المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  -57-

المغاربة في الأزهر الشريف

 

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة.
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

يمثل رواق المغاربة في الجامع الأزهر حالة خاصة من العلاقات الثقافية والاجتماعية بين مصر والمغرب،ويرى الدكتور حسام محمد عبد المعطي أن الرواق لعب  دورا هاما في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية داخل المجتمع المصري والمغربي على حد سواء؛ ولعل فهم ذلك يفسر يضيق المؤلف، بروز الدور السياسي لرواق المغاربة خلال القرن الثامن عشر، وهو الدور الذي جاء متوافقا مع بروز دور العلماء داخل المجتمع المصري خلال نفس الفترة أيضا.
ويعترف الدكتور حسام محمد عبد المعطي ،أن الرواق المغربي لم يحظ  إلا بتلميحات قليلة استهدفت في الأساس الإشارة إلى وجوده ضمن نظام أروقة الجامع الأزهر؛  مشيرا في هذا الباب إلى ما كتبه الدكتور  عبد الهادي  التازي عن الرواق المغربي بالأزهر ،حيث ركز  على دور الرواق في دعم العلاقات الثقافية بين مصروالمغرب العربي،وهي إشكالية هامة سوف تطرح أيضا عند تناول الموضوع؛ وقد ركز على دور المغاربة من المراكشيين بشكل أكبر.
ويقر الكتاب بأن الوجود المغربي في الأزهر ظل على امتداد العصر العثماني يشكل ركنا أساسيا من أركان الحياة الثقافية داخل المؤسسة الأزهرية؛ وكان هذا الوجود الثري داخل الأزهر يعود  إلى العديد من العوامل ،وقد حددها المؤلف في  المكانة المتميزة التي حظيت بها القاهرة باعتبارها أهم مركز ثقافي في المشرق العربي خلال العصر العثماني بخاصة في ظل التدهور الذي تعرضت له بغداد في أعقاب الغزو المغولي ودمشق بالغزو الصليبي، وقد أسهم اختلاف اللغة في مركز
الخلافة العثمانية (التركية) في دعم دور القاهرة كمركز رئيسي للفكر والثقافة العربية؛ فتوافد عليها كل طالب علم في العالم الإسلامي ؛ وبخاصة دارسو العلوم الفقهية واللغوية؛ وكانت القاهرة بسبب موقعها الجغرافي ومكانتها العلمية هذه
تعطي فرصة واسعة للعلماء المغاربة من أجل تحقيق الانتشار الواسع فيتعرف عليهم الجميع في المشرق والمغرب،ولعل شهاب الدين المقرئ أوضح مثال على ذلك،
فقد ذاع صيته في جميع أنحاء العالم الإسلامي من خلال مصر، ولاقت كتبه رواجا في الحرمين واليمن ودمشق وبيت المقدس، بل أرسل المغاربة أنفسهم في طلبها.
وتتأكد مكانة القاهرة فيما يتصل بالعلاقات الثقافية المصرية المغربية؛ كما جاء في هذا الكتاب الدراسة،  أنه قلما يعثر
باحث على واحد من عشرات العلماء وطلاب العلم المغاربة الذين رحلوا من أجل الحج إلى الحرمين دون أن يتلقى العلم في أحد مؤسساتها العلمية.


الكاتب : إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 06/07/2021