الناقد رشيد الادريسي: الحضور المغربي على مستوى الجوائز العربية أصبح لافتا

 

أكد الناقد والباحث الجامعي رشيد الادريسي، المتوج بجائزة الشارقة لنقد الشعر العربي في دورتها الأولى، أن الحضور المغربي على مستوى الجوائز العربية أصبح لافتا ولم يعد يفاجئ أحدا، ما يعني أن المنجز الثقافي الوطني بات علامة مميزة في خريطة الثقافة بالوطن العربي.
وقال الادريسي، الفائز بالجائزة التي تنظمها دائرة الثقافة بإمارة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة عن بحثه «محمود درويش سيميائيا أو حين يفكر الشعر»، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة هذا التتويج، إن المغاربة يحضرون بقوة في كل التظاهرات الإبداعية وغير الإبداعية التي تقام في ربوع الوطن العربي، بل يمكن القول إن حضورهم أصبح لافتا باتفاق الجميع، ولم يعد يفاجئ أحدا، مشيرا إلى المشاركة المغربية المتميزة في كل الجوائز الأدبية، بأجناسها المختلفة (الرواية والقصة والشعر والنصوص الرحلية)، ومسابقات تحدي القراءة والترجمة والكتابات الفكرية والفلسفية.
وفي معرض رده عن سؤال عما إذا كان هذا الحضور القوي علامة دالة على أن الفعل الثقافي بالمغرب استعاد بعضا من توهجه خلال القرن الماضي، اعتبر الادريسي أن هذه الملاحظة تبقى مغلوطة، ولا تعطي فكرة صحيحة عن المنجز الثقافي المغربي، مشددا بالمقابل أن هذا المنجز كان دائما متوهجا وما يزال منذ سنوات الستينيات والسبعينيات، فالكثير من الأسماء الكبرى التي تركت أثرها في المشهد الثقافي المغربي والعربي تعود لهذه الفترة. كما أن الأسماء التي عرفت في ما بعد هي أسماء تعلمت على أيدي هذا الرعيل المؤ س س، وهي من ثمرات المدرسة العمومية والجامعة المغربية التي أخذت منذ بدايتها بمبدأ الانفتاح على اللغات وعلى العلوم الإنسانية التي كانت دائما تقترن بالآداب.
وتابع، في هذا الاتجاه، أن التوهج كان دائما صفة لصيقة بالحقل الثقافي المغربي، وسبب بروزه أكثر مؤخرا يرجع فقط إلى كثرة المبادرات الثقافية في مختلف الدول العربية، وهي مبادرات تحتل فيها الجوائز حيزا مهما، والتي تبقى ظاهرة صحية، ولها أهميتها في تنشيط المشهد الثقافي وإكسابه إشعاعا إضافيا.
وبخصوص تتويجه بالرتبة الأولى لجائزة الشارقة لنقد الشعر العربي، أبرز هذا الناقد أن هذا التتويج له أهميته الخاصة لاعتبارات عدة، من بينها أن الجائزة في دورتها الأولى، وبالتالي الحصول عليها يعتبر بمثابة تدشين واستهلال لها سيبقى دائما حاضرا في تاريخها ومسارها مستقبلا.
كما أنها تشكل نوعا من الاعتراف الذي يحتاج إليه الباحثون في كل المجالات لكي يستمروا في العطاء ويطوروا ذواتهم، لأن الاعتراف هو بمثابة تحفيز ضروري للمبدع.
وبالإضافة إلى ذلك فهذه الجائزة جاءت، برأيه، لتعيد الاعتبار لفن في القول مركزي في الثقافة العربية، وهو القول الشعري، مستشهدا بمقولة لأيقونة الشعر العربي محمود درويش، تحدث فيها عن عصرنا بأنه يضاد كل ما له علاقة بالشعر، لذلك فالجائزة نظمت في الوقت المناسب، وبالوسع اعتبارها نوعا من التصالح مع القول الشعري، وبإمكانها، على المدى البعيد، أن تسهم في تغيير تمثلات المتلقي والسمو بالذوق الجماعي، من حيث قدرتها على تغيير تراتبيته (أي الشعر) في سلم الأولويات، والارتقاء به من خلال الحضور الإعلامي، فتجعله مألوفا لدى الكثير من الفئات الاجتماعية، وليس فقط لدى النقاد أو لدى ما نطلق عليهم اسم النخبة.
وعن السياق الثقافي الحالي، الموسوم بتداعيات الجائحة، ذهب الادريسي، الأستاذ الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك بالدار البيضاء، إلى أن هذه الجائحة بصمت المشهد، لأن وقتها طال لدرجة أن الكثير من الإنتاجات اصطبغت بموضوعات ذا صلة برموزها وأجوائها، وهو ما نلاحظه في الكثير من الدراسات التي يحاول أصحابها رصد ما أحدثته الجائحة على المستوى اللغوي والأدبي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي.
أما ما بعد كورونا، فيرجح هذا الباحث أن تعود الممارسة الثقافية لطبيعتها مع اختفاء الوباء بشكل مطلق، إذ من المؤكد، بالنسبة إليه، أن كورونا سيتحول إلى محطة تاريخية لا أكثر، محطة شبيهة بما يتداوله المغاربة في ما بينهم عن «عام البون» أو ما سمي كذلك بعام الجوع أو القحط بين سنتي 1944 و1945، وداء الجذري الذي استمر يضرب المغاربة ويقتل منهم الآلاف انطلاقا من 1867 إلى غاية 1914 سنة بداية تعميم التلقيح، ومع ذلك وعلى الرغم من المآسي التي نتجت عنه، إلا أنه لا يحضر إلا بوصفه حدثا تاريخيا مر وانتهى.
وعن سبب اختياره شعر محمود درويش موضوعا لمشاركته في الجائزة، أوضح أن هذا الاختيار له عدة اعتبارات، منها كونه أيقونة الشعر، وأحد الذين كان لهم أثر في مسيرة الشعر العربي الحديث لا يوازيه فيه أي شاعر آخر، وتجديده للشعر العربي تم على مستويات عدة معجميا وأسلوبيا وشكليا وموضوعاتيا وغيرها من المستويات الأخرى.
ودرويش، يقول الإدريسي، يتجاوز حدود المجال العربي، بل هو شاعر عالمي، بدليل أن شعره يترجم إلى اللغات الأجنبية ويظل محافظا على جماليته، والخلاصة أن اسم محمود درويش وحده كاف ليكون مسوغا لهذا الاختيار.


بتاريخ : 26/06/2021

أخبار مرتبطة

  أكد المشاركون في‮ ‬ندوة “سؤال النهضة بالمغرب” والتي‮ ‬سيرها الكاتب والإعلامي‮ ‬لحسن لعسبي‮ ‬أن سؤال النهضة ليس آنيا بل

  أين تبدأ الحياة والموت؟ وماهو الحدث الأصلي بينهما؟ ما موقع الحب في حياة الإنسان المهددة بالموت في كل حين؟

تم، يوم الأحد 12 ماي الجاري بالرباط، وفي إطار الدورة الـ 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، عرض الأعمال الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *