المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  -46- مغربي يرفع دعوى قضائية ضد والدته بعدما تزوجها أحد الأمراء

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة .
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

يرى الدكتور حسام محمد عبدالمعطي أن ظاهرة تصارع الأمراء المماليك على الزواج من أرامل التجار المغاربة الكبار،  قد تسببت في شروخ اجتماعية وأسرية في بنية العائلة المغربية بل والمصرية أيضا،فمثلا يضيف،  لجأ أحمد بن أحمد بن محمد العشوبي إلى القضاء للدعاء عل والدته فاطمة بنت محمد مقلب التي تزوجها الأمير خليل بن عبد الله معتوق أحمد أوده  مستحفظان بعد وفاة والده؛ حيث كانت والدته وصية عليه لرفع وصايتها عنه ورفع يدها عن منزله الكائن بالغورية، مما يبين الشروخ القوية داخل الأسرة المغربية من جراء عمليات زواج المماليك بزوجات التجار؛ وهو ما أحدث أزمة اجتماعية كانت تتوازى مع الأزمات السياسية والاقتصادية التي كانت تمر بها مصر على أيدي المماليك الأواخر في نهاية القرن الثامن عشر.
الخلاصة يقول المؤلف على ضوء ذلك ،يمكن فهم تزايد عمليات الوقف من قبل النساء في هذه الفترة بمحاولاتهم وقف المحاولات الابتزازية المملوكية لهم ولأولادهم.
عالج الكتاب مسألة الطلاق وأثره في العائلة المغربية، انطلاقا من كون الطلاق كظاهرة هو دليل على أزمة الأسرة والعائلة وتعثر العلاقة الزوجية؛ لذلك فإن فهم ظاهرة الطلاق في المجتمع المصري والأوساط المغربية خاصة هو بمثابة فهم للأفكار والعقليات السائدة إبان هذه الفترة التاريخية؛ ذلك أن الطلاق إلى جانب كونه يخضع أحيانا لنزوات الزوج في مجتمع ذكوري أو لإرادة الزوجين فإنه محكوم أيضا باختيارات العائلات وأمزجتها،ويشير الدكتور حسام محمد عبدالمعطي إلى أن الطلاق في الأوساط المغربية في مصر إضافة إلى أنه نتيجة مباشرة للحياة الأسرية للزوجين فهو أيضا مثل الزواج كان مسألة تهم العائلة وتؤثر في حياتها.
ويعود الكتاب إلى الوثائق المدونة في المحاكم الشرعية والخاصة بالطلاق حيث يرى أنه كان لها طبيعة خاصة، ففي جزء كبير منها تكون المرأة هي التي تطلب اللجوء إلى القضاء، ذلك أن الرجل لم يكن يحتاج المحكمة كثيرا إذا ما كان راغبا في طلاق زوجته. فقد كان بإمكانه فعل ذلك شفهية في حضور شهود عل ذلك فقط،أو كتابة ورقة على نفسه بذلك ولذلك فقد كان جزء كبير من الحالات التي تم تسجيلها في المحكمة تقف فيها المرأة أو أحد وكلائها لطلب الطلاق، وبالطبع يكون الأزواج غير راغبين في الطلاق من أجل التخلص من مؤخر الصداق ونفقة العدة والكسوة وغيرها من الالتزامات المالية، بل  يضيف المؤلف إن بعض الأزواج كانوا يطلبون الأموال، ولذلك فقد كانت أكثر الوثائق المسجلة في المحاكم هي نوع من الحلم أكثر منها طلاق ،حيث توضح سجلات ووثائق هذه الملحاكم أن هذا النوع من الطلاق كان سائدا في المجتمع.
ومن بين حوالي خمس وأربعين وثيقة طلاق لمغاربة لم يعثر الباحث إلا على حالة واحدة
فقط طلق فيها الزوج زوجته دون أن تبادر المرأة إلى طلب ذلك،وهذه الوثيقة هي وثيقة
طلاق الخواجا أحمد بن عبد الخالق جسوس لزوجته خديجة بنت عبد الله معتوقة وزوجة
الخواجا محمد ذوتين؛ حيث قرر الخواجا أحمد جسوس دفع كامل مستحقات خديجة المالية
مؤخر صداقها ونفقة العدة والمتعة والحقوق الزوجية، وهو ما يوضح أن تكرار هذا النوع
من الطلاق في داخل المحاكم كان أقل.


الكاتب : إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 22/06/2021