المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  34 : العائلات الكبرى تعين وكلاء من الأبناء الأصغر سنا لإكسابهم المهارة والحنكة

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة .
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

حرص التجار المغاربة العاملين في التوكيلات التجارية على الحصول على أكبر عدد من التوكيلات من أجل تحقيق أكبر قدر من الأرباح؛ وقدم الدكتور حسام محمد عبدالمعطي العديد من النماذج للعائلات المغرببة، حيث كان محمد الخيفري يتقاضى عن كل قنطار من البن مبلغا معينا العمولة.
بيد أن العائلات التجارية الكبرى كانت تفضل تعيين الوكلاء من داخل العائلة وخاصة من الأبناء الأصغر سنا من أجل إكساب هؤلاء الأبناء المهارة والحنكة في العمل التجاري؛ ففضلت عائلات الرويعي والشرايبي والبناني والعشوني وغيرها استخدام وكلاء من نفس
العائلة ،فمثلا يقول المؤلف، كان الحاج أحمد العشوبي يقيم في حلب من أجل أن يرسل إلى أخيه محمد بن أحمد العشوبي الحرير الخام؛ حيث كان الحرير يجد إقبالاً كبيرا في مصر.
المهام المنوطة بالوكيل محددة ومشمولة بعقد ،وهذا مايتبين من خلال نص أحد عقود هذه الوكالة في المحكمة؛ حيث جاء
كما يلي: «أن ينوب عنه في المطالبة بديونه وحقوقه في مجالس السادة القضاة ونوابهم وفي الحبس والترسيم والملازمة والإخراج والتعويض وفي فعل ما يجوز له من بيع وشراء وسفر وحضور وجعل له أن يوكل من شاء متى شاء وأن يفعل ما له به من الحظ والمصلحة».
هكذا يوضح النص يقول الدكتور حسام محمد عبدالمعطي شارحا،  المهام الكبيرة الي كان يقوم بها الوكيل في المنظومة التجارية.
وفي الوقت ذاته كان هناك نظام المبعوثين التجاريين؛ فكان بإمكان أي تاجر أن يسلم إلى أحد التجار الصغار الذين يثق بهم مبلعًا من المال أو البضائع ليقوم ببيعها في مكان محدد، ويشتري بدلا منها بضائع أخرى،وكان هذا المبعوث يحصل في مقابل ذلك على مبلغ من المال أو يقتسم مع التاجر الأرباح بعد خصم مصاريف الرحلة. هكذا كان بإمكان أي تاجر أن يجد من يرسله في مهام تجارية محددة بالعمولة أو بالنسبة حسب رغبته.
ويؤكد المؤلف، أن العمليات التجارية في مصر العثمانية،تميزت ببروز ظاهرة الائتمان أو البيع والشراء بالأجل والتقسيط ، فقد كانت كل طبقات وفئات المجتمع من أدناها إلى أعلاها تأخذ بنظام الاثتمان هذا من أصغر صاحب دكان إلى أكبر تاجر، الجميع يعيشون على الائتمان.
ويشدد الكتاب على أن  مهلة السداد التي يقدمها ويتلقاها كل تاجر إلا نوع من الاقتراض ولكن بدون فائدة ،وكانت ميزانية كل تاجر تتضمن إلى جانب المخزون السلي؛ ما له من ديون وما عليه من دين، وبالطبع فالحكمة تقتضي من كل تاجر الحفاظ عل التوازن ولكنها لا تفترض يقيئا الانصراف عن هذا الشكل من المعاملات فلو توقف الائتمان لاختئق السوق. فالواقع الذي تؤكد عليه الوثائق هو أن ما لا يقل عن  مبلغ معين من الصفقات الكبيرة بين التجار لم يكن الدفع فيها فوريّا بل كانت يتم بالائتمان، فكان الطرفان يتفقان على ميعاد لسداد باقي ثمن الصفقة أو تسديده على أقساط؛ المهم أن يحدَّد ميعاد يناسب الطرفين بالطبع للسداد.


الكاتب : إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 08/06/2021