امرأة في مواجهة الموت -27- حفظ الصحة يصف الوفاة بالطبيعية والتشريح يكشف عن جريمة

اختارت أن تعيش بين الثلاجات وطاولات التشريح، أن ترافق الأموات طيلة 15 سنة تقريبا وهي تستنطق الجثت بحثا عن عدالة فوق الأرض قبل تحتها، مشاريط متنوعة ومناظير مختلفة وحقائب وقناني بيولوجية بمشرطها تُعلي الحقيقة، كما ان تقاريرها لا يدخلها باطل فهي مهيأة لتنصف المظلوم، مشاهد الموت اليومية لم تضعف قلبها أمام موت متكرر ليل نهار وعلى مدار السنة. فقد اعتادت العيش وسط أجساد متحللة وأشلاء بشرية واجساد متفحمة واخرى فقدت ملامحها. من أجل أن تعلن عن الحقيقة كاملة انها الدكتورة ربيعة ابو المعز خلال هذا الشهر الفضيل سيبحر معنا القارئ لتفكيك جزء من مرويات الدكتورة ربيعة ابو المعز إخصائية الطب الشرعي بمستشفى محمد الخامس.

 

لم يكن يدور في خلد محمد الإطار في المكتب الشريف للفوسفاط أن إيمانه بالغيبيات سيقوده إلى ارتكاب جريمة قتل في حق زوجته التي كانت في عقدها الثاني، حيث بعد زواجها به ظلت تعيش بعض المشاكل مع والدته قادها إلى الإصابة ببعض الأمراض النفسية، وفي الوقت الذي كان يستوجب عليه عرضها على مختص، بدأ في ارتكاب بعض الحماقات حيث كان يخضعها لبعض حصص ما كان يطلق عليه بالرقية الشرعية، وهو ماسيتطور إلى استعمال العنف في حقها من اجل إخراج الجن، وقد حاول غير مامرة.
وهو ما تطور في آخر مرة إلى دخول المرأة الشابة في غيبوبة خاصة بعد أن اشبعها ضربا بواسطة عصا من اجل طرد الجن منها ، لم تكن هذه الغيبوبة كسائر المرات الأخرى، حيث رغم محاولاته المتكررة من أجل إيقاظها فقد باءت جميعها بالفشل، ليكتشف الزوج أن زوجته التي ملأت فضاء المنزل بالصياح والاستغاتة، قد غادرت الحياة حيث وجد نفسه بين لحظة واخرى في ورطة، حيث فكر في التخلص منها، حيث ادعى ليلا لجيرانه، أنه اكتشف أن زوجته اصيبت بأزمة صحية، أسلمت على إثرها الروح إلى باريها حيث فتح باب منزله لتقبل واجبات العزاء ، وفي صباح يوم الحادث بدأ في القيام بإجراءات الدفن، حيث زاره تقني معاينة الوفيات التابع لمصالح الجماعة وبعد معاينة بالعين المجردة، منحه ورقة الدفن وهي اللحظة التي اعتبرها الزوج إغلاق ملف وفاة زوجته، حيث استدعى إحدى النساء اللواتي يقمن بتغسيل المتوفيات وماهي إلا لحظات حتى توقفت عن عملها بعد أن اكتشفت ان المرأة المتوفاة مصابة برضوض وجروح على مستوى الرأس، وقررت اخبار مصالح الأمن وهو ما تم بالفعل، حيث بعد إجراء معاينة على الضحية قرر رجال الأمن إحالة الضحية على مستودع الأموات في انتظار تعليمات النيابة العامة، وهو ما تم بالفعل حيث تم انتداب من اجل إجراء تشريح على الضحية أسند إلى الدكتورة ابو المعز التي أكدت أن الوفاة لم تكن طبيعية، ذلك أن الضحية تعرضت للعنف اصيبت على إثره بكسور على مستوى الرأس كما كانت تحمل آثار عنف على مستوى جسدها.
وتؤكد ابو المعز أن هذه القضية جريمة قتل كاملة المعالم كان الرجل يحاول الخروج منها كالشعر من العجين ، ومما طمأنه تجاوز أقصى درجة من الملف عندما تسلم شهادة معاينة من مكتب حفظ الصحة الجماعي التي تحمل تأشيرة وفاة طبيعية، إلا أن التشريح كشف على حقيقة جريمة قتل كلفته ثلاثون سنة سجنا.


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 05/05/2022