المعاشات المدنية

في إطار دوره التشريعي تقدم الفريق الاشتراكي، منذ منتصف السنة الماضية، بمقترح قانون حول المعاشات المدنية، وجاء في التقديم أن المعطيات الإحصائية تشير  إلى وجود أكثر من 8000 طفل متخلى عنه سنويا بالمغرب، ويثير هذا الموضوع إشكالات حقيقية على المستوى الاجتماعي، لما له من آثار على مستوى الاندماج والتماسك المجتمعي.
وقد تنبهت الدولة إلى هذا الإشكال، فأصدر المشرع ظهيرا شريفا بمثابة قانون رقم 1.93.165 بتاريخ 10 شتنبر 1993 المتعلق بالأطفال المهملين، والذي تم نسخه بموجب المادة 32 من القانون رقم 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين، الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.02.172 بتاريخ 13 يونيو 2001 ). بعدما عمل على مراجعته مراجعة شاملة، وجعله كشكل متقدم لتنظيم عملية الكفالة وتحديد شروطها وآثارها، حماية للأطفال ولمصالحهم الفضلى.
وتشير إحصائيات النيابة العامة إلى وجود أعداد طلبات مهمة يتقدم بها المغاربة من أجل كفالة أطفال متخلى عنهم طبقا للشروط المطلوبة قانونا.
ففي سنة 2020، تم قبول 1223 طلب للتكفل، من أصل 3568 طفلا متخلى عنه خلال نفس السنة، وهذه النسبة هامة أخذا بعين الاعتبار رغبة جزء من المغاربة، لسبب أو لآخر، في التكفل بالأطفال، حيث يساعد نظام الكفالة على تربية ورعاية واندماج جزء كبير من الأطفال المتخلى عنهم، في إطار أسري حميمي.
إلا أنه مع الأسف في حال وفاة الكفيل، فإن القانون الخاص بنظام المعاشات المدنية، حين تنظيمه للمعاش الخاص بذوي الحقوق ( الجزء الثالث من القانون رقم 011.71 المعنون بـ: راتب ذوي الحقوق في الفصول من 31 إلى 38) حرم الأطفال المتخلى عنهم من الاستفادة، لأسباب أهمها أن هذا القانون صدر قبل تنظيم المشرع المغربي لنظام كفالة الأطفال المتخلى عنهم.
وحيث نرى أنه يجب التمييز بين الحق في المعاش، وبين حق الإرث المنظم طبق مقتضيات مدونة الأسرة، إذ أن استحقاق المعاش مرتبط بالحفاظ على استقرار الأسر وضمان الحد الأدنى من المستوى المعيشي الذي كانت تعيشه الأسرة قبل حادث وفاة الكفيل.
إذ أن المادة 31 من القانون المذكور حصرت ذوي الحقوق فقط في الأرملة أو أرامل والأيتام، ومكنتهم من الاستحقاق، في حين أن الأطفال المكفولين في حال وفاة كفيلهم، يسقط عنهم الحق اعتبارا لكونهم أطفالا متخلى عنهم، مما يعرض مصالحهم الفضلى للمساس، ويتم فقد عنصر الاستقرار العائلي والاجتماعي، وقد يعرضهم هذا الحرمان القانوني إلى الضياع والتشرد، بعدما كانوا في وضعية حمائية من طرف الكفيل، ويضيع الشعور بالأمان والطمأنينة داخل أسرة.
وهذا الحرمان يخالف جوهر نظام الكفالة كما نصت عليه المادة الثانية من القانون رقم 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين، حيث اعتبرت «كفالة طفل مهمل بمفهوم هذا القانون، هي الالتزام برعاية طفل مهمل وتربيته وحمايته والنفقة عليه، كما يفعل الأب مع ولده…»، وهذا الالتزام الجوهري يضيع بمجرد منع الطفل الكفيل من حقه في المعاش المخصص لذوي الحقوق، ويتناقض هذا المنع مع كل الامتيازات القانونية التي أقرها المشرع المغربي في قوانين الحالة المدنية ومدونة الأسرة وقانون الجنسية وقانون صندوق التكافل العائلي والقانون الجنائي.
كما أن الانفاق الواجب للطفل المكفول في حياة الكافل، ينبغي حمايته بعد وفاة هذا الأخير، ضمانا لعدم تعرضه لمخاطر اجتماعية، وهو ما يتماشى بشكل مباشر على الغاية من ورش الحماية الاجتماعية.
لذا فإن الفريق الاشتراكي يتقدم بهذا المقترح، الرامي إلى تعديل الفصول من 31 إلى 34  ضمن الجزء الثالث من القانون رقم 011.71 بتاريخ 12 ذي القعدة 1391 (30 دجنبر 1971) يحدث بموجبه نظام لمعاشات التقاعد المدنية، كما وقع تغييره وتتميمه، بهدف توسيع الاستحقاق ليشمل الأطفال المكفولين طبقا للقانون رقم 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين، حفاظا لهم على الحقوق المكتسبة، وتأمينا لاستقرارهم العائلي، وحماية لهم من النكوص وتقدم بالمقترح عبد الرحيم شهيد وباقي أعضاء الفريق الاشتراكي.


الكاتب : م. الطالبي

  

بتاريخ : 27/07/2023