المطالبة بإلغاء الوقف المعقب و المشترك لاستغلاله في الاحتيال على حقوق النساء في الإرث

إلغاء الوقف المعقب و المشترك و إنشاء نوع واحد من الوقف هو الوقف العام، تلك أهم توصية خرجت بها الدراسة التي أنجزتها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب حول « الوقف المعقب و التمييز المبني على النوع» التي قدمت نتائجها في ندوة صحفية بمراكش مساء الجمعة 19 فبراير الجاري.
الدراسة التي أنجزتها تطوعا الأستاذة ربيعة الناصري، أوصت أيضا باعتبار كل وقف معقب أو مشترك لاغيا تلقائيا لاعتبارات متعددة، منها تعارضه مع الدستور وممارسة التمييز في حق النساء واستبعادهن من الإرث وتعارضه مع قواعد الإرث نفسه، إضافة إلى أنه يتعارض مع الغاية التي أقر من أجلها الوقف، حيث إنه لا يخدم المنفعة العامة و إنما يتحول إلى أسلوب احتيالي ضحيته النساء.
وتؤكد الدراسة التي قدمت أهم نتائجها الأستاذة نزهة بلقشلة رئيسة فرع مراكش للجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، أن إلغاء الوقف المعقب و المشترك يرتبط أيضا باعتبارات تتعلق بالفعالية والحقائق الاجتماعية، حيث إنه بتعاقب الأجيال تتدهور الأملاك الموقوفة و الأنصبة المستحقة تتضاءل.
وطالبت الدراسة بضرورة تصفية أملاك الوقف المعقب أو المشترك القائمين وإعادة الأملاك للورثة الأصليين، مع إلغاء المقتضى المتعلق بخصم الثلث من الأملاك المصفاة لصالح الوزارة الوصية لتناقضه مع أحكام الإرث، مع حظر التمييز على أساس الجنس في توزيع العائدات المترتبة عن تصفية الوقف المعقب أو المشترك.
و من الخلاصات التي خرجت بها الدراسة أن الوقف العام تراث اقتصادي كبير يمكن استعماله في الميدان الديني أو التصدي للتفاوتات الاجتماعية و الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري للبلاد و ترميمه، كما أنه يمكن تعزيز مساهمة عائداته في مكافحة الفقر و التهميش و تعزيز التنمية و محاربة الهشاشة و تقوية منظمات المجتمع المدني.
وبخصوص الوقف المعقب أو المشترك، تشير الدراسة إلى أنه موجه باعتبارات أبوية وذكورية تهدف إلى إقصاء النساء من الإرث من أجل الحفاظ على ثروة العائلة من خلال تحبيسها على الأعقاب من الذكور، وتتعرض من خلال التحايل القانوني على قواعد الإرث لتمييز مزدوج، عدم المساواة في تقاسم عائداته و إقصائهن من الوقف.
و تعتبر الدراسة في هذا السياق، أن الوزارة الوصية لم تستغل إصلاحات 2010 لإلغاء الوقف المعقب أو المشترك مثلما فعلت دول إسلامية أخرى.
و تؤكد الدراسة أنه إذا كانت الاعتبارات الخيرية و تحقيق منفعة عامة هي الأصل في إنشاء الوقف، فقد أصبح فيما بعد ذا بعد منفعي أيضا، و ذلك بإنشاء الوقف الخاص (الذري و المعقب) و الذي اعتمد كوسيلة لتجنب إخضاع الممتلكات لقاعدة الإرث.
و تعتبر الدراسة أن الوقف كثيرا ما استخدم في المغرب وفي البلدان الإسلامية كأداة قانونية للتحايل على التعاليم القرآنية التي تعترف بحق النساء في الإرث، و كوسيلة لاستبعادهن من هذا الحق بذريعة الحفاظ على الممتلكات العائلية داخل العائلة و حمايتها من التجزئة التي قد تنتج عن زواج من خارج العائلة. و في أغلب الحالات يتم توقيف الأملاك على نسل أو عقب أو ذرية الواقف من الذكور فقط. و في حالة انقراضهم فإن الأملاك لاتعود إلى النساء من ذريته، بل ترجع إلى جهات أخرى و إلى وزارة الأوقاف، الشيء الذي يثبت حسب الدراسة التحايل الذي يقع باستخدام هذا النوع من الوقف.
و يأتي إنجاز هذه الدراسة انطلاقا من قناعة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بأن ولوج المرأة إلى الملكية الخاصة والعقارية عنصر حاسم ورهان رئيسي في تمكينها وتحريرها، حيث تبنت الجمعية قضية مجموعات نسائية في عدة مدن من أنحاء المغرب، اللواتي يطالبن بحقهن في الاستفادة من عائدات الوقف الذي حرمن منه لعدة عقود و أحيانا لقرون.


الكاتب : عبد الصمد الكباص: مكتب مراكش

  

بتاريخ : 22/02/2021