المجلس الإقليمي الموسع للحزب بالرباط يقرر عقد المؤتمر في أبريل القادم.. عبد الحميد جماهري: النقاش المؤسساتي حول اختلال التوازن بين قوة التعيين وقوة الانتخاب ومدى إضرارها بالتمثيلية أصبح ضرورة دستورية وسياسية

في إطار الدينامية الحزبية التي يعرفها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المتمثلة في عقد المؤتمرات الإقليمية من أجل تجديد الآلة التنظيمية والاستعداد للاستحقاقات السياسية القادمة، عقدت الكتابة الإقليمية للحزب بالرباط، تحت إشراف الكتابة الجهوية، مجلسا إقليميا موسعا من أجل التحضير للمؤتمر الإقليمي بالرباط، وقد تميز اللقاء بالحضور الكبير للاتحاديات والاتحاديين من كافة مستويات المسؤولية، في القيادة والقاعدة..
وقد قرر المناضلون والمناضلات في المجلس عقد المؤتمر الإقليمي للاتحاد الاشتراكي بالرباط في شهر أبريل القادم …
في بداية هذا الاجتماع ألقى الحسن لشكر كلمة مقتضبة حول سياق التحضير للمؤتمرات الإقليمية بالجهة وأهمية تنظيمها، في لعب الحزب أدواره السياسية والاجتماعية، وتدبير ومتابعة الجماعات الترابية على مستوى الجهة. كما توقف عند الوضع السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد.
ومن جهته، ألقى عبد اللطيف شنطيط، الكاتب الإقليمي للحزب بالرباط كلمة مركزة، رحب من خلالها بالحضور وبعبد الحميد جماهري، عضو المكتب السياسي، كما استعرض الوضع التنظيمي بالإقليم وآفاق العمل المستقبلي والتعبئة الشاملة بالإقليم من أجل عقد مؤتمر إقليمي كمي ونوعي في مستوى المرحلة والعاصمة الرباط بالنظر للمهام المطروحة على الحزب مستقبلا.

 

اعتبر عبد الحميد جماهري، عضو المكتب السياسي ومنسق الإعلام الحزبي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن التغول السياسي الذي نعيشه أصبح شبيها بالتعيين عن طريق الانتخابات، وهي مفارقة تجعله يستقوي على السياسة ويضعف أمام مؤسسات الحكامة! مثل ما شاهدناه أمام مجلس المنافسة ومندوبية التخطيط وبنك المغرب ومجلس الحسابات، مضيفا أن «النقاش المؤسساتي حول اختلال التوازن بين قوة التعيين وقوة الانتخاب ومدى إضرارها بالتمثيلية أصبح ضرورة دستورية وسياسية .. وإلا فإن »تفوق قوة التعيين على قوة الانتخابات، سيضر بالسياسة ويتسبب في ضعفها بالكامل«. وشدد على أنه» درءا لأي سوء فهم فالاتحاد دافع عن دسترة الكثير منها في مقترحات الإصلاح، كما يعتبر بأن ربط المسؤولية بالمحاسبة حجر الزاوية في تخليق الحياة السياسية ومن أرقى الأشياء التي جاء بها الدستور،« معتبرا بأن »تخليق الحياة السياسية يجب أن يظل موضوع انشغال للحزب وللبلاد، حتى ولو دفعنا الثمن كما في محطات سابقة من أنفسنا«. وضرب مثلا بوباء كورونا قائلا: ” كوفيد أصاب الجميع وكان على الجميع غسل يديه ووجهه وتطهير نفسه للحفاظ على السلامة ونحن مِن هذا….. الجميع«”…
وأضاف جماهري، في عرضه بمناسبة انعقاد المجلس الإقليمي الموسع للحزب، يوم السبت الماضي بالمقر التاريخي بأكدال الرباط، أن البلاد تعيش معضلة سياسية كبيرة تتمثل في »تغيير وظيفة الانتخابات وهنا مكمن الخطر«، موضحا في ذات السياق على أن طريقة التصرف اليوم، تذكي تحييد الطابع الديمقراطي في ممارسة السياسة، فعوض أن تكون الانتخابات توسيعا للوعاء الديمقراطي وإقرارا للتمثيلية السياسية يحدث العكس بفعل تدخل المال الحرام وتقوية نفوذ اللوبيات المرتبطة به وبمراكز قوة خارج القانون كالمهربين الكبار…
وأبرز مدير النشر والتحرير لجريدة “الاتحاد الاشتراكي” ، أن إغلاق الحقل السياسي بهذا الشكل يجعل التعبيرات السياسية تعيش ظروفا صعبة ومنافية للتنافس الشريف والتمدد والانتشار، ويساهم في تبخيس وقتل السياسة وهيئات الوساطة، ما يجعل هوامش المجتمع لا تتحرك في الاتجاه الصحيح ويفتح المجال لسلط تحكم مزيفة أخرى كالأموال والمخدرات …. مؤكدا في نفس الوقت على أنه حين يكون التغول السياسي، يكون تآكل السياسة، وفي ذلك خطر على الديمقراطية والبلاد.
وبالرغم من ذلك، يشدد عضو المكتب السياسي، بحكم أن حزب الاتحاد الاشتراكي سليل مدرسة النقد والنقد الذاتي، على ضرورة المحافظة على تشاؤم الفكر وتفاؤل الإرادة في السياسة ومسار الإصلاح، رغم مناهضة السياسة.
في كل حنين حادثة سياسية

في مستهل عرضه عبر القيادي الاتحادي عن سعادته بتواجده بمكان من أمكنة الذاكرة وأحد الأمكنة التاريخية في صناعة التاريخ السياسي للحزب، معبرا عن شعوره بارتياح العودة والحنين، ولكل حنين حادثة سياسية، بالعودة لمقرات الاتحاد الاشتراكي، وقال، “لم أعرف أن أكون غير اتحادي حتى أموت«”، مشددا على أن عنوان العرض الذي تم اختياره من طرف الأجهزة الحزبية الجهوية والإقليمية، يندرج في إطار الجدلية التاريخية في الحزب، الذي كان دائم الربط بين مقومات الراهن السياسي وآفاق العمل التنظيمي، حيث تم التعود على أن »التنظيم بدون رؤية سياسية يكون أعمى ( أو غير كايضهصص) والسياسة بدون تنظيم تعد عرجاء«. ولذلك يقول المحاضر، »حرص الاتحاديون على تملك الأفق السياسي ووجود أداة تنظيمية حاملة لهذا الأفق السياسي«.
الخروج من التجريبية التنظيمية

وسجل جماهري، بهذه المناسبة، على أن الحزب خرج من» نوع التجريبية التنظيمية التي كان يعيشها سابقا بعد المؤتمرات الوطنية الكبرى، والتي كان يتلوها نوع من المعارك والروح الصعبة المراس في تدبير الخلافات، مستشهدا بما يجري اليوم من دينامية تنظيمية في ترأس الكاتب الأول للمؤتمرات الإقليمية بالحسيمة برشيد والدار البيضاء التي كانت صعبة على طول تاريخ الحزب.
وذكر جماهري أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حافظ على وجود تضمَّن ثلاثة مقومات ذات مشروع وطني، أولا كامتداد لحركة التحرير الوطنية، وثانيا كحركة اجتماعية يجعله في كل منعطف ومرحلة في صدارة المدافعين غن الطبقات الاجتماعية، وثالثا، كحركة سياسية ممتدة في الزمن السياسي والجغرافي بالرغم من السعي لتقزيم دوره بحجة تراجع الاشتراكية في العالم، مبرزا أن الحزب حافظ على الاستمرار الجغرافي البشري وقدرته على تجديد قطاعاته الشبيبة والنسائية ثم القطاعات المهنية والسوسيو مهنية.
القضية الوطنية كمنطلق
في التحليل السياسي

أكد عضو المكتب السياسي لحزب الوردة أن القضية مادامت مطروحة فإن المغرب لايزال مستمرا في معركة التحرير، وهذه القضية لن تطوى إلا بعد أن تطوى في أروقة الأمم المتحدة، بالرغم من أنها قد انتهت ذهنيا لدى الأوروبيين والإفريقيين والعرب، لكن لابد أن تنتهي في الأوراق ومنظمة الأمم المتحدة.
وذكر اجماهري بكرنولوجيا الأحداث التاريخية التي عرفتها القضية الوطنية في منظمة الأمم المتحدة بداية بإقبار أسطورة الاستفتاء وانتهاء حكايتها منذ 2007. مرورا بانتقال الصراع إلى صراع إقليمي لم يعد الأفق فيه “دولة مستقلة” بل أصبح الحل المطروح ذو المصداقية هو حكم ذاتي تحت السيادة المغربية، الذي يحظى بمساندة دولية قوية في الواقع، وصولا إلى فتح جبهة جديدة ضد المغرب تمثلت في حقوق الإنسان ومحاولات توسيع اختصاصات “الميرونسو” لمراقبة حقوق الإنسان بالصحراء، وفي آخر المطاف حسم المغرب هذا الصراع السياسي والدبلوماسي وتم تتويجه مؤخرا برئاسة مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، في الوقت الذي كان الخصوم يسعون، من خلال هذه الورقة الحقوقية، إلى استصدار قرار أممي عقابي ضد المغرب.
إلى هذا، أكد جماهري أن البند التحرري لا يزال حاضرا، ما دامت الجزائر تسعى إلى جعل المغرب جزيرة يحيط بها التراب، وآخر مؤامراتها ما أقدمت عليه بخصوص ما سمي “بتمثيلية للريف بالجزائر ” ، محذرا في هذا الإطار من أن هناك من يريد أن يتكرر سيناريو الصحراء بالريف، مسجلا أن الجزائر تواصل المشروع الفرانكاوي الاستعماري في الوقت الذي أصبحت إسبانيا تتحرر من هذا المشروع المتجاوز.
مراجعة المدونة
ومواجهة التحديث

اعتبر عضو المكتب السياسي للحزب أن هذا الملف ملف حيوي وامتحان حقيقي لقوى الحداثة والتقدم في مواجهة قوى الجمود والتقليد والمحافظين بكل أصنافهم، مذكرا بما وقع في سنة 2004 حين تم تعديل مدونة الأسرة، وما شهد ذلك من صراع وشق في المجتمع.
واستغرب جماهري الموقف الذي تتخذه الحكومة وأطرافها إزاء النقاش الدائر حول مراجعة المدونة، في الوقت الذي تشهد المعارضة صراعات قوية بين أطرافها، مؤكدا أن المبادرة السياسية القوية جاءت من حزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية لرفع السقف بهذا الخصوص.
عجز الحكومة
في تنزيل التوافقات

وبالموازاة مع ذلك، أكد عضو المكتب السياسي أن هناك عجزا كبيرا لدى الحكومة في تنزيل التوافقات منها مدونة الأسرة التي راكمت توافقا منذ عشرين سنة، والتوافق الثاني المتعلق بتنزيل الدولة الاجتماعية، وذكر المتحدث ذاته، أن عددا من المؤشرات تظل مع ذلك، أول شيء يهدد الدولة الاجتماعية، كالتشغيل بحيث سجل نسبة كبيرة 13,7 % ، بالإضافة إلى ملف التقاعد، وطبيعة تدبير الحوار الاجتماعي ومأسسته باعتباره لم يعد تكميليا بل مكونا أساسيا للتعاقدات التي تنبني عليها الدولة الاجتماعية.
وعبر جماهري عن تخوفه من أن يقع للدولة الاجتماعية ما وقع لدستور 2011، خاصة أن هناك من يناهضها حينا، وذكر في هذا الباب أن رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران كان يحرص على تطبيع علاقته مع الدولة على حساب ما جاء في المقتضيات الدستورية، وبالتالي يقول، جماهري، خسرنا تنزيل الدستور.
وشدد على أن سقف الإصلاح من الضروري تنزيله، بالرغم من أن هؤلاء المنفذون لم يؤمنوا بالدولة الاجتماعية، مستغربا في نفس الوقت أن الاتحاد الاشتراكي يعيش نوعا من الغربة، حيث أنه هو المدافع عن الإصلاحات إلا أنه لم ينجح في الانتخابات، ومن لم يدافع عنها هو من يفوز بها.
الاتحاد الاشتراكي
وتملك الأفق السياسي

أكد جماهري أن الاتحاد الاشتراكي هو الحزب الوحيد الذي له تصور عن الدولة قبل 2011 وما بعدها، وله عرض سياسي، مشيرا إلى أن كل جولات الكاتب الأول للحزب الأخيرة تؤكد على ضرورة الإصلاح وصياغته، وإيجاد الإطار السياسي له. واليوم الاتحاد بصدد العمل على قيام جبهة مجتمعية معارضة وشرع في ذلك مع حزب التقدم والاشتراكية.
كما دعا القيادي الاتحادي إلى إصلاح القوانين الانتخابية، مطالبا بالخروج من التجريبية السياسية التي طالت، ولابد من أن تكون قواعد اللعب السياسية للانتخابات واضحة.
الحكومة ليست متغولة
على قوة التعيين

شدد جماهري على أن الانتخابات أحد الأدوات لعقلنة التعيين، ولعل من أبرز عناوين ذلك الشراكة الدستورية في التعيينات بين ملك البلاد ورئيس الحكومة، وأيضا دسترة التعيين ولكن ليس على حساب التمثيلية، مؤكدا في هذا الصدد على ربط قوة مؤسسات الحكامة وقوة الانتخابات، وأن الأوان قد آن لتكون ذات موضوع.
وسجل جماهري أن أحد مفارقات التغول السياسي أن الحكومة ليست متغولة أمام قوة التعيين، وهناك ضعف كبير في سلطة الانتخابات وضعف الحكومة إزاء هيئات الحكامة.
وأكد عضو المكتب السياسي أن دستور 2011 لم يكن تكتيكا سياسيا، فهذا خيار للدولة ويجب أن تستمر الدولة الإصلاحية وتخليق الحياة السياسية، متسائلا كيف ضعفت التمثيلية السياسية لفائدة الفساد والمخدرات؟ مبرزا أن الخطأ أو الخطر ليس في من قام بالفساد لكن الأخطر في من يعطيه المظلة السياسية أو الدينية!


بتاريخ : 11/03/2024