النجومية والنقد السينمائيان على رأس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

1 – حسين فهمي يستمر رئيسا
بعد تأجيل الدورة 45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في السنة الماضية بقرار من وزيرة الثقافة السيدة نيفين الكيلاني بسبب الأحداث التي اندلعت بقطاع غزة، قررت إدارة هذا المهرجان برئاسة الفنان الكبير حسين فهمى، إقامة نفس الدورة في الفترة من 13 إلى 22 نونبر 2024 بدار الأوبرا المصرية.
وقد تم تشكيل مكتب فني وإداري لهذه الدورة احتفظ فيه النجم الفنان حسين فهمي بمنصب رئيس المهرجان للمرة الثالثة بعد الأولى التي تمت سنة 2000 في الدورة 24 التي تمحورت حول موضوع «الرومانسية» والتي يعتبر حسين فهمي واحدا من ألمع نجومها في السينما المصرية. وكان أهم موقف شُهد له به في تلك الدورة منعه للأفلام الإسرائيلية بالمشاركة فيها. وبنفس الألق والمرونة الإدارية يعود النجم الأشقر لرئاسة الدورة المقبلة 45 لهذا المهرجان.
في حين عُين الناقد والباحث السينمائي عصام زكريا مديرا للمهرجان، وللزميل عصام عديد من الكتب السينمائية ضمنها كتاب عن فيلم «إسكندريه ليه» ليوسف شاهين وآخر عن المخرج الراحل خيري بشارة. وقد كتب وافرا من المقالات السينمائية لمطبوعات عربية شتى، كما نشر العديد من المؤلفات عن السينما المصرية والعالمية، وترجم عن الإنجليزية والألمانية عشرات المقالات.
وعُين أيضا عضوا في لجان تحكيم العديد من المهرجان السينمائية المحلية والدولية، كما شارك في برامج سينمائية خاصة وعمل في عدة مناصب مختلفة عبر مدار دورات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي أصدر له بعضا من كتبه ضمن منشوراته.

2- نقاد وباحثون سينمائيون مؤسسو مهرجانات سينمائية
أكيدا أن اختيار ناقد سينمائي على رأس مهرجان سينمائي كبير وعريق بحجم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، له دلالة قوية على قيمة النقد السينمائي كعنصر فاعل ومؤثر في تريكبة الفعل السينمائي لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنه، وقد أثبتت التجارب العربية، الإفريقية والدولية نجاعة إدارة المهرجانات كما تأسيسها على يد نقاد وباحثين سينمائيين نكتفي منها كدليل على المستوى العربي مهرجان أيام قرطاج السينمائية بتونس على يد الناقد التونسي الكبير الراحل الطاهر شريعة، مهرجان دمشق السينمائي على يد الناقد ومدير مؤسسة السينما السورية محمد الأحمد. ووراء مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة شيخ النقاد المصريين الراحل أحمد الحضري وإن أجمع أغلب المهتمين والمتتبعين لسيرورة هذا المهرجان، على أنه عرف طفرة نوعية على يد الناقد ومدير المركز القومي للسينما المصرية المرحوم علي أبو شادي، كما تولى الناقد عصام زكريا – مدير مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الحالي – إدارة هذا المهرجان منذ عام 2017.
ولدينا في المغرب واحد من أقدم المهرجانات وأشدها تميزا واستمرارية هو مهرجان السينما الإفريقية بخريبگة الذي تأسس في مستهل سبعينيات القرن الماضي على يد الناقد الكبير ورئيس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية آنذاك بالمغرب المرحوم نور الدين الصايل. كما يعود إليه الفضل في نجاح المهرجان الوطني للفيلم المغربي بطنجة حين كان مديرا للمركز السينمائي المغربي إضافة إلى مهرجان الفيلم القصير المتوسطي بنفس المدينة. بل حتى المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، فالكل يجمع على أن الفضل الكبير في اختيار نوعية أفلامه بالخصوص كما ضيوفه وتعدد فقراته يعود إلى الرجل عينه منذ توليه منصب نائب رئيس المؤسسة المنظمة للمهرجان سنة 2002 حتى متم حياته سنة 2020.
بالنسبة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي حتى وإن كان التأسيس يعود للصحفي والكاتب كمال الملاخ، الذي كان أيضا وراء تأسيس مهرجان الإسكندرية، فهو ينتمي بشكل أو بآخر إلى المبدعين أكثر من الإداريين، علما بأن هذا المهرجان سيشهد مراحل توهج وقوة على يد الراحل سعد الدين وهبة المنتمي لنفس الرعيل من حَمَلة القلم، والذي كان محاطا دائما بترسانة نقدية منظمة ظلت تساعده في انتقاء الأفلام وتسيير حلقات البحث وندوات الأفلام والإصدارات على رأسها الناقد الراحل سمير فريد، كمال رمزي، علي أبو شادي، يوسف شريف رزق الله، هاشم النحاس، فوزي سليمان، خيرية البشلاوي، ماجدة موريس، صفاء الليثي، طارق الشناوي، أحمد رأفت بهجت، رفيق الصبان وغيرهم… فالنقد والنقاد هم الذين يعطون لأي مهرجان مصداقيته الفكرية بالدرجة الأولى، دون انتقاص طبعا من أهمية وفاعلية من توالى على رأس هذا المهرجان بعد سعد الدين وهبة رحمه الله: شريف الشوباشي، عزت أبو عوف ثم الفنان الكبيرحسين فهمي.

3- دورة النقد والنقاد

تأكيدا على نجاعة إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي على يد نقاد، عرفت الدورة 36 سنة 2014 التي شهدت تألقا كبيرا على يد قيدوم النقاد الراحل سمير فريد الذي جعل منها دورة متميزة يمكن نعثها بدورة النقد والنقاد بامتياز، نظرا للكم الهائل ممن النقاد العرب الذين دعاهم سمير فريد مورِّطا أغلبهم في فقرات المهرجان المتنوعة ضمنها حَلَقة البحث، التي تمحورت حول موضوع: «مهرجانات السينما الدولية في العالم العربي» تناول فيها كل ناقد أو باحث سينمائي عربي الحديث عن المهرجان الأشد إشعاعا في بلده. فكلفني الأستاذ سمير رحمه الله بإنجاز بحث حول المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، قدمت على إثره عرضا مفصلا تحت عنوان: «المهرجان الدولي للفيلم بمراكش بين الهوية المحلية والتعددية الدولية» في حين أشرك نقادا آخرين في عدد من لجان تحكيمه. كما تم في نفس الدورة تكريم واحد من أهم النقاد والباحثين السينمائيين العرب: المغربي المرحوم نور الدين الصايل، هذا التكريم الذي هو في حد ذاته تكريم للنقد والنقاد العرب بصفة عامة.


الكاتب : نورس البريجة: خالد الخضري

  

بتاريخ : 30/04/2024