المعهد الفرنسي بفاس يحتفي بـ «النور الهادئ» لموحى الناجي

بدت رواية «النور الهادئ» للكاتب موحى الناجي، في لقاء نظمه المعهد الفرنسي بفاس، بمثابة تكريم لسيرة شخصية عاشت حياتها نشيدا في عشق الانسان والمكان وزرع القيم النبيلة.
أمام نخبة من عشاق الأدب والجامعيين، لم يخف موحى الناجي في تقديمه لروايته الثانية (بالفرنسية)، أنه اختار الكتابة السردية طريقا لتكريم شقيقه، الطبيب البيطري الراحل، الذي غادر مبكرا بعد أن خلف إرثا رمزيا قوامه حس إنساني رفيع، وحب للحياة، وعشق للأدب والفن والسفر.
من سيرة الراحل، اشتق الناجي عنوان الرواية «النور الهادئ»، ذلك أنه رأى مسار «أحمد»، الذي حافظ عليه اسما للشخصية الرئيسية في الكتاب، زرعا متواصلا للنور، وتبشيرا بقيم الانسانية والحب والوحدة العابرة للثقافات.
يحكي النص قصة مغامرة طبيب مغربي تشبه السيرة الذاتية. تروى بأسلوب رقيق وروح الدعابة أحيانا محن أحمد، المولود في قرية صغيرة في سفوح الأطلس المتوسط في قلب أسرة فقيرة، في فترة تسبق نهاية الحماية الفرنسية.
بفضل التعليم والتكوين، وبدون إنكار أصوله الأمازيغية في مغرب ما بعد الاستقلال السريع التغير، أصبح طبيبا. منذ ذلك الحين، بدا كل شيء ناجحا بالنسبة له: حياته المهنية وكذلك حياته الأسرية، حتى ذلك اليوم الحزين عندما أخبره طبيبه أنه يعاني من مرض عضال، حيث يبدأ نضاله الأكبر … من خلال هذا المسار الإنساني، تعود الرواية إلى حقبة كاملة من تاريخ المغرب الحديث، بأفراحها ومآسيها وآمالها وآلامها. كما أن مركزية الشخصية لا تحول دون توسيع الرؤية لتصبح السيرة نافذة على بلد وحقبة وتحولات اجتماعية وسوسيو اقتصادية وقيمية، ولو أن القصة تبدأ من يوميات عائلة بسيطة في قرية تيموليلت بضاحية بني ملال، نشأت متماسكة وسعيدة بنجاح أبنائها قبل أن يضرب الموت بعنف، فيتغير كل شيء.
ولعل الكتابة كانت في هذا السياق خلاصا علاجيا، كما قال حسن إد براهيم، الذي نشط الأمسية، تمسك به موحى الناجي لمداواة التمزق الناجم عن الفقدان، وهو ما لم ينكره الكاتب، بل أقر بدور الرواية في التخفيف من وطأة الألم، ولو أن الاختبار كان صعبا واستنزف منه أربع سنوات لاعتصار التجربة، ومعاندة وجع استرجاع سيرة عزيز مفقود.
مع ذلك، يصر الناجي على أنه لا يتوخى كتابة سيرة بطل، أو بطل مضاد، بل شذرات من حياة شخص عادي.
في اقتفاء أثر أحمد، الطبيب، المسافر، المنفتح على الناس والأماكن، تنقل هذه الرواية المغرب إلى بقية العالم، من أمريكا إلى أوروبا وإفريقيا، تتحدث بلغة القلب والإخلاص واللاعنف وحب الإنسان والأشياء والكائنات في الطبيعة الخلابة للمغرب: الصحراء، الأطلس والريف.
عند التفكير في هذا المصير الاستثنائي لأحمد، يكتشف القارئ عالما كاملا يعيش بحنان وفخر. عالم جميل وشاعري وصادق.
يذكر أن رواية «النور الهادئ» صدرت عن منشورات دار «مرسم» بالرباط ، وهي الثانية لموحى الناجي بعد رواية «زيتونة الحكمة» (2017).
وبالموازاة مع شغفه الأدبي، يعمل موحى الناجي باحثا وأستاذا جامعيا في اللسانيات والدراسات الثقافية. ويرأس مركز جنوب-شمال لحوار الثقافات حيث صدرت له أبحاث في الأمازيغية والهجرة والسياسة الدولية.


بتاريخ : 02/12/2021

أخبار مرتبطة

الأثر الطيب والتأثير المستدام   نظمت حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي، لقاء لتقديم كتاب بعنوان « محمد الحيحي.. ذاكرة حياة»

بايعوه و باعوا له كل شيء وقف جندي بزيه المضمخ دما ليس ليقول : أنا واحد من المليون شهيد بل

أعلنت جائزة غسّان كنفاني للرواية العربية التي تنظمها وزارة الثقافة الفلسطينية عن الروايات المرشحة للقائمة الطويلة بدورتها الثالثة للعام 2024،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *