المنتدى الإعلامي السعودي الثالث .. تكريم شخصيتين يعرفهما المغاربة: سمير عطا الله وعبد الرحمان خوجة

غياب العنصر النسوي عن 17 جائزة مهمة بالرغم من الحضور النسائي الهائل في المنتدى والقطاع

منصة تسويق ضخمة عن المملكة الجديدة

خلاصات شخصية من خارج الزمن الإعلامي

 

اختار المنتدى السعودي الإعلامي الثالث شخصية الكاتب الصحفي صاحب العمود الشهير في «الشرق الأوسط»، سمير عطا الله، لتكريمه على مساره الطويل، كما وقف طويلا عند حياة المكرم الثاني عبد الرحمان خوجة، الشاعر والديبلوماسي الذي عمل سفيرا لبلاده في المغرب وربط بها علاقات صداقة قوية.
وتواصلت الفعاليات بتقديم 17 جائزة، من المقال الصحفي إلى «البودكاسط»، ولعل الملاحظة الأبرز في التكريم والتتويج، هو غياب الصحافيات ومنتجات المحتوى والعاملات في الإعلام الجديد، وهي ملاحظة تزيد دلالتها إذا استحضرنا الحضور الكثيف للعنصر الأنثوي في المورد البشري للقطاع، سواء في تنظيم هذا المنتدى والإشراف عليه، أو في المجتمع عموما أو في المنابر والمنصات والقنوات الإعلامية، علاوة على حضور المرأة السعودية في محاورة كبار الضيوف والزائرين والمتحدثين في المنتدى.

 

انتهى المنتدى الإعلامي السعودي الثالث، بحفل اختتام رسمي، أقيم في الطابق الأرضي للفندق نفسه الذي احتضن كل أشغاله، ومد السرادق في قاعة الجلسات العامة التي تابعت من خلالها كل النقاشات ذات الأبعاد السياسية والديبلوماسية والمؤسسات، هنا عبر الكثير من المتحدثين، وقال المنظمون إن المنتدى ضم 130 متحدثا من خبراء وأساتذة وديبلوماسيين ورجال أعمال ومسؤولين سياسيين… إلخ إلخ.. في المحصلة لم يستدع أي مغربي للحديث في اللقاء الذي ضم وزراء من الأردن حيث حضر الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير الإعلام البحريني، الذي كان متميزا حقا. وغيرهما خمسة آخرون، ولم يستدع المغرب للحديث في لقاء السفراء، يتقدمهم سفير دولة جيبوتي عميد السلك الديبلوماسي، والسفير البلجيكي والمصري… كما لم يحضر مؤثرون أو صناع مؤسسات ومحتوى.. أو غيره. ختاما، كان الحضور، كما يستدعي المنطق، سعوديا في أغلبه، إضافة إلى الحضور المصري الكثيف، يليه اللبناني ثم الخليجي، إضافة إلى علامات دولية في المجال، سواء الخبرة أو التجربة أو التكوين الأكاديمي (في الواقع استرعاني حضور قوي في إحدى الجلسات الموضوعاتية للمؤثر المشهور هنا، أحمد الغندور، المعروف بلقب «الدحيح» الذي تسابقت الهواتف النقالة على التقاط صوره، وقلت في نفسي كم من «محيح» عندنا لا أثر له هنا).

الديبلوماسية
من أجل عالم مزدهر

كانت المناسبة سانحة للحديث عن عجز الديبلوماسية في زمن الحرب، التي ترخي ظلالها على المنطقة برمتها.
فلم يحدث ذلك كما كنا ننتظره، والديبلوماسية بما هي امتداد للحرب بوسائل أخرى. والعكس، لم يمنحها المحاضرون فرصا أكبر، كانت الديبلوماسية في النقاش شديدة الديبلوماسية..!! يعلق بالذهن، الآن، قولة للسفير المصري أحمد فاروق، الذي لمح بالقول: «كانت الصورة، سابقا، دليلا يحسم كل خلاف بالحجة، لكن الصورة اليوم صارت موضوع الخلاف، بفعل الذكاء الاصطناعي القادر على خلق الصورة كما يشاء مستعملها. ولعل الحرب في الديبلوماسية فقدت صورتها، حجتها».
وكان منتظرا أن يأخذ دور السعودية حيزا في النقاش الديبلوماسي بطبيعة الحال، لا سيما وأن المحاضرين كانوا سفراء.
كنت أسجل في قطعة ورق! ولعلها كانت ذات حظ فريد، لكونها من آخر الأوراق في عالم الإعلام! لاحظت أثناء المتابعة، وجود مصريين إلى جانبي يحملان أجندات للكتابة، جاء بها ثالث خمنت أنه مصري بدوره، يمكن أن تكون من الصنف الذي تأتيك الأشياء بمحض إرادتها… أو أن تكون من الصنف الذي عليه أن يبحث إذا لم تكن والدتك في.. العرس. كانت الأروقة في الخارج تغلي، لكن كان هناك إكراه في الحضور، باعتبار المقاعد المحدودة جدا، أمام التوافد الكبير، كانت هناك مواضيع غاية في الأهمية حول صناعة المحتوى وقواعد الإعلام الجديدة ومستقبل الصحافة الورقية وتنوعت العناوين والمداخلات بخصوص إدارة الإعلام العابر للقارات، وصناعة الأجيال الجديدة من المحتويات، وفي وقت كان الوعيد يتعالى بنهاية الورقية، ونهاية الإنسان ودوره في الإعلام القادم، كان المتفائلون يعدون الحضور الكثيف بأن «الذكاء الاصطناعي سوف يساعد الموهوبين ولن يعوض الإنسان»، كما هو حال الأنترنيت في الماضي القريب.
كانت الفرصة مناسبة للاطلاع على فورة الإنتاج السعودي العابر للقارات، من خلال ما تقوم به وسائله، العابرة للقارات طبعا. في مجال الكارتون، الرسوم المتحركة أو المانغا – استمعنا إلى تجارب نالت التكريم العالمي، على لسان شباب دخلوا المغامرة (ام. بي. سي اس بي. سي) وكان لافتا حديث أحدهم عن قصة جيش الحبشة وقائده أبرهة كموضوعة تحريكية حازت على جوائز. ومنها انطلق المتحدث للكشف عن خلفية المغامرة ومنها «خدمة الثقافة السعودية، والشخصية السعودية، وتسويقها»، والحصول بواسطتها على مكانة دولية وجوائز.. وأسواق!

الخبر؟ عادة سيئة
في الصحافة الورقية

أحيانا تكون الفكرة ناضجة في الذهن، وقد تحتاج إلي سند طويل، قرابة يوم كامل، لكي تثبت برهنتها على لسان شخص آخر ! حدث ذلك مع قناعة شخصية بخصوص حضور الخبر كخبر في الجريدة الورقية اليوم، حيث يكون الاكتفاء به بدون إضافات خاصة، متجاوزا، باعتبار أن وسائل الإعلام، الفورية، تكون قد نشرته وانتقلت إلى غيره. الفكرة نفسها حضرت على لسان متدخل في جلسة حول الإعلام القادم. قال صاحبها وأعتذر عن عدم تسجيل اسمه: «الخبر عادة قديمة في الصحافة الورقية ولعلي أضفت: «وسيئة أيضا!».
متحدث آخر كان صائبا عندما اعتبر أن اللغة مشكلة بالنسبة للصحافيين الجدد: وهي معاينة شاملة في الواقع. تغطي عالمنا العربي كله، فالعاملون، في الكثير من الوسائط الجديدة، يغفلون أن مهنة الصحافة هي أولا وقبل كل شيء، درس في اللغة، ومادتها اللغة! والإخلال بها هو نسف المهنة من أساسها!
ولعل مما يثير، في سعودية اليوم، هو تخصيص جلسة خاصة في المنتدى، تروم الحديث والنقاش حول «صناعة الترفيه» كانشغال إعلامي.
في الواقع، يعكس الاهتمام، قضية مجتمعية، يبدو لي كما لو أنها لحظة استدراك فرح ضاع لعقود، بسبب خيارات سياسية وثقافية كانت مشروعة في نظر أصحابها، مع فورة (السعوديون يتحدثون عن «حراك») التغيير الإعلامي والمجتمعي، أصبح الترفيه عنوان سلوك مبتغى، وفي حكم مقومات اليوم، بما يقتضيه من تمارين مؤسساتية وإعلامية وثقافية، المتحدث باسم هيئة الترفيه تحدث عن 217 مليون شخص زاروا موقع الهيئة في ظرف قياسي، للاطلاع على منتوجها المتنوع، الذي يغطي كل مظاهر الترفيه…

رحلة شخصية خارج العصر

في مطار الرياض، أدركت أني خرجت من العصر، عندما حاولت التواصل مع المنظمين، وتبين أن جهاز التلفون خاصتي في عزلة تكنولوجية تامة، حاولت تدارك الأمر، بواسطة الحصول على الربط الدولي (الرومينغ)، قيل لي، من المغرب،» لم يعد خيارا لنا»..، وفهمت» دبر لمحاينك!» وصلت المطار، كان المنظمون في الانتظار: مجموعة شباب، في نشاط هادئ.
استودعوني سائق سيارة لا يتجاوز مخزونه من العربية، احتياطي البنكي! كلانا فقير إلى الله.. سألني عن «اللوكاليزايشن» التي تبينتها من ركام اللغة، كما يتبين الباحث عن الذهب خاتم طفلة في الشواطئ المترامية الرمال! قلت له: «لا ولا عندهم no «، لم ييأس مني، سمعته يحدث آخر في الهاتف، ولعله وافاه بـ»اللوكاليزايشن» المبتغاة، فقادني مشكورا ومحفوفا بامتناني إلى… الفندق.
كانت بابل على قدم وساق، والعباءات البيضاء والعقالات والألبسة الأوروبية، والبدلات الأنيقة وبعض «الهيبيين» عادوا من الستينيات بسراويل الجينز والشعور الفوضوية… وأنا أبحث عن السيدة المكلفة بي، توجهت إلى مكتب الإرشاد، وهو عندهم يقال له «ريسبشين»! وجدت اسمي عندهم، مثل سائح يعشق جمع الصور. انتبهت أن الساعة، من يوم الاثنين 20 فبراير قد قاربت منتصف الليل! أهي ساعتي أم ساعتهم. بفارق الساعتين بين الرياض والرباط؟ كنت قد غادرت البيت، في المحمدية عند الخامسة صباحا من يوم الاثنين 19 فبراير، ووصلت مطار محمد الخامس حوالي السابعة إلا ربعا! انتابني توجس قبل ذلك من أن الفيزا الإلكترونية، التي أرسلت لي عبر تطبيق الواتساب، ليلة الجمعة، ولم يسعني الوقت لأضمنها جواز سفري، ربما تطرح مشكلة، لم يحدث ذلك حيث كانت موظفة المطار، في جناح السعودية والطيران، غير مبالية، والعبارة الوحيدة التي سمعتها – كانت مألوفة «عندك شي باكاج أسيدي»، كنت آخر من يسجل اسمه، ودفع متاعه ونال تذكرته الورقية، قبل أن أرى الشابة الموظفة تغلق الشباك.. ومازال بيننا وبين الإقلاع ساعتان بالتمام والكمال.
وقتها فقط لاحظت التغيير الكبير الذي طال المطار، في الطابق المتعلق بتسجيل الرحلات، اختفت المقهى التي كان يتجمع المسافرون فيها واختفت المراحيض بالقرب منها.عوض المقهى، كشك في زاوية، بكرسيين عاليين ومشروبات غالية !
في الطائرة إلى جدة، كنت محظوظا، بالرفقة المغربية المضيفة قالت: «انشرح صدري عندما رأيت مغربيا حاملا كتابا ويقرأ في الطائرة»، ابتسمت لها وقلت» «لعلها عادة انتروبولوجية بقيت عند فصيلة نادرة، مثل الأظافر»، فهمت منها أنها قارئة جيدة لأمين معلوف، لما طلبت قراءة عنوان الكتاب قلت لها «هذا آخر ما كتب عن متاهة التائهين»، قالت» نصحت الطاقم بقراءة كتابه « الأصول»»،نطقتها بالفرنسية «les origines»، لاحظت مع ذلك أن كلامها يتخلله القاموس الإنجليزي أكثر !عبرت عن رغبتها في أن ترى حضورا أقوى لبلادها في السعودية، قالت «قل لهم: يختارون شبابا بلغات عديدة وحضور أكبر»، وقالت: «ما يفعله السفير الفرنسي يثير الحسد، يحضر في كل شيء من الصناعات التقليدية في السعودية إلى المواسم والشركات الكبرى»وقالت:» ما الذي يمنع المغاربة من أن يستثمروا في «هاواي» و «شيبس»، قالت» قل لهم إن البلاد تنتظر المغاربة ونحن محبوبون»!
كانت كريمة وهذا اسمها الذي اخترته لها، مقنعة، حيوية ومفعمة بما تريده لبلادها، سعدت لما علمت أنني سأكمل الرحلة معهم نحو الرياض، لكن ما سيحصل سيفسد خطة الحظ !!
في مطار جدة قضينا الفترة الفاصلة بين الرحلتين، من الخامسة مساء»  ساعة الوصول» إلى السابعة «ساعة الإقلاع» في المشي نحو «كونطوار» الإقلاع ! من حسن الحظ أن في المطار قطار، ينقل الركاب داخل المطار وليس خارجه للتدقيق ! فكرة جيدة لمطار محمد الخامس، بالدار البيضاء، لم لا؟
كان الحضور قويا للحجاج القادمين للعمرة، وكان الإجراء عند شرطة المطار ميسرا، وإن كان تسجيل الوافدين يستوجب أخذ البصمات، أصابع اليمين الأربعة، ثم أصابع الشمال الأخرى، الإبهامان، ثم صورة بدون نظارات!
دخلت الطائرة وجدتني وسط شخصين آخرين، في الاقتصادي، الشاشة أمامي لاتعمل، سأحرم من وسيلة لتجزية بعض الوقت عندما لا أقرأ أمين معلوف. في الرياض، وجدنا الشباب والسائق صاحب «اللوكاليزايشن» ثم بهو المطار ثم منتصب الليل !
السيدة المضيفة غادرت باكرا، المكلفون بالاستقبال يكتفون بالابتسام… اتخذت لي قرارا بأن أذهب إلى الغرفة، وأرتب تعبي، بما يليق بالليلة الأولى، شعرت بخدر قليل، كما لو أني غير معني بما حولي… آه.. ليس لي برنامج الغد؟ عدت إلى الإرشادات، انتبهت أنه لا ورق، ولا ملفات صحافية ولا أثر للمنتدى، سوى «جيليات» العاملين فيه، الشاب أخبرني بأن كل شيء عندك في الإيميل. «آه.. أين أنت يا ايمايلي العزيز، وكيف الدخول إلى أعماقك في الليل البهيم؟»، قلت «سنرى غدا !»، وبالمناسبة سألته عن أشغال الغد 20 فبراير، قال هو اليوم الأول، وسينطلق البرنامج في العاشرة صباحا وأن كل الأنشطة ستقام في الفندق.. اووووف ! ليلة سعيدة أيها العالم، واصل حياتك بدوني!
في صباح اليوم الموالي، ستجدد غربتي الرقمية، عندما سيطلبون مني الاتصال بالرقم الذي كنت على تواصل معه؟ قلت باستحالة ذلك، لأن ليس لي ربط دولي، ولا موبايلي، ولا أملك من الحداثة سوى أفكار طيبة لا تغير من الواقع المادي شيئا! أسعفني الشاب برقم «الواي فاي»، وهو الويفي عندنا! استطعت التواصل برسائل، سرعان ما انقطعت لما أخبرني المكلف بالمغاربة (وكنت إلى ذلك الحين أعتقد أننا عدد وفير ممن أحرقوا مراكبهم على أعتاب مطار محمد الخامس).
رأيت الناس ببادجاتهم تسهل دخولهم وخروجهم طلبت نصيبي من الغنيمة المخصصة للمدعوين، سألوني هل أنت ضيف، أم مشارك أم متحدث أم إعلامي؟ لم أجد جوابا ! قلت قد أكون أحدهم أو لا أكون، كيف أعرف؟ قيل لي: انظر في ما أرسلوا إليك في الايمايل! ما العمل يا إلهي؟ ما كان مني سوى أن استعمل إمكانية الواتساب لأطلب من الزميلات في القسم الفني التنقيب عني في»الياهو» والعثور علي ! ثم التأكد ما إذا كنت مدعوا وغير ذلك ! وليبحثن لي عن «بادج «مفروض أنه لي!
من حسن الحظ، أنهن عثرن على الإرسالية وما يخصني «عبد الحميد جماهري، إعلام»، بهذا، قال شاب الاستقبالات يمكن أن تقول، ولكن أين «بادج» هذا الذي يمكن أن أتحرك به قال» والله مافيه». وقد انتهى وقت إعداد «بادجات» ورقية، حاول أن تشهر بادجك الرقمي من الهاتف كلما طلبوا منك ذلك!
الله يا الله !… الهاتف على وشك الشلل والظلام. صادر علي شحنه. أين؟ أبحث عن مصدر كهربائي، أكتشف يا للهول أنه ثلاثي ويلزمه شاحن ثلاثي الأسنان قصد نزل الشحنات، والمغرب موجود فيه «بريز» ثنائي، لا حل في الإرشادات ولا حل لدي ولا مغربي يمكن أن ننسق أنا وهو لمعالجة المعضلة الوطنية هاته !
هذه هي اللحظات التي يرجى فيها أن تكون صوفيا، وتنتظر أن يفتح لك باب في الغيب، راودني اليأس من الحل، وكان علي العودة إلى الغرفة لعل وعسى «البريزات ثلاثية السنيين». المنظفون يبتسمون بأسى إنجليزي صوري، الله يصورينا و يصوريك يا بنغلاديشي عزيزي !
لست أدري لم قلبت التلفزيون ورحت أنظر إلى ما وراء الشاشة، حيث عادة يكون الربط الكهربائي، لكن لما فعلت ذلك وجدتها !» اوريكا، اويكا»…. يا منقذة اجماهري، يمكنني أن أستعمل الخيط مباشرة مع التلفزيون، عبر نافذة إلكترونية صغيرة  فيها شاحن بطيء ولكنه حل لذلك يستحق التصفيق.
الهاتف أنهى حالة شحنه، والتحقت بالافتتاح وصار علي أن أعود مجددا إلى الغرفة، لأكتب بالقلم والورق الأبيض، مراسلة تغطيتي للحديث: لا «آيباد» ولا «حاسوب نقال» كذلك، السيد المدير.
اكتب، بالقلم الأسود إذا كان، ثم صور وارسل بالواتساب، وهناك سيطبعون ما كتبت على ورق ويتم رقنه من جديد، ويصحح ويدخل التصفيف…
بالقرب منك ينعون الورق، ويبشرون بنهاية الأقلام، ويعلنون نهاية مهن الرقن والتصحيح، وأنت جئت إلى القرن الواحد والعشرين، لكي تحيي الماضي الذي ودعه العالم منذ مائة سنة .(أسجل في ورقة للتمارين الشعرية، يا إلهي كم أتهيب من المستقبل… وماذا فعلت له في الماضي، لكي يزيدني غربة كلما اقترب فهل سنتعرف على ملامح المستقبل، إذا ما صادفناه غدا؟!
في الهوامش، لقاءات لا تشبه بعضها، كنت قد تيقنت بعد انقضاء يوم كامل بين الأروقة والجلسات، أن الحضور المغربي يكاد يكون منعدما، وفي لحظة من اللحظات، إذ أغادر قاعة الجلسات نحو الغرفة، صادفت الرجل، بادرني بالسلام والتحية، قال: أنت فلان؟ قلت: وأنت أحمد الخطابي، الأمين المساعد للجامعة العربية، المغربي، الريفي، الإعلامي.

محمد العربي،
وثلاثيته المغربية

شعرت أن لله عوضني عن غياب وفد مغربي، برجل فيه المغرب، بالرغم من أنه كان يرتدي قبعة الجامعة العربية، وتذكرنا لقاءات سابقة متباعدة، منها آخر لقاء لوزراء الإعلام العربي وحضوره تسليمي الدرع التكريمي إلى جانبهم في حفل على هامش المؤتمر المنظم في الرباط.
توادعنا.. والتقينا بالرغم من الطلب عليه، وزرنا الأروقة معا، وكان السبب في لقاء خاص للغاية، مع الصحفي محمد العربي، صبيحة 21 فبراير، اليوم الأخير من المنتدى، كما سهل لقائي مع الكثيرين في الجامعة العربية ورجال الاتصال والديبلوماسيين.
قصة الصحفي محمد العربي، المراسل الحربي، الذي سبق له أن أقام في المغرب، تستحق أن يرويها هو كما فعل أول ما صافحني، اشترط علي أن اسمع ثلاثيته أمام استغرابي الطفيف، ابتسم أحمد رشيد الخطابي، ثم شرع الصحافي يقول:» من طنجة إلى الكويرة. عاش سيدنا. الصحراء مغربية»، ثم أضاف، «دابا نهضر ! عرفت أنه جاء إلى المغرب، ولقي فيه من حس المعاملة ما جعله ممتنا كثيرا، وفهمت منه أنه جاب المغرب، وزار مناطقه وأولياءه. فهمت منه أنه يؤمن بقدرة للاعيشة البحرية وشمهروش، وأن المغرب هو الوحيد الذي منحه فيزا للتنقل، واحتضن أسرته فهمت منه أن ابنته الدكتورة عندما تغضب تغضب بالدارجة . وفهمت أنه حصل على كل أوراق الثبوت، التي سمحت له بالتوجه إلى البحرين وأنه تعرض للقصف أثناء تغطيته الحرب في اليمن.
فهمت منه أن عدد الإصابات جراء انفجار صاروخ أصاب سيارة نقله كان ست إصابات وفهمت أن المملكة العربية تحتضنه الآن وله مشروع يعمل عليه وأنه شاهد على عصر الحرب لمدة ثلاث سنوات، وفي الأخير «اللي يقول الصحراء غربية تخلي دار ابوه!»، من اللقاءات العديدة سأذكر أيضا الصحافي السوداني بركات البشير، والذي دار بينه وبيني حديث طويل عن المغرب والسودان طبعا!


الكاتب : الرياض: عبد الحميد جماهري

  

بتاريخ : 23/02/2024