المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  63 : العائلات الثرية تتصاهر مع العلماء من أجل الوجهة الاجتماعية 

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة.
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

عندما يجد المجاورون من المغاربة   فرصة للعمل في مصر غالبا وفق الدراسة، ما كانوا يتزوجون في مصر ،إذا لم يكونوا متزوجين، فكانوا يتجهون بأبصارهم أولا إلى العائلات المغربية المستقرة في مصر ليتزوجوا من إحدى بناتها وعلى الرغم من فقر أغلب هؤلاء المجاورين فإن العائلات الثرية كانت تجد في مصاهرة هؤلاء العلماء فرصة جيدة من أجل الوجهة الاجتماعية؛ وكمثال على ذلك، يقول الكتاب، إن الشيخ أحمد بن نور الدين علي السقاط تزوج من كاتبة بنت أحمد المهلهل، كما صاهر هؤلاء
المجاورون والتجار المغاربة العائلات المصرية العريقة وبخاصة المالكية في مصر؛ فمثلا تزوج الخواجا محمد بن عبد الخالق البناني من نفيسة بنت الشيخ أحمد اللقانيا؛ والشيخ
أحمد بن عبد العزيز الشرفي شيخ رواق المغاربة تزوج من كاتبة بنت الخواجا مصطفي بن زويتة وكان من أعيان تجار سوق الجملون بيد أن ابنة الشيخ أحمد بن أحمد بن عبد العزيز الشرفي الذي نشأ وتربي في مصر تزوج من صفية بنت الشيخ إبراهيم الزرقاني المالكي وكان من كبار الفقهاء المالكية في مصر.
وعن التكوين الإداري للرواق تقول الدراسة،  فقد كان على رأس الجهاز الإداري للرواق المغربي شيخ الرواق، وكانت مهامه وسلطاته واسعة عل الطلاب المجاورين في الرواق، فكان عليه رعاية شئونهم،وكان يقرر من يسكن في غرف الرواق،ويحدد من يتلقى الجراية والرواتب النقدية؛ كما كان يفصل بين أهل الرواق في أي خلافات قد تقع بينهم؛ إضافة لتعيينه للمشايخ الذين يدرسون بالرواق؛ وترتيب أوقات تدريسهم وقيامه بالتدريس لطلاب الرواق، وكان مسؤولا عن النظام والنظافة داخل الرواق، كما كان عليه تسهيل العقبات المالية للطلاب الراغبين في طلب العلم، ومن هنا  فقد أصبح ناظرا عل أوقاف الرواق،
والواقع أنه لم يكن يشترط في شيخ الرواق أن يكون أكثر أهل الرواق علما؛ حيث كان هذا المنصب  إداريا من أجل إدارة الأوقاف الواسعة التي يتولى شيخ الرواق النظارة عليها.
وكان شيخ الرواق يختار بواسطة الطلاب والمجاورين وعلماء الرواق ثم يصدق على هذا الاختيار شيخ الجامع الأزهر ثم يسجل ذلك ويشهر في المحكمة الشرعية،ولما كانت الغلبة العددية للطرابلسيين والتونسيين فغالبا تقول الدراسة، ما اختير شيخ الرواق من العائلات الطرابلسية أو التونسية؛كما أن اختيار شيخ الرواق غالبا لم يكن يتم نتيجة لغزارة العلم بقدر ما كان يتم لعلة الجنسية على حد تعبير الجبرتي.


الكاتب : إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 13/07/2021