الوزارة تعود إلى التدبير الذي كان معمولا به في زمن «الجائحة» : إضرابات التعليم تنشر القلق وترفع التبعات النفسية في صفوف التلاميذ وسط تخوفات من مصير الامتحانات

 

في خطوة، تعود بنا إلى زمن الجائحة الوبائية، قررت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إطلاق منصة للدعم التربوي الرقمي، بهدف محاولة امتصاص ولو القليل من الغضب المستشري في أوساط الآباء والأمهات وأولياء الأمور، والسعي للتخفيف من حدة القلق الذي يسري وبشدّة في نفوس التلاميذ، خاصة الذين يوجدون في مستويات إشهادية، بسبب الغموض الذي يحيط بمصير السنة الدراسية، وبفعل الخوف مما قد يعيشونه في الامتحانات وما بعدها؟
ولم يتمكن تلاميذ المؤسسات التعليمية العمومية، منذ انطلاق الموسم الدراسي الجديد، من الالتحاق بأقسامهم الدراسية بشكل منتظم بسبب إضرابات نساء ورجال التعليم احتجاجا على صيغة النظام الأساسي الذي جيء به، وهي الأشكال الاحتجاجية التي تم «ترسيمها» لكي يتم خوضها كل أسبوع، في خطوات تصعيدية تسعى لـ «إسقاط» هذا النظام، والتي بكل أسف يدفع التلاميذ كلفتها الثقيلة، بشكل أو بآخر، بسبب هدر الزمن المدرسي، وغياب كل مظاهر العقلنة في تدبير هذا الملف ومعالجته من طرف الحكومة، التي تُظهر قراراتها وخطواتها ارتجالية وتخبطا كبيرين.
وعبّر عدد من الآباء والأمهات في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي» عن رفضهم للصيغة الرقمية التي أعلنت عنها وزارة التربية الوطنية، مشددين على أنها ليست فعّالة وتفتقد للنجاعة، حيث أكد عدد منهم أن لديهم أبناء عانوا من خطوة التعليم عن بعد التي تم اعتمادها خلال زمن الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19. وأجمعت مجموعة مهمة من التصريحات التي استقتها الجريدة على أن هذه الخطوة لم تؤت أكلها على مستوى التمكن من التعلمات المختلفة، وهو ما أرخى بتعباته على المسار الدراسي لأبنائهم، خاصة الذين كانوا في مستوى الابتدائي أو الإعدادي، وانتقلوا إلى مرحلة الجذع المشترك فالأولى والثانية بكالوريا، إذ اتضحت العديد من النقائص لاحقا، التي تعذّر معها استيعاب العديد من المفاهيم وأدت إلى تعثر تحصيلهم، وهو ما يتعاظم اليوم بفعل الإضرابات والوقفات الاحتجاجية لنساء ورجال التعليم، التي تزيد الوضع تعقيدا.
بالمقابل، أكد أطباء مختصون في الصحة النفسية للجريدة على أن هناك العديد من المشاكل النفسية التي قد يكون لها ما بعدها، ارتباطا بما تعيشه المدرسة العمومية اليوم من تعطيل دراسي، حيث شدد بعضهم على أن القلق والخوف من استمرار هذا الوضع والتلويح بسنة بيضاء، يزيد الأمر تأزيما، خاصة بالنسبة لتلاميذ السنة الثانية بكالوريا، بسبب الخوف من جهة من اجتياز امتحانات يغيب فيها عنصر التكافؤ، ومن جهة ثانية من احتمال عدم تنظيمها، وبالتالي تعطيل مسارهم الدراسي وفرملته بشكل سيكون له تداعيات متعددة.
قلق لا يسري في نفوس تلاميذ المدرسة العمومية فقط بل يشمل حتى الخصوصية كذلك، لأن التساؤلات التي تهم الوضع التعليمي تشمل الجميع، انطلاقا من أن مآل الموسم الدراسي هو اليوم في وضع المجهول، وإذا كان تلاميذ القطاع الخاص يدرسون فعلا ويتواجدون في الحجرات الدراسية فإن سؤالا أساسيا يطرحونه كل يوم، وهو هل ستجرى الامتحانات أم لا؟ دون إغفال معطى أساسي، وهو أن الآباء والأمهات وأولياء الأمور يسددون واجبات التمدرس شهريا في المدارس الخصوصية، التي يقتطعونها من معيشهم اليوم ويصبرون لأدائها على العديد من الأساسيات، وهو ما يعني استمرار الغموض والتساؤلات المتعلقة بملف ظل دائما ينثر الأشواك ويعاني من العلل، رغم المخططات الاستعجالية والبرامج والميزانيات التي خصصت له، وهو ملف المدرسة المغربية، مما يدعو وبشكل كبير، وفقا لفاعلين ومتتبعين، لضرورة فتح حوار وطني حول التعليم الذي يستحقه المغرب.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 27/11/2023