الى متى سنتحمل منازل قناة «الاولى»؟

برنامج «جماعتنا زينة» يفتري على الأغنية الأطلسية

 

أبت الصدف إلا أن أتابع سهرة بثتها القناة التلفزية «الأولى» باسم «جماعتنا زينة» يوم الخامس يونيو من الشهر الجاري، وهي سهرة ردد منشطها غير ما مرة، أنها خاصة بالأغنية الأطلسية ففاضت نفوسنا فرحا و سعادة لما ستحظى به هذه الأغنية من اهتمام و اعتبار.
وهل تحتاج إلى رد اعتبار؟ هي معتبرة أعلى اعتبار عند المغاربة، والمنشطون يعتقدون غير هذا لتبرير حضورهم ووظيفتهم..
فالسهرة لم تركز على الأغنية الأطلسية كموضوع رئيس يقتضي تناولا شاملا وتأصيلا جيدا، فلم نر مختصا أو محترفا يقدم فرشا تاريخيا و حضاريا و فنيا للأغنية الأطلسية حتى نفهم وضعها في فسيفساء الغناء والموسيقى المغربيين، لكن المنشط ارتأى أن يلعب هذا الدور فأداه بشكل باهت ومسيء إلى الأغنية الاطلسية.
والمثير في هذه السهرة أن الأغنية المفترى عليها اختزلت في ضيفة غير مؤهلة للحديث عن الفن و الأغنية الأطلسية، حيث شعر المشاهد بالخجل والتقزز و هو يسمع ثرثرتها الممضة وأحكامها الانطباعية التي تفتقر إلى بعد النظر واستخلاص القيم الجمالية والفنية و الاجتماعية. وهيهات لو أن الضيفة اقتصرت على دورها كفنانة مغنية واختارت لنا من روائع الأطلس ما يطرب الآذان، بل هي آذت الآذان بما تفتقت عنه عبقريتها من الأغاني الشعبية الحديثة بالعربية المغربية فهي لم تغن إلا مرددة «ايناس ايناس» ملحقة بها، هي ومن رافقها، ضررا بليغا وببشاعة قل نظيرها، هذا الترديد الذي قدم الأغنية شوهاء باردة تستغيث «وامحمداه و امحمداهط!
إن ما قدمته المغنية لا يمثل غناء الأطلس، بل هو يندرج ضمن الغناء الشعبي المستحدث بالمغرب، فأين النماذج الساطعة؟ أين الخالدات ؟ وهل يمكن أن نتصور الغناء بالأطلس بدون «وتار يبعث الحياة في المكان والزمان، و بدون بندير ترتعد خيوطه بين يدي حاذق بارع، وأين تماوايت؟ التي ما أن ينطق لساننا كلمة أطلس إلا و حضرت في أذهاننا تخبرنا «أذدروخ ايوا رو كاخ ثين اجظاظ ايا سمون قاري يعقوب الث قارخ». إن الغريب حقا هو تأكيد المنشط على ضرورة الحديث عن حيثيات الأغنية من ألحان وكاتب وسنة. أين هو من كلامه هذا؟ و قد مررت أخطاء فاحشة عن بعض المؤسسين للأغنية الأطلسية، كما لم ينتبه المنشط لنفسه وهو يؤكد بأن حاولاث غيفي ترجع في إبداعها لحادة وعكي.، كان من المفروض عليه أن يذكر بنات الماكسي للحاج بوزوبع و تسجيلات لحسن ازاي و الشيخ اوعالي..، ليبين لنا تاريخ الأغنية المغربية والاتصال بين الحضارات وموسيقاها وما ينتج عنها من تأثيرات وتفاعلات.
لكن للأسف، فالمنشط حاول أن يلعب دور المختص العارف بكل شيء، و ليس في جرابه عن أغنية الأطلس غير أخبار بائتة .
و في المحصلة، شهدت السهرة تمييعا وتتفيها للأغنية الأطلسية التي تعتبر سجلا يحفظ صيرورة ومسيرة شعب منذ الأزل، كما شهدت فصلا عن شجرتها الوارفة الظلال وعن جذورها وأغصانها وعن قاماتها الشامخة.
فإلى متى يمكننا أن نتحمل مثل هذه المهازل التي لن يرحمنا عنها تاريخنا العريق ؟ و التي تمس حساسيتنا الجمالية وخبرتنا في تذوق روائع الأغنية الأطلسية، ومتى سيتدخل المسؤول لتخليص قناتنا من هذا العبث المستخف بنا؟

(*) أستاذة اللغة الأمازيغية ، باحثة بسلك الدكتوراه اللسانيات العربية


الكاتب : جميلة القاسمي (*)

  

بتاريخ : 22/06/2021