المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر 47-  المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر 

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة .
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

يعترف الدكتور حسام محمد عبدالمعطي أنه ليس من السهل الوقوف على أهم أسباب الطلاق في مجتمع كانت تسيطر فيه قيم مختلفة لا تبيح ذكر هذه الأسباب بوضوح مثل الأمراض الخطيرة المعدية والأمراض الجنسية والعقم وغيرها،ولكن كان غياب الزوج وسفره أكثر الأسباب لدى نساء التجار المغاربة لطلب الطلاق،وكان من حق الزوجة التي خلعت زوجها بسبب الغياب عنها وعدم النفقة عليها أن تأخذ من زوجها أو حتى من تركته حق النفقة عليها المدة التي غاب عنها وأن تأخذ مؤخر صداقها؛  يقول الكتاب، إن محبوبة بنت عبد لله الحبشية معتوقة وزوجة الحاج محمد بن عبد السلام بن يحيى طلبت فسخ عقد زواجها من الحاج محمد بسبب سفره إلى الحجاز وتركه لها بدون نفقة؛ وعندما توفي محمد في الحجاز أقر لها القاضي بنفقتها سنتين غيابه عنها ومؤخر صداقها.
ويرى الباحث أن  سوء المعاملة والعنف الجسدي المتكرر من قبل الزوج كان من العوامل التي تدقع بالزوجة إلى طلب الطلاق. فمثلا ذهبت إحدى النساء إلى القاضي ومعها زوجها وطلبت من زوجها أن يشهد على نفسه، أنه إذا ضربها ضربا مبرحا ظهر أثره لى جسدها وحضرت إلى القاضي وأعلمته بذلك وثبت ذلك عليه؛ كانت طالقا منه وأقر الزوج بذلك أمام القاضي، كما أن الزواج بأخرى كان يؤدي بالزوجة إلى طلب الطلاق خاصة إذا كان ذلك أحد شروط عقد الزوجية . هكذا يعكس نص الوثائق أن العقد كان شريطة المتعاقدين ولو حتى بالشفهية والشهود في بعض الأحيان.
ويقول الكتاب، إذا كان زواج الأقارب عاملا مهما لتدعيم العائلة وترابطها ،فإنه يكشف أن  طلاق الأقارب كان يحمل بذورا قوية للفشل العائلي؛ حيث كان يتسبب في شروخ عميقة في العلاقات العائلية، كانت تؤدي غالبا إلى حالة من التنافر داخل بنيان العائلة، ويطرح كمثال على ذلك  طلاق أحمد بن الخواجا عبد لله محمد الشرايبي الكبير لفاطمة بنت الخواجا محمد الدادي الشرايبي،حيث كان  أحد العوامل التي أسهمت بقوة في سوء العلاقة بين آل الشرايبي ولجوئهم إلى المحاكم لفض الشركة بينهم.
ويكشف كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر «أن حياة التجار كانت في التنقل والترحال بين مدينة وأخرى ومنطقة وأخرى قد تطول أو تقصر حسب ظروف كل تاجر  ،شكلت دافعا لها على طلب الطلاق بخاصة إذا تركها بدون نفقة،ويذهب الدكتور حسام محمد عبدالمعطي إلى القول، إن بعض الزوجات اشترطن في عقود زواجهن عل أنه إذا سافر أزواجهن بدون رضائهن كن طالقات؛ وكمثال على ذلك، عزيزة ابنة الحاج سعيد بن عبد لله العياشي المغربي عند عقد قرانها على الخواجا يحيى بن عبد العزيز بن عبد الرحمن المغربي الجربي التاجر بسوق طولون اشترطت عليه أنه إذا سافر بغير رضاها إلى بلاد المغرب وسافر وتركها أربعة أشهر بلا نفقة كانت طالقا منها، وكان من حق الزوجة التي غاب زوجها عنها أن تلجأً إلى قاضي الشرع مع شهود على غيبته وتركه لها بلا نفقة فيأمر القاضي بطلاقها إذ صح ادعاؤها.


الكاتب : إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 23/06/2021