انقسم حول أدبها الكتّاب وهاجمتها الهيئات النسائيّة : رحيل ليلى بعلبكي.. أول كاتبة عربية تحاكم بتهمة «إهانة الأخلاق العامة» !

عن عمر يناهز ال89 سنة (1934-2023)، توفيت يوم السبت الماضي، القاصة والروائية اللبنانية ليلى بعلبكي.
ونشر الكاتب و الشاعر والإعلامي جوزيف عيساوي ما يلي على صفحات التواصل الاجتماعي بالفايسبوك:
«في منزلها اللندني ببريطانياّ انطفأت امس الروائيّة اللبنانيّة ليلى بعلبكي صاحبة «أنا احيا» (1958) التي ألهمت بجرأتها جيلاً من الكتّاب والكاتبات، ستّينات القرن الفائت وسبعيناته، ثم «الآلهة الممسوخة»، فمجموعتها القصصيّة «سفينة حنان الى القمر».
وتعتبر ليلى بعلبكي، كاتبة رواية «أنا أحيا» التي نُشرت عام 1958، أول امرأة عربية تتحدث عن الأفكار الوجودية لتحاكي حالة النساء في لبنان. وتتحدر من عائلة ذات أصول شيعية ولدت عام 1936 في بيروت.
وقد ظهرت بعلبكي في عصر ثقافي يعتبر ذروة التحوّل الكلّي للوظيفة الاجتماعية إذ بدأت الكتابة تُعتبر سلاحاً في جميع أنواع الصراعات الاجتماعية – السياسية في المنطقة. إذ جسّدت لينا، بطلة رواية «أنا أحيا»، قوة معتقداتها الوجودية وفردية شخصيتها؛ وشكّل مسار بحثها الدائم لمعرفة الذات المساحة الاجتماعية للرواية. كما شكّل نقد لينا اللاذع للبرجوازية الذكورية كسلطة ذات سيادة، مصدر إلهام لعدد كبير من الأدباء الذين عاصروا بعلبكي والذين دخلوا معترك الأدب فيما بعد.
حظيت رواية بعلبكي باهتمام عدد من القطاعات الأدبية العربية، غير أنّها أثارت من ناحية أخرى غيظ منتقديها. وتحوّل ذلك الغيظ إلى اضطهاد صريح وعلني عند نشر مجموعتها الروائية «سفينة حنان إلى القمر» عام 1963. وبعد مطالعة أخلاقية، نُشرت تحت اسم مستعار في المجلة المصرية «صباح الخير»، جرى حظر المجموعة في لبنان وتمّت مُحاكمة بعلبكي بتهمة ما سُمّي «إباحية» عدة قصص. وكانت تلك المحاكمة الأولى من نوعها في لبنان، حيث جرى محاكمة الكاتبة بتهمة «إهانة الأخلاق العامة» عبر كتابات تتناول الرغبة الجنسية من منظور المرأة. وبالرغم من تبرئة بعلبكي، إلا أن التجربة كانت مروعة. واتفق النقاد بالإجماع على أن المحاكمة أنهت المرحلة الأكثر أهمية في مسار بعلبكي الأدبي. إذ تحوّلت بعلبكي إلى الصحافة.
لقد ساءلت اعمال الكاتبة الراحلة موضوعات ما برحت حتى اليوم من «المحرّمات» كالله، الوحي، النبوءة، المعجزة، الجنس… وبسبب إحدى قصص المجموعة الأخيرة احيلت الى التحقيق لدى شرطة الآداب («مخفر حبيش») وحوكمت العام 1964، وانقسم حول ادبها الكتّاب والبلد، وهاجمتها الهيئات النسائيّة.
اقد تمكنت الراحلة ليلى بعلبكي في فترة وجيزة من أن تحجز لنفسها مكانًا إلى جانب أديبات تلك المرحلة ممن سبقنها أو لحقنها أمثال إميلي نصر الله وليلى عسيران وحنان الشيخ ومنى جبور (انتحرت في 24/1/1964 بعدما نشرت رواية «فتاة تافهة» متأثرة برواية «أنا أحيا» لليلى بعلبكي). وفي تلك الأجواء كانت الأديبة والروائية السورية غادة السمّان تهز الوسط الثقافي في بيروت بجرأتها وبالموضوعات التي تناولتها وبإبداعها المتفرد. وبهذا المعنى كانت ليلى شوطًا يانعًا في مسيرة الثقافة في لبنان إبان صعودها وازدهارها.


بتاريخ : 24/10/2023