المعهد الفرنسي بفاس يستأنف عروضه السينمائية بفيلم «بابيشا» الجزائري

تابع جمهور نوعي، مساء الخميس 8 يوليوز الجاري بحديقة المعهد الفرنسي بفاس، فيلم المخرجة الفرنسية – الجزائرية مونيا مدور « بابيشا « (2019) الذي تتمحور أحداثه حول طالبة جزائرية ( نجمة ) تحلم بأن تصبح مصممة أزياء و تفلح بمساعدة صديقاتها في تنظيم عرض لزي الحايك داخل حي جامعي للبنات، رغم المضايقات وعقليات التشدد الديني التي سادت الجزائر في تسعينيات القرن الماضي ( العشرية السوداء ) و رغم ما كلفها ذلك من تخريب و تقتيل من طرف الظلاميين.
و قد استهل الصديق إبراهيم زرقاني، المكلف بالتنشيط الثقافي بالمعهد المذكور، عرض هذا الفيلم بكلمة مركزة رحب من خلالها بالحاضرين من متتبعي الأنشطة السينمائية لمعهد فاس، معلنا عن عودة العروض السينمائية بهذا الفيلم، الذي سيتلوه في الخميس القادم عرض لفيلم تونسي، و ذلك بعد توقف اضطراري فرضته جائحة كورونا. كما عرف باقتضاب بفيلم «بابيشا» و مخرجته و تمنى للحاضرين فرجة ممتعة.
يمكن اعتبار فيلم « بابيشا « (110 د) انتصارا لنضالية و استقلالية المرأة الجزائرية و رفضا لكل القيود المكبلة لحريتها و قدراتها الإبداعية و المكرسة لدونيتها و الحائلة دون تحقيقها لذاتها، بما في ذلك بعض العادات و التقاليد و التأويلات الدينية المغرضة، كما يمكن اعتباره أيضا نوعا من الاستمرارية لسينما الراحل عز الدين مدور ( 1947- 2000) و أساسا لفيلمه الروائي الرائد « جبل باية « (1997 )، و هذا الأخير هو والد المخرجة مونية مدور، الذي تحمل اسمه إحدى جوائز مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط و هي جائزة العمل الأول.
و من غريب الصدف أن فيلم « بابيشا «، الذي فاز بمجموعة من الجوائز هنا و هناك، لا يزال ممنوعا من العرض بالقاعات السينمائية الجزائرية ( ؟؟؟ )، في حين تم عرضه ببعض القاعات المغربية. كما أن السلطات الجزائرية لم ترخص لحد الآن لمخرجته بتصوير فيلمها الروائي الطويل الثاني ببلدها الأصلي، الشيء الذي دفع بها إلى اختيار المغرب فضاء لتصوير أحداثه.
ما أثارني في هذا الفيلم، و هو إنتاج فرنسي – بلجيكي – قطري، هو تلقائية و قوة أداء بطلته الممثلة الشابة لينا خدري، حيث نجحت مخرجته إلى حد كبير في اختيار مكونات الكاستينغ، الذي يجمع بين ممثلات و ممثلين شباب ( خالد بنعيسى ) و مخضرمين ( نادية قاسي ) و رواد ( أحمد بنعيسى )، و إدارتهم بشكل مقبول.
لا يخلو هذا الفيلم الروائي الطويل الأول لمونيا مدور، المزدادة بموسكو يوم 15 ماي 1978 من أب جزائري و أم روسية، من نقائص على مستوى تماسك بنائه الدرامي و وضوح رؤية مخرجته، كما لا يخلو من توابل اعتادت بعض الأفلام العربية و المغاربية بشكل خاص على إقحامها إرضاء للعين الأوروبية أو الغربية عموما. لكنه بشكل عام فيلم مقبول نظرا للجهد الإبداعي المبذول في إنجازه على مستويات عدة.
تجدر الإشارة إلى أن مونيا مدور اختيرت عضوة في لجنة تحكيم مسابقة « نظرة ما « بالدورة 74 لمهرجان كان السينمائي ( 6- 17 يوليوز 2021 )، و قد سبق لها سنة 2019 أن شاركت بفيلمها هذا في نفس المسابقة ( الدورة 72).


الكاتب : أحمد سيجلماسي

  

بتاريخ : 14/07/2021