المكتبة الوسائطية لمسجد الحسن الثاني بالدارالبيضاء.. تستأنف للسنة 10 استقبال الزوار والتعريف بفن الخط العربي

بمناسبة شهر رمضان الفضيل عرف رواق المكتبة الوسائطية لمسجد الحسن الثاني بالدارالبيضاء مساء يوم السبت 16 أبريل الماضي، افتتاح المعرض الوطني للخط العربي والزخرفة المنظم من طرف مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء.
المعرض الذي سيمتد لغاية ال7 من شهر ماي المقبل، يحمل هاته السنة شعار «امشاق وزخارف». وحضره مجموعة من المهتمين بالشأن الثقافي والفني والفنانين العارضين للوحاتهم سواء منهم الكبار أو الصغار وأولياء أمور هؤلاء الأخيرين والأساتذة المتخصصين والإعلاميين وغيرهم .. كما تم خلاله تقديم الجوائز للمشاركين .
استغلت جريدة «الإتحاد الاشتراكي» تواجد الفنان المغربي، عبد الله الحريري من بين الزوار المختلفين، لتأخذ منه ارتساماته حول المعرض. و بالرغم كونه غني عن التعريف، وجب التذكير بإيجاز بمساره، إذ يعد من رواد الحركة التشكيلية المغربية، درس بمدرسة الفنون الجميلة للدارالبيضاء في أواخر الستينيات، ودرس الغرافيك بروما في بداية السبعينيات، كما تابع دراسته في مجالي العمارة والتصميم، ويمتاز بتوظيف الخط العربي بلوحاته… وقد اعتبر هذا الفنان المتنوع، بأن الجميل في المعرض، هو حضور شرائح عمرية مختلفة، حيث الأطفال المبتدئون كما الأساتذة وطلبتهم وطلبة طلبتهم أي ثلاثة أجيال تعليمية، وعلاوة عن هذا، فالأجمل في هذا المعرض، هو كونه فتح مرحلة جديدة، مرحلة ما بعد أزمة كوفيد والحجر الصحي، إذ توافد الناس بالليل وخلال شهر رمضان (وكان ممنوعا في السنوت الأخيرة)، للإستتمتاع بالفن، وأضاف بأنه هو شخصيا تعتبر هاته الأمسية الأولى التي خرج بها ومكنته من لقاء الأصدقاء والفنانين.
لم يفت الفنان عبد الله الحريري، بالرغم من تنويهه بالمعرض الوطني للخط العربي والزخرفة، أن يسطر على كونه يتأسف أن فن الخط أخذ توجها دينيا، فالخط بالنسبة له حرف جميل وجماليته وأناقته وروعة حركيته، تصدر منها أشياء أخرى تدخل في إطار الفن بمعناه العام، فالخط سواء كان عربيا أو غير عربي تبقى رمزيته وجماليته فنية، وما دام أنه شيء جميل فهو يبقى جميلا لا تهم جنسيته، وجماله يراه الأجنبي وغير الأجنبي.
من جهة أخرى وللتعرف أكثر على أجواء تنظيم هذا المعرض، تلقت الجريدة شهادة بعض المنظمين و من بينهم:
إبراهيم ورتي، الإطار الإداري بمؤسسة مسجد الحسن الثاني وأحد المشرفين على معرض «أمشاق وزخارف»، الذي صرح بأن المعرض الوطني للخط العربي، هو معرض سنوي تنظمه المؤسسة لما يقارب العشر سنوات ويشتغل المنظمون في كل دورة على تيمة معينة بحيث كل دورة تتميز عن الأخرى. ودورة هاته السنة وكما يدل عليها عنوانها، أحب المنظمون أن يعرفوا الجمهور العام وليس المتخصص، بكلمة «مشق»، فضلا عن ذلك، فكل دورة يحرص منظموها حرصا شديدا على مشاركة الأطفال جنبا لجنب مع أساتذتهم، مما يجعله، يسترسل أبراهيم ورتي مفسرا، مميزا. وأضاف إبراهيم قائلا بأن المكتبة الوسائطية لمسجد الحسن الثاني، لديها ورشات قارة ومن بينها ورشة الخط العربي، والهدف منها إنتاج هؤلاء الأطفال للوحات تعرض خلال المعرض الوطني للخط العربي، ويمثلون جزءا من المشاركين في هذا المعرض السنوي، أما الجزء الآخر فيتبع دروسه بأكاديمية الفنون التقليدية التابعة لمؤسسة المسجد الحسن الثاني التي بها أساتذة أكفاء من بينهم عبد الرحيم بولين، أستاذ شعبة فن الخط العربي بالأكاديمية ومن أهرام الخط العربي، على حد قوله. ويبذل مجهودات كبيرة مع الطلبة المشاركين وهو الذي أطر أغلبهم.
من جهتها، فإن الفنانة سهام كرواض بصفتها منظمة وصاحبة فكرة «أمشاق وزخارف» وكذلك مشاركة بلوحاتها، فقد صرحت، بأن المؤسسة وكعادتها كل سنة حرصت على إدماج فئة الصغار في معارض الخط العربي لتعزيز قدراتهم الفنية وتشجيعهم على الإبداع وتنشئتهم على روح الهوية العربية والمغربية خاصة، وأضافت بأن معرض هذه السنة يتميز بخاصية فريدة من بين جميع المعارض الخطية بالمملكة. فإلى جانب اللوحات الفنية والزخرفية تم عرض مجموعة من التمارين والمسودات الخطية والزخرفية لأساتذة وطلبة للخط العربي والزخرفة قصد تثقيف الزائرين للمعرض بمراحل اللوحات الفنية قبل إكمالها وعرضها من طرف الفنان، وحول اختيار تيمة هاته السنة فاسترسلت مفسرة بأن كلمة «مشق» في فن الخط العربي، لها خمس دلالات: أولا السرعة في الكتابة. ثانيا: مطّ الحروف ومدها. ثالثا: كثرة الكتابة. رابعا ما يدل على مجموعة من التمارين التي يعدها أستاذ الخط لطلابه ليقّلدوها ويتمرنوا على كتابة مثلها، وخامس الدلالات وآخرها فيحيل على استخدام المشق في توقيعات الخطاطين على أعمالهم الخطية. وتستخدم الكلمة بصيغة المفرد (مَشْق) كما تستخدم بصيغة (أمْشَاق) ومنه جاءت تسمية هذه الدورة من المعرض.
وحول سؤالنا عن الفن ولمحاولة تقريبه لقراء الجريدة، أسعدتنا الخطاطة سهام كرواض بالتعريف به وبنفسها كفنانة وسبب اختيارها لهذا المجال، وقد أجابتنا قائلة بأنها خطاطة مغربية، من مدينة الدار البيضاء، وخريجة أكاديمية الفنون التقليدية شعبة فن الخط العربي والزخرفة «الفوج الثاني» سنة 2015، وحاصلة على الإجازة في القانون الخاص سنة 2010.
أما اختيارها للخط المغربي فكان للتحسيس بأهمية تراثنا الخطي والحفاظ عليه عن طريق تشجيع الأطفال، خطاطي المستقبل على الارتواء من منابعه والتشبع بجماليته، وإبراز مواهبه والنهوض بأساليبه، ولقد قامت بتكوين أطفال وشباب في الخط المغربي بالمكتبة الوسائطية والمدرسة القرآنية بمؤسسة مسجد الحسن الثاني، وتأطير العديد من الورشات بمدارس عمومية وخاصة، وملتقيات فنية وكذا تنظيم معارض خطية. والهدف الأساس من هاته الورشات، تقول دائما سهام، هو الحفاظ على الفن العريق والتعريف به ونشره، إذ كانت الورشات مع الأطفال، على حد قولها، أكثر من رائعة ومستوى التعلم كان مذهلا.
وعن الخط العربي، أكدت سهام كرواض، بأنه ليس مجرد فن عابر أو تقليدي يمكننا التعامل معه بشكل روتيني، بل هو أحد أهم مكونات الفن الإسلامي وأرقى الفنون، وأحد علامات الهوية العربية الأصيلة المتغلغلة في تفاصيل وثنايا الحياة اليومية القديمة، وأحد أكثر الفنون العالمية تنوعا وثراءً، وهو جمال لا ينفد يُكتشف فيه كل يوم جديد ويقترن فن الخط العربي بالزخرفة الإسلامية حيث يستعمل في تزيين المساجد والقصور كما أنه يستعمل حلية للمخطوطات والكتب وخاصة لنسخ القران الكريم بالإضافة إلى توظيفه في اللوحات الخطية الفنية.. وقد أسهمت أغلب الشعوب الإسلامية في تطوير الخط العربي كالأندلسيين والمغاربة والمشارقة والأتراك والفرس وذلك من طرف أساتذة ومبدعين ممتدا حتى وقتنا المعاصر..، وفي سياق هذا التطور الحضاري يأتي الخط المغربي ليعبر عن جانب من جهود المغاربة واسهاماتهم الفنية في الحضارة الإسلامية.
وأضافت سهام بأن الساحة الفنية عامة والخطية خاصة عرفت في هذه الألفية الثالثة تحت رعاية الملك محمد السادس نهضة قوية انطلاقا من إحداث جائزة محمد السادس لفن الخط المغربي التي برزت من خلالها كفاءات فنية ثم تلتها إحداث شعبة فن الخط بأكاديمية الفنون التقليدية بالدار البيضاء وكذلك مدرسة الصهريج للخط بفاس.


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 28/04/2022