المخرج محمد اليونسي: السينما المغربية قطار وضع في السكة الصحيحة، لكن دون سائقين محترفين

مرحبا بالضيف الكريم المخرج المغربي محمد اليونسي مخرج فيلم “دقات القدر”، في البداية قدم نفسك للقراء؟

محمد اليونسي مخرج مغربي من مواليد مدينة فاس، بعد التخصص في المجال المسرحي كمنتج وممثل، حيث أسست أول شركة إنتاج تشتغل بالمسرح آنذاك، وبعدما حصلت هذه الشركة على الدعم والترويج لثلاثة سنوات مثثالية، اتجهت لدراسة تقنيات كتابة السيناريو، من أجل دخول عالم السينما السحري الذي كنت دائما أحلم به وأنا أتابع أي فيلم أشاهده عبر الشاشة الكبرى بكل قاعات السينما بمدينة فاس، التي كان عددها أربعة عشرة سينما حينها، وبعدما أخرجت أكثر من تسعة أفلام شرائط قصيرة وبعض الأعمال الوثائقية، اتجهت لإخراج الفيلم الطويل “ألو 15″، بإنتاج خاص، فكانت بداية ولوج العالم الاحترافي بهذا العمل الكوميدي، الذي لقي صدى كبير عند جمهور قاعات السينمائية بالمغرب.

 كم عدد الأفلام التي قمت بإخراجها؟

عدد الأفلام التي أخرجتها تفوق ثلاثة عشرة فيلم، منها تسعة أفلام قصيرة، وأربعة أفلام طويلة، بدأت بفيلم كوميدي “ألو 15″، ثم فيلم “بن إكس”، ثم فيلم “الوشاح الأحمر”، وأخيرا وليس أخيرا فيلم “دقات القدر”.

من أين نشأت لديك فكرة فيلم “دقات القدر”؟

فكرة فيلم “دقات القدر” لم تأت منفردة كنتيجة إرهاصات أو حلم أو صرخة، وإنما هي ولدت داخل مشروع سينمائي، كانت بدايته مع فيلم “الوشاح الأحمر”، وسيليه الفيلم القادم ليغلق باب هذه الثلاثية، لذلك أعتبر فكرة فيلم “دقات القدر” لبنة أساسية داخل هذا المشروع السينمائي الذي يغني الخزانة السينمائية المغربية بتوثيقه لأحداث مهمة من تاريخ المغرب، والتاريخ المشترك مع جيرانه الجزائر وإسبانيا، في فيلم “الوشاح الأحمر” يوثق لمرحلة ما بعد حرب الرمال بين المغرب والجزائر، والجريمة التي قامت بها السلطات العسكرية آنذاك بطرد أكثر من 350 ألف عائلة مغربية ليلة عيد الأضحى، أما فيلم “دقات القدر” فهو يوثق للجريمة النكراء التي قامت بها السلطات الاستعمارية الإسبانية المدعومة آنذاك بالتيكنولوجية الألمانية في إبادة الشعب المغربي بأحدث اختراعاتها، ألا وهي الغازات السامة، لذلك فهذا الحدث يعد أول جريمة من نوعه في التاريخ، لذلك وثقته من خلال فيلم “دقات القدر”.

 أغلبية الأفلام العالمية التي تحصد جوائز الأوسكار، يكون فيها المخرج هو نفسه السيناريست، ما سبب نجاحات هذه الأفلام؟

كتابة السيناريو من الركائز الأساسية في الصناعة السينمائية، بل يعد من أول الخطوات الإبداعية في هذه الصناعة، لذلك فدوره مهم في نجاح أي فيلم، وأقرب الناس أو المبدعين لإنجاح هذه الخطوة هو المخرج، طبعا إن كانت له القدرة والموهبة على الكتابة، لأن المخرج هو المختص الوحيد الذي يجاري جميع المراحل لهذه الصناعة، فتجده ملم بجميع التفاصيل الإبداعية والإنتاجية لكل مراحل إنتاج أي عمل سينمائي، لذلك فأغلب الأفلام التي تفوز بالجوائز الكبرى تكون أغلبها من مخرجين كتاب السيناريو، وهذا لا ينقص طبعا من كتاب السيناريو أو المخرجين الغير كتاب السيناريو، فلكل دوره داخل هذه المنظومة الصناعية والإبداعية.
هل تميل إلى أن تكون نفسك كاتب أفلامك؟
هي ليست قاعدة أنصح بها أحدا، أو ميزة أود التباهي بها، إنما هي ضرورة لاختيار أشتغل عليه حاليا، فالمشروع السينمائي الذي تبنيته، يتطلب العمل المتواصل والرؤية الموحدة، بحيث تنتقل من فيلم إلى آخر بنفس التصور العام لكن برؤى مختلفة، وهذا ما لن يتوفر إلا في الشخص المبدع نفسه، لذلك فأنا حاليا أميل لأكون كاتب أفلامي، أما بعد هذه الثلاثية فيمكن أن أشتغل على سيناريوهات الكتاب الأخرين.

 حدثنا عن فيلمك الأخير “دقات القدر” الذي يتم إعادة عرضه الآن في قاعة السينما؟

فيلم “دقات القدر” من الأفلام التي تتحدث عن التاريخ وليست من نوع الأفلام التاريخية، ففيلم “دقات القدر” يوثق لمرحلة حرب الغازات التي شنتها القوات الإستعمارية الإسبانية بشمال المغرب ما بين 1921، و1925، حيث أبيدت به الأرض قبل الإنسان، وما زال سكان هذه المنطقة يعانون من آثار الأمراض السرطانية التي تسببت به هذه الغازات السامة إلى الآن، كما أشار إليه الفيلم من بدايته إلى نهايته بطريقة غير مباشرة ومن خلال زوج “توضا” البطلة، الذي يعاني من هذا المرض، الذي لم يكن معروفا حينها، لذلك فستجد فيلم “دقات القدر” يحكي لنا هذه القصة من خلال عيون امرأة تعاني وتكافح آثار هذه الغازات السامة التي خلفتها بالمجتمع، كما تعاني من تقاليد هذا المجتمع نفسه.
ماذا يعني لك أن تكون مخرج سينمائي؟
أن تكون مناضلا، أن تكون لك غيرة على الإنسان والإنسانية، أن تكون لك رؤية شاملة على العالم، أن تكون لك أفكارا وتفضل تقاسمها مع الآخرين عوض أن تحتفظ بها لنفسك، فهو مخطئ من يظن أنها صفة امتياز، إنما هي مسؤولية تحمل همومها ليل نهار.

 ماهي الصعوبات التي تواجه المخرج في المغرب؟

هي صعوبات كثيرة يصعب حصرها في سؤال واحد، لكن سأحاول تسليط الضوء على أهمها فقط، وعلى رأسها غياب القاعات السينمائية، وغياب التمويل الذاتي والخاص، وغياب مجموعة من مراحل الإنتاج الضرورية للفيلم، كالكتاب المحترفين “ليس كتاب القصص”، والفوضى التي تعم كل اختصاصات صناعة الفيلم من التقني إلى الممثل إلى المخرج نفسه، غياب سياسة الاعتراف، وهذا غيض من فيض فقط.

كيف ترى الساحة السينمائية في المغرب من وجهة نظرك؟

هو سؤال عام، لكن لكي أكون منطقي مع نفسي، وكما أصرح دائما، قطار السينما المغربية وضع على السكة الصحيحة، بتجهيزاته العصرية، وبتقنييه المتمرسين، وبممثليه المحنكين، وبمخرجيه المملوئين بالأمل والأفكار، لكن بدون محطات “قاعات سينمائية”، وبدون سائقين مغامرين ومحترفين “منتجين خواص”، وبدون مراقبين أكاديميين ومتمرسين “قانون تنظيمي حقيقي”، وبدون بنزين كافي “ميزانيات محترمة” لن تتحقق الانطلاقة المرجوة، وسنبقى نعيش دائما تلك المرحلة ونتغنى بإنجازاتها، بينما العالم من حولنا يبحث استغلال تقنيات سرعة الضوء.
هل من الضروري دراسة الفن؟ وهل الابداع يدرس؟
لو لم يكن للعلم ضرورة لما أصبح الإنسان ما هو عليه، لذلك فالدراسة الأكاديمية ضرورة لا غنى عنها، حيث بها تقنن قدراتك، وبها تنير طريقك، وبها تكتسب خبرة الآخرين، وبها تختصر وقت التجارب، كما بها تتفادى أخطاء الآخرين، كل هذا تكتسبه عن طريق الدراسة سواء للفن أو لكل المجالات، لكن أن تصبح مبدعا بعد تحصيلك للشهادة الأكاديمية فهذا أمر لا يختلف فيه إثنان، فالدراسة زيادة على ما ذكرت تكسبك أدوات الإشتغال فقط، أما أن تجعل منك مبدعا فهذا مرده إلى الموهبة والاستعداد.

ما هي أهدافك المستقبلية؟

أن أصبح سعيدا…
عندما يتحقق جزءا من أحلامي…
عندما أرى بكل مدينة سينما…
عندما أرى الناس تحجز مكانها بالقاعة بأيام قبل العرض..
عندما أرى في عيون الناس الحب لما نصنع..
عندما أرى الفنان وقد تبوأ مكانته بافتخار..

 سؤال الحلقة الاختياري ماذا تعني السينما بالنسبة إليك هل هي فن أم ثقافة أم وسيلة لتحصيل المعرفة أم مجرد أداة ربحية أم وسيلة فعالة للفكر؟

هذا لم يعد سؤال اختياري إذن.. إنما هو اختيار بين الأجوبة المفروضة والموجهة.. لكن سأحاول تركيب جملة مفيدة مع هذه المفردات..
السينما هي فن قبل أن تكون ثقافة، ولم تعد وسيلة لتحصيل المعرفة بل أصبحت وسيلة فعالة للفكر..


الكاتب : حاوره: عبد الرحيم الشافعي

  

بتاريخ : 11/09/2021

أخبار مرتبطة

  اعتبر المخرج الفرنسي من أصل جزائري مهدي بنعلال ، أن المهرجانات ليست نافعة فحسب، بل هي أكثر من ذلك،

تم في حفل اختتام الدورة الخامسة لمهرجان إبداعات سينما التلميذ، مساء الأحد 28 أبريل 2024 بالمركب الثقافي بالحي المحمدي بالدار

  كشفت الجهة المنظمة لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، أن الدورة 25 التي ستقام مابين 27 و29 يونيو 2024 بالصويرة، ستعرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *