المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  -55-

 المغاربة أنشأوا مؤسسات ذات أثر نفعي عام مثل المساجد وغيرها أعطتهم اسما وشهرة قوية داخل المجتمع المصري

 

“المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة.
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

كانت رغبة التجار المغاربة في الظهور كشخصيات عامة في المجتمع المحيط بهم عاملاً مهما وفق ذات الدراسة،  في تفعيل دورهم في التنمية العمرانية والحضرية في مصر؛ حيث كان إنشاء مؤسسة ذات أثر نفعي عام تعطيهم اسما وشهرة قوية داخل المجتمع، كما أن إقامة التجار المغاربة لمثل هذه المنشآت وخاصة الخيرية منها.
كما أن المساجد والكتاتيب كانت تساعدهم على الاندماج في داخل بنيان المجتمع المصري.
ومن أجل كل هذه العوامل؛ فقد اهتم التجار المغاربة بالاستثمار العقاري بصورة كبيرة فتوضح المخلفات العقارية للمغاربة مدى ضخامة المؤسسات العقارية التي كان يمتلكها هؤلاء التجار؛ فآل الشرايبي يقول الدكتور حسام محمد عبدالمعطي،  ترك لهم الخواجا قاسم الشرايبي عند وفاته في  أكثر من خمسين منشأة عقارية في القاهرة وجدة ومكة منها وكالة الحمزاوي وهي واحدة من أكبر وأهم وكالات القاهرة خلال العصر العثماني، ووكالة عباس أغا بالجمالية ووكالة أزبك بالأزبكية ووكالة العسلي الشرايبي بالغورية وحمام الشرابي وحمام شرف الدين؛ وحمام القابودان، إضافة إلى مصبغة وعدد من الطواحين وغير ذلك من العقارات.
وقد بلغت القيمة الإجمالية للعقارات والمنشآت التي خلفها قاسم الشرايبي حوالي أحد عشر مليون بارة،وكان الاستثمار العقاري في مثل هذه المنشآت السكنية محتكرا للتجار؛ حيث كانت هذه الوحدات السكنية المنخفضة القيمة الإيجارية محل نظر الغالبية من أهالي القاهرة والوافدين عليهاء نظرا لقدرة الغالبية العظمى من السكان على إيجارها،وقد اهتم التجار المغاربة بهذه النوعية من الاستثمارات فأقاموا العديد من الرباع أو الوكالات الكبيرة وشيدوا فوقها المساكن والرباع أيضا.
يكشف الكتاب أن النصف الثاني من القرن الثامن عشر أن التجار بصورة كبيرة  عملوا عل على  تنمية ثرواتهم العقارية بسبب عمليات المصادرات الواسعة التي كان يقوم بها المماليك الأواخر؛ فعمل التجار المغاربة على شراء عدد كبير من المنشآت العقارية للمحافظة على ثرواتهم؛ وقاموا بوقفها،كما أن عددا كبيرا منهم فضل توزيع أملاكه على عدد كبير من المنشآت، فكانوا يمتلكون ويمولون إنشاء منشآت بأنفسهم  وحصص معينة في الوكالات والمنشآت الكبيرة؛حيث كانت كل منشأة تقسم إلى أربعة وعشرين سهما «قيراط». وكانت عائلة ذكري الفاسية مثالا جيدا لذلك فقد كان الخواجا محمد المهدي بن محمد بن ذكري يمتلك عند وفاته  ثمانية أسهم في معصرة للزيت في بولاق وسهمين في حمام الشرابي وسهمين في وكالة الشرايبي وقيراطين في مصبغة بخط البندقيين وقيراطين ونصفا في حمام شرف الدين وغير ذلك أيضا.


الكاتب : إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 03/07/2021