المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر 71

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر»، كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها، العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة.
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

كان من الطبيعي  كما يرى المؤلف،  أن يحتاج التجار شأنهم في ذلك شأن الحكام إلى غطاء الشرعية الديني ليبرر تصرفاتهم ويمنع عنهم غوائل تعدي رجال السلطة، وكان تقربهم إلى العلماء واصطناعهم لأدوات يوفر لهم مثل هذا الغطاء خاصة إذا لاحظنا أن المعاملات المالية في تلك الحقبة كانت تحدث من خلال أحكام الشريعة الإسلامية،وفي ظل مجتمع كانت فيه السلطة السياسية مقسمة دائما بين قوتين متصارعتين متساويتين نسبيا.
وكان التجار فيه يسعون سعيا حثيثا لمساندة الفريق الذي يرون فيه مصالحهم، فكان لا بد لهم من استمالة العلماء إلى صفوفهم من أجل إنجاز مصالحهم، لذلك فقد سعى التجار المغاربة إلى إيجاد إطار مشترك من المصالح والأهداف المتبادلة بينهما عن طريق حرص العديد من العائلات التجارية المغربية على دفع أبنائها إلى الدراسة والتعليم في الأزهر ومن ثم فقد أصبحت هذه العائلات لديها ازدواجية في العمل التجاري والعلمي  مثل عائلات البنانى وميارة والسقاط وجسوس وغيرها، فالجبرتي مثلا عند ترجمته للشيخ محمد بن عبد الواحد ابن عبد الخالق البناني يقول: أبوه وجده وعمه من أعيان التجار والثروة بمصر، ثم يقول: وهو ابن عم الإمام العلامة الشيخ مصطفى بن محمد بن عبد الخالق من أعيان العلماء المشاهير بمصر الآن بارك لله فيه» وفي الوقت الذي كان فيه الشيخ أبو عبد لله محمد بن أحمد ابن الآبار من كبار علماء الدين في مصر؛ حيث كتب مؤلفا مهما يسمى «الدر الثمين والمورد المعين في شرح المرشد المعين على الضروري في علوم الدين»، كان ابن عمه الخواجا حمودة بن العربي بن الآبارمن كبار التجار في الأقمشة في الغورية وهو نفس الحال مع آل ميارة والسقاط.
وأيضا  الدخول في مصاهرات قوية مع العلماء؛ مما كان يدعم من مصالحهما المشتركة،وأن يدفع  العلماء إلى الدفاع عن التجار عند حدوث أية أزمة لهم مع السلطة السياسية أوحق مع منافسيهم من التجار.
ويكفي كما تقول الدراسة، الإشارة إلى حادثة الخواجا محمد بن قيمو عندما حاول الفرنسيون القبض عليه بسبب معلومات وصلتهم عن وجود علاقة بينه وبين أحد أتباع مراد بك مما دفعه إلى اللجوء إلى الشيخ عبد لله الشهراوي بسبب كونه متزوجا من بنت الشيخ الدمنهوري، ورفض الشيخ الشرقاوي تسليمه إلى الفرنسيين وساعد على تهريبه من قبضتهم،والخواجا محمد بن عبد الخالق بن أحمد البناني تزوج من نفيسة بنت الشيخ أحمد اللقاني المالكي أحد كبار علماء الأزهر،وتزوجت ابنتهما فاطمة من الأمير علي بن عبد لله كاشف ولاية المنوفية تابع الأمير سليمان بك محمد وغيرها.


الكاتب : إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 27/07/2021