المضاربة والجفاف يرفعان أسعار الأغنام إلى مستويات قياسية بأسواق سيدي بنور

«الأسر الدكالية» وقفت مكتوفة الأيدي أمام هذا الوضع

 

تتباين تبريرات الكسابة ومربي الماشية بشأن ارتفاع أسعار أضاحي العيد لهذه السنة، وتتباين معها قدرة المواطن على اقتناء كبش للعيد يدخل به الفرحة ويحيي بذلك سنة سيدنا إبراهيم الخليل، بحيث تجاوزت الأسعار هذه السنة كل التوقعات، وهذا راجع حسب البعض الى موجة الجفاف التي اجتاحت البلاد السنتين الماضيتين، وهو ما أدى الى ارتفاع أسعار الأعلاف بكل أنواعها بالإضافة الى ظاهرة المضاربة والسمسرة المتكررة كل سنة.
تعرف أسعار الماشية بأسواق إقليم سيدي بنور، ومنذ عدة أيام، ارتفاعا مهولا وخاصة سعر الخروف والكبش، إذ يزداد الطلب على الكبش «الصردي» المعروف بسمعته على المستوى الوطني، حيث تشهد أسواقه ثلاث سيدي بنور، جمعة امطل، خميس الزمامرة، اثنين الوليدية، اربعاء العونات، أحد العونات … إقبالا كبيرا من مختلف أنحاء الوطن لاقتنائه في مثل هذه المناسبات، وحسب العارفين فإن كبش المنطقة يتوفر على كل الضوابط الشرعية للأضحية وكذا الخصائص التي تميزه عن غيره من السلالات، كما يتميز بقوة بنيته وطول قامته وقرونه وجودة لحمه، ويرجع ذلك إلى طبيعة المنطقة وإلى نوعية غذائه، إذ يعتمد في أغلبها على المراعي الطبيعية، و مواد نصف مصنعة، حيث بلغ سعرها في بعض الأسواق ما يقارب 7500 درهم، أما متوسط الأسعار فقد وصل إلى 4000 درهم.
هذه الطفرة في الأسعار أعادت الأمل إلى فئة الكسابة الذين ضاقت بهم السبل في الأشهر الأخيرة نتيجة الجفاف الذي ضرب المنطقة، وكان سببا في ندرة وغلاء المواد العلفية، فقد وصل سعر القنطار الواحد من الشعير 500 درهم وسعر القنطار من «النخالة 200 الى 250 درهم» وأحزمة التبن التي بلغت مستويات قياسية تجاوزت ال 60 درهما للحزمة الواحدة من التبن، كما شهدت أسعار أعلاف أخرى ارتفاعا مهولا كالشمندر والفول والجلبان والذرة وغيرها ، الأمر الذي خلق معاناة ومصاريف إضافية أرهقت كاهل الكسابة، ودفعت بهم الى البحث عن الكلأ والماء لماشيتهم… وتجدر الإشارة هنا إلى أن الطبقة الوسطى التي يمثلها أغلب الموظفين ظهرت عاجزة أمام ارتفاع أسعار أضحية العيد، فالأجر الذي لا يتجاوز الحد الأدنى ثلاثة ألف دهم يقول أحدهم لا يقدر صاحبه على تلبية مطالب أسرته والعيد معا، فجيوب الكثير منهم اهتزت أمام هذا الغلاء، أما الفقراء الذين ينتمون للفئات الهشة فقد أعلنوا عجزهم بشكل كلّي أمام هذا الوضع.
وتعرف أسعار الماشية بمختلف أسواق إقليم سيدي بنور، إرتفاعا جنونيا وغير مسبوق، هذا قبل أيام معدودة من عيد الأضحى المبارك، فمن خلال زيارتنا الميدانية للسوق الأسبوعي ثلاثاء سيدي بنور إلتقينا ببعض المواطنين الذين يقطنون بسيدي بنور وكذا أولئك القادمين من المناطق المجاورة من أجل اقتناء أضحية العيد، لكنهم صدموا بمؤشر الأسعار حيث أوضح هؤلاء أن أسعار هذه السنة خيالية وغير مقبولة، خاصة بالنسبة للمواطن أو الموظف العادي، فشراء خروف لا يتعدى وزنه 30 كلغ لا يقل عن 2000 درهم في حين أن شراء كبش متوسط لا يقل عن 3500 درهم .
ويمثل عيد الأضحى المبارك مناسبة دينية تثلج صدور العائلات الدكالية التي تتأهب للمناسبة وتعد العدة لاستقبال العيد المبارك وسط جو تغمره الفرحة والابتهاج، يخلقه أفراد العائلة اقتداء بسنة سيدنا إبراهيم الخليل، ولأن لعيد الأضحى طقوسا وتحضيرات تختلف في مظهرها كثيرا عن تلك التي تستعد لها الأسر الدكالية في عيد الفطر، إذ تلجأ هذه الأخيرة إلى الأسواق الشعبية لاقتناء كل ما يلزمها من مستلزمات وحاجيات ليوم الذبائح الموعود بشحذ السكاكين وشراء آلات الشواء كما يمثل العيد مناسبة أيضا لأصحاب الحرف المناسباتية للرفع من دخلهم. و تعتبر الأعياد الدينية من المناسبات التي تحتل مكانة كبيرة في نفوس المواطنين الدكاليين الذين يسعون جاهدين في كل سنة لاستقبالها كل حسب مقدوره، بين من سمحت له ظروفه المادية باقتناء الأضحية ومن لم تتح له الفرصة هذه السنة نظرا لالتزاماته العائلية التي تحول دون ذلك، ولرصد بعض الأجواء التي تطبع الدكاليين اقتربنا من بعض ربات البيوت اللواتي تتأهبن بدورهن للتحضير لهذه المناسبة الكريمة ومن بينهن السيدة سعيدة التي أطلعتنا عن بعض التحضيرات التي تقوم بها في كل سنة بمجرد اقتراب الموعد وبعد شراء كبش العيد الذي يعد أساس المناسبة، وقبيل أيام فقط من اقتراب موعد النحر تقوم كمثيلاتها من النساء الدكاليات على حد تعبيرها بطلاء الحنة على جبين الكبش وهي العادة التي تركها الأجداد وبالتالي لا يمكن التخلي عنها بأي حال من الأحوال، وتضيف أنها تقوم كذلك بالأشغال المنزلية التي تكثر قبيل كل مناسبة كغسل البيت والفراش وتغيير ديكوره أما عن الحلوى فتقول إن الأمر يقتصر على تحضير صنف واحد من الحلوى حتى تستقبل به الضيوف الذين يزورونها في هذه المناسبة الدينية كون هذا العيد عيد ‘’الكبش ‘’ وليس الحلوى.
ومقابل السيدة سعيدة، نجد بعض النساء اللواتي يقمن بتحضير العديد من أصناف الحلوى كون عيد الأضحى مثل عيد الفطر يجب الاحتفال به، بل هناك من يذهبن إلى أبعد من ذلك بشراء كسوة عيد لأبنائهن وهذا حسب شهادات بعض النساء اللواتي يقمن باقتناء مختلف التوابل كالكامون والقرفة والملح والفلفل الأسود وغيرها من التوابل التي تعتمدنها في الطبخ والتي تدخل في تحضير بعض المأكولات التقليدية التي تحضرها العائلات الدكالية، في حين يتجه آخرون إلى اقتناء بعض المستلزمات كشراء الفحم والشواية والسكاكين والسواطير.


الكاتب : أحمد مسيلي

  

بتاريخ : 20/06/2023