أحد الناشرين أنه قرأ الترجمة الفرنسية لكتاب ترجمتُه أنا أيضا عن البرتغالية مباشرة وقال إنه لم يشعر به كما شعر به في النسخة العربية. لماذا؟ لأن الترجمة العربية، ربما، توفقت في نقل ذلك النص أحسن من الترجمة الفرنسية، وقد يحدث العكس أحيانا. كما قد يكون هناك اختلاف في الترجمات وفق معرفة المترجم بالأصل ومدى تمكنه من التحرير بلغة عربية سلسة تطابق روح النص الأصلي. وعموما، لا تنجح الترجمة إلا إذا كانت صادقة وتنطلق من فهم صحيح من الأصل، مع تحاشي أي لغة وسيطة كلما كان شلك ممكنا.

 صرحت سابقا بأن الترجمة نوع من الموهبة التي يتم الاشتغال عليها بشغف وإبداع بعيدا عن المفاهيم الجامدة. كيف تكون الترجمة ابداعا بالنسبة إليك؟

الترجمة إبداع لأنها كتابة موازية للنص الأصلي، تحتفظ بكنهه وتنقل أثره الفني إلى القارئ. لذلك فهي ليست نقلا آليا لا يشترط غير معرفة باللغة الأصل وإتقان اللغة الهدف، بل إن الأمر أكثر تعقيدا من ذلك. فلا يترجمُ الأدب بشكل فني، في نظري، سوى من يملك موهبة الكتاب في لغته، مع الحرص على الدقة في النقل والفنية في التعبير حتى يكون النص المترجم مرآة للأصل في مستوياته وسجلاته.
لهذا السبب أعتبر الترجمة الأدبية إبداعا ينطلق من موهبة تُصقل بالممارسة والتدريب المستمر. فالترجمة الأدبية مثل ممارسة أي نشاط فني أو رياضي، تستوجب الاشتغال اليومي والعمل المتواصل. إذ لا يمكن لعازف الكمان، مثلا، أن يقف أمام الجمهور بالموهبة فقط، بل ينبغي له أيضا التدرب على الأداء لساعات طويلة، وهذا التدرب هو الذي يصقل موهبته. لا يكفي معرفة تاريخ الموسيقى أو نوتات الصولفيج لأداء قطعة كلاسيكية بل ينبغي عزفُها مئات المرات والتدرب عليها لبلوغ مستوى الإتقان والإبداع في الأداء.
إن النظريات الترجمية قد تفيد من يسعى إلى دراسة تاريخ الترجمة والبحث في ظواهرها، لكنه لا تفيد المترجم المبدع وهو يقف أمام النص، ولا يسعه سوى أن يجد صيغة ترضيه وتجعله مطمئنا أنه ينقله بأمانة ويجعل القارئ يفهم ما ينقل إليه. شخصيا، أومن بأن المترجم الأدبي يشتغل بالحدس الفني والذائقة اللغوية أكثر من المعرفة المحضة بنظريات الترجمة وأساليبها التقنية، بيد أن المترجم ينبغي له أن يمتلك وعيا ترجميا. وهذ الوعي لا يوجد في ممارسة الترجمة تحديدا بل هو وعي المترجم بوصفه مثقفا يحمل مشروعا ويعرفُ جيدا في أي سياق فني وحضاري يشتغل. يجب أن يكون على دراية بما يروج من آداب في لغته وفي اللغات التي يترجم منها حتى يختار منها ما يناب الرحلة والسياق. إن الوعي الترجمي لا علاقة له بنظريات الترجمة.

 عشرة أعمال مترجمة لك لم تر النور بعد، كيف تعيش أزمة النشر بالمغرب والعالم العربي عموما؟

لا أقول ذلك من باب المبالغة، لكني لاحظتُ أن الناشرين يشتغلون بمنطق آخر ليس هو منطق المترجم أو الكاتب. أتفهم ذلك وأنا أعي أن للنشر إكراهات كثيرة وينبغي أن يحظى كل كتاب، بوصفه «منتوجا»، بما يستحق من ترويج إعلامي يخدم تسويقه لدى شريحة عريضة من القراء. لكن المترجم، مثل الكاتب، يتلهف ليرى أعماله مطبوعة تفوح برائحة الورق، ولا يهدأ له بال إلا وهو يمسكها بين يديه ويشتمها جاهزةً للقراءة. إنها لهفة الإبداع التي لا يشعر به سوى من ابتلي بالكتابة والترجمة.
من جهة أخرى، يمكن أن نتحدث عن أزمة نشر عميقة في المغرب. فدور النشر الحقيقة تعد على رؤوس الأصابع ومعظمها تصارع من أجل البقاء وسط عزوف كبير عن القراءة يعود إلى عوامل كثيرة ومتداخلة يعرفها الجميع. أما الترجمة، وسط كل هذا، فهي الحلقة الضعيفة، لأنها تتطلب شروطا مادية أكبر من نشر الإبداع. فهناك حقوق المؤلف، وحقوق المترجم بالإضافة إلى تكاليف الطبع والتوزيع. غالبا ما يفضل الناشرون المغاربة عدم المغامرة في مجال الترجمة لأنها عملية مكلفة. أما التوزيع فتلك مسألة أخرى، لأن ما يترجم في بعض دور النشر المغربية لا يصل بشكل جيد إلى كل المنطقة العربية مما يحد من انتشار الترجمة ويقلل من أثرها. طبعا، هناك استثناءات قليلة تفند ما أقول، لكنها تبقى مجرد استثناءات.

 الجامعة والترجمة، أية علاقة من واقع ممارستكم لهما معا بجامعة الآداب والعلوم الانسانية بنمسيك؟

منذ نشأتها، اهتمت الجامعة المغربية بالتكوين في مجال اللغات الحية. وهناك اليوم شعب ومسالك متعدد تهتم بتدريس اللغات الأجنبية ودراسة حضارتها وآدابها: فرنسية، إنجليزية، إسبانية، ألمانية، إيطالية، صينية، برتغالية، الخ. مع أننا نلاحظ غيابا لمسالك متخصصة في دراسية اللغات القديمة، كاليونانية واللاتينية، أو اللغات السامية والشرقية مثل الفارسية، العبرية، والتركية، الخ …
إن هذا الزخم في التكوين لا يؤدي بالضرورة إلى إنتاج جيل من المترجمين. صحيح أن هناك معاهد متخصصة في هذا المجال، بل وبعض تكوينات الماستر التي تشتغل بثلاث لغات أحيانا، لكن كل هذا لا يعني أنه يتخرّجُ مترجمون أدبيون مع كل فوج وفي كل تكوين. عموما، يكتفي الباحثون في اللغات بالمغرب بالاشتغال باللغة التي يدرُسونها ويدرّسونَها؛ من يُدرّس الفرنسية يتواصل بالفرنسية ومن يُدرّس الإنجليزية يكتفي بالإنجليزية، لأننا لم نحسم في نعطك للغة الوطنية مقام أداة تواصل بين كل الباحثين في مجال اللغات والحضارات، كما نجد لدى الباحثين في الحضارات واللغات الحية في آفاق أخرى، مثل ألمانيا أو إنجلترا وحتى في فرنسا أو الشرق العربي. هناك، نلاحظ وعيا لغويا وحضاريا، لأنهم ينقلون كل ما يتوصلون إليه من نتائج في أبحاث بلغاتهم الوطنية حتى تعم الفائدة ويستفيد المجتمع من جهودهم. وهذا أمر طبيعي جدا. في المغرب، لا شيء من هذا؛ هناك تشتت وعدم تواصل في مجال تدريس ودراسة اللغات الحية. هناك تشجيع للتشردم في مجال دارسة اللغات والآداب والحضارات، بل لاحظنا مؤخرا في الجامعة المغربية توجها نحو تدريس اللغات الحية وفق تصور تواصل يهمل كل ما له علاقة بالبحث أو الترجمة. وينتج عن هذا أننا لا نُعرّف بالآداب الأجنبية في مشهدنا الثقافي المنغلق مع أن هناك من يريد أن يوهمنا أننا متفتحون.
لقد انتبهنا إلى هذا الوضع في مجموعة البحث في القصة بالمغرب واشتغلنا بطريقة تعمل على الاستفادة من تعدد تكوين الأعضاء المجموعة في اللغة العربية واللغات الأجنبية من أجل العمل على التعريف بالتجارب القصصية العالمية عن طريقة ترجمة نصوص مؤسس في الإبداع والتنظير. وكانت النتيجة مرضية إلى حد كبير، إذ أنجزنا مجموعة من الترجمات عن اللغات الإسبانية، البرتغالية، الإيطالية، الفرنسية والإنجليزية، شملت نصوصا رائدة في كتابة القصة ونصوصا أخرى لا غنى عنها في مجال نظريات القصية القصيرة.

 

 

لائحة الترجمات التي أنجزها سعيد بنعبد الواحد عن اللغتين البرتغالية والإسبانية

 

عن اللغة البرتغالية:
1. جوزيه ر. دوس سانتوس: رجل القسطنطينية (رواية برتغالية)، المركز الثقافي العربي، 2021.
2. جوزيه ر. دوس سانتوس: المعادلة الإلهية (رواية برتغالية)، منشورات الجمل، بيروت، 2021.
3. أنطونيو لوبو أنتونيش: شرح الطيور (رواية برتغالية)، منشورات الجمل، بيروت، 2021.
4. جوكا رينيرس تيرون: الموت والنيزك (رواية برازيلية)، منشورات دار الخان، الكويت، 2021.
5. أنطولوجيا القصة البرتغالية، منشورات الربيع، القاهرة، 2021.
6. فرناندو بيسوا: المتسول وقصص أخرى، دار كلمات، الكويت، 2021.
7. دافيد ماشادو: مؤشر السعادة (رواية برتغالية)، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2020.
8. أندريا ديل فويغو: آل مالاكْياس (رواية برازيلية)، منشورات دار الخان، الكويت، 2020.
9. أنطونيو لوبو أنتونيش، إستُ يهوذا (رواية برتغالية)، منشورات الجمل، بيروت، 2019.
10. كونسيساو إيفاريستو، أزقة الذاكرة (رواية برازيلية)، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2019.
11. جوزي إدواردو أغوالوسا، نظرية عامة للنسيان (رواية من أنغولا)، منشورات دار الخان، الكويت، 2019.
12. بيرناردو غيمارايس، الأَمَة إزاوْرا (رواية برازيلية) المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2019.
13. فرناندو بيسوا، حكايات منطقية (قصص بوليسية)، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2018.
14. كاميلو كاشْتيلو بْرانْكو، حب الضياع (رواية برتغالية)، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2018.
15. أفونْسو كْروش، الكتب التي التهمت والدي (رواية برتغالية)، منشورات ميسكيلْياني، تونس العاصمة، 2018.
16. فرناندو بيسوا، كواريشما، فكّاك الرموز (روايات بوليسية قصيرة)، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2018.
17. الساحة (قصص مختارة من الأدب البرتغالي المعاصر)، منشورات معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية، الرباط، 2018.
18. لورينْزو ماكاغْنو: معضلة التعدد الثقافي (دراسة أنثروبولوجية، البرازيل، باشتراك مع عبد المغيث صبيح)، منشورات معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية، الرباط، 2017.
19. الدمية والمسدس (قصص نسائية من أمريكا اللاتينية، باشتراك مع رجاء داكر)، منشورات معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية، الرباط، 2016.
20. فرناندو بيسوا، الباب وقصص أخرى، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2016.
21. نونو جوديس، منهل الصور (قصائد مختارة)، منشورات دار التوحيدي، الرباط، 2011. (مزدوج اللغة برتغالية/عربية).
22. مارْيو دي كارْفالْيو: الحرب الغريبة (مختارات قصصية، البرتغال)، منشورات سعد الورزازي، الرباط، 2010.
23. طِيولينْدا جِرْساوْ: المرأة التي حبست المطر (مختارات قصصية، البرتغال)، منشورات سعد الورزازي، الرباط، 2010.
24. ليدْيا جورْج: ساحة لندن (مختارات قصصية، البرتغال)، منشورات سعد الورزازي، الرباط، 2010.
25. جوزي ماريو سيلفا: أثر الفراشة وحكايات أخرى (قصص، البرتغال)، منشورات دار التوحيدي، الرباط، 2010.
26. رْوي مانْويل أمارال: قافلة (قصص قصيرة جدا، البرتغال)، منشورات دار التوحيدي، الرباط، 2010.
27. روي كوشطا وأندري سِباشتياو: الفيل والنملة. مختارات من القصة القصيرة جدا في البرتغال، منشورات جذور، الرباط، 2010. (مزدوج اللغة برتغالية/عربية).
28. غونسالو م طافاريش: السيد فاليري (مجموعة قصصية، البرتغال)، منشورات جذور، الرباط، 2010.
29. دافيد ماشادو: حكايات ممكنة (قصص، البرتغال)، منشورات جذور، الرباط، 2010.
30. جوزي ريسو ديريتينيو: ابتسامة غير متوقعة (قصص، البرتغال)، منشورات جذور، الرباط، 2010.
31. جوزي ريسو ديريْتتينْيو: البيت الأخير (قصص، البرتغال)، منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، الدار البيضاء، 2009.
32. أدَلْبِرْطو آلْفِشْ (البرتغال): قصائد مختارة، منشورات دار التوحيدي، الرباط، 2009. (مزدوج اللغة برتغالية/عربية).
33. فرناندو بيسوا: قصص مختارة، منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، الدار البيضاء، 2009.
34. النشيد الأول. مختارات من القصة البرتغالية، منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، الدار البيضاء، 2008.

عن اللغة الإسبانية:
1. أليخاندرا ألغورتا: المدينة الغول (رواية قصيرة مصورة، كولومبيا)، منشورات الربيع، القاهرة، 2022.
2. سيلفينا أوكامبو: المحتال (رواية قصيرة، الأرجنتين)، دار كلمات، الكويت، 2021.
3. جيوكوندا بيلّي: حمى الذاكرة (رواية من نيكاراغوا)، دار مدارك، الرياض، 2021.
4. خوسي ماريا ميرينو: المسافر التائه وقصص أخرى، منشورات الربيع، القاهرة، 2021.
5. خوليا أوتشوا: مكان في الحديقة (مجموعة قصصية)، دار الخان، الكويت 2020.
6. رينالدو أريناس: الغناء من البئر (رواية كوبية)، صفحة 7، الرياض، 2020.
7. هيلينا إريارتي: نداء الصمت، (رواية من كولومبيا) منشورات الربيع، القاهرة، 2020.
8. خوليو باريديس: أنطولوجيا الليل (مجموعة قصصية، كولومبيا)، منشورات الربيع، القاهرة، 2020.
9. صديقتي العزيزة (مختارات من القصة النسائية في إسبانيا، باشتراك مع فاطمة لحسيني)، دار فضاءات، عمان، 2017.
10. هكذا أكتب قصصي (تأملات وأفكار ونصائح في كتابة القصة القصيرة لكتاب من إسبانيا والبرتغال وأمريكا اللاتينية)، دار فضاءات، عمان، 2016.
11. خوسي ماريا ميرينو: كلمات العالَم، منشورات مجموعة البحث في القصة بالمغرب، الدار البيضاء، 2014.
12. مختارات من القصة المكسيكية، منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، الدار البيضاء، 2013. (باشتراك مع رجاء داكر وحسن بوتكى).
13. خوسي فرنانديث دي لاسوطا: فِيَلة بيضاء (مجموعة قصصية، إسبانيا)، منشورات كلمات، الرباط، 2012.
14. كارْما رْييرا: أترك لك البحر (مختارات قصصية)، منشورات سعد الورزازي، الرباط، 2010.
15. خولْيا أوتْشُوا: إرسالية غريبة (مجموعة قصصية)، منشورات سعد الورزازي، الرباط، 2010.
16. مختارات من القصة الشيلية. منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، الدار البيضاء، 2009. (باشتراك مع حسن بوتكى).
17. الباقة الزرقاء. قصص فانتاستيكية من أمريكا اللاتينية، منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، الدار البيضاء، 2007. (باشتراك مع حسن بوتكى)
18. بحثا عن الديناصور. مختارات من القصة القصيرة جدا في أمريكا اللاتينية، منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، الدار البيضاء، 2005. (باشتراك مع حسن بوتكى)
19. أوغوستو مونتروسو: النعجة السوداء وحكايات أخرى، منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، الدار البيضاء، 2004. (باشتراك مع حسن بوتكى)
20. ندف النار. قصص قصيرة جدا من المغرب وإسبانيا، منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، الدار البيضاء، 2003. (باشتراك مع حسن بوتكى)


الكاتب : حاورته: ليلى بارع

  

بتاريخ : 29/07/2022