بجماعات دائرة إيغرم إقليم تارودانت ..إكراهات تراخيص البناء تضاعف معاناة الساكنة ومطالب باستحضار هشاشة المجال القروي في تطبيق القوانين

في الوقت الذي «تردد» جبال وسهول بادية جهة سوس ماسة، صرخات استغاثة مطالبة المسؤولين بإيجاد حلول لإبعاد قطعان الخنزير البري التي عاثت في الأرض فسادا، أمام أعين الحراس التابعين للمياه والغابات، أعطي «الضوء الأخضر» لعدد من المستثمرين في جحافل الجمال والماعز والخرفان.. للرعي بشكل ظالم واستباحة ممتلكات فلاحي مناطق عديدة، لدرجة جعلت الساكنة المحلية تتخلى عن الحرث والسقي، حيث اضطرت نسبة مهمة من الأهالي إلى الهجرة صوب المدن ومغادرة أرض الأجداد؟ ولإفراغ البقية الباقية من السكان، جاء بعض القياد الجدد الذين تم تعيينهم مؤخرا، وهم يحملون أول مشروع يطبقونه بصرامة قبل شرحه للساكنة. إنه مشروع الحصول على رخصة البناء ورخصة الإصلاح، ولهذا الغرض تم تجنيد المقدمين والشيوخ وغيرهم.
للحصول على رخصة الإصلاح، عليك إن كنت من ساكنة دائرة ايغرم إقليم تارودانت كنموذج، أن تتصل بمهندس تقني في تارودانت ليهيئ لك تصميما للمنزل الذي ورثته عن الآباء والأجداد ولتؤدي عليه طولا وعرضا ومساحة ، وأنت فقط بصدد إصلاح جد بسيط. وبهذا الخصوص يطرح التساؤل: لماذا لا تتوفر الجماعات القروية مثلا على موظفين تقنيين يساعدون السكان على وضع التصميم لما يراد إصلاحه بدل البحث عن مهندس تقني في تارودانت أو أكادير أو الدارالبيضاء؟ من أين لشاب عاطل بمصاريف الحصول على الرخصة في قمة أعلى الجبل، إذا أراد بناء حجرة أو حجرتين استعدادا للزواج وتأثيث البيت في عالم قروي لا شغل فيه؟
إن السؤال الذي بات يفرض نفسه هو: هل من المستساغ أن يتم تطبيق القوانين المركزية الخاصة بالبناء بنفس الشكل بين الرباط والدارالبيضاء وفاس ومكناس وغيرها… وبين قرية مكزارت بجماعة النحيت إقليم تارودانت ومثيلاتها، بينما المساواة بين الحواضر والبوادي لا تشمل الحق في التعليم والصحة والطرق وفرص الشغل ودور الثقافة والشباب… وغيرها من مقومات العيش الكريم؟
إن عدم استحضار خصوصيات المجال القروي بما يؤشر عليه من هشاشة للساكنة المحلية، في تطبيق بعض القوانين التعميرية وغيرها، يقتضي إحداث وزارة خاصة بالعالم القروي بمناديبها في هذه العمالة وتلك، تكون وظيفتها الوقوف على مشاكل هذه الجهة وتلك، مع إعداد التقارير الموضوعية لرفعها إلى الجهات المكلفة، في أفق حلها بشكل عادل ، تفاديا لكل ما من شأنه مضاعفة معاناة قاطني العديد من الجماعات القروية النائية.
وارتباطا بالسياق ذاته، ينبغي التذكير بأن العمل على إعادة المهاجرين من البادية إلى منازلهم وفدادينهم يحتاج إلى توفير ضروريات الحياة بالنسبة للساكنة، من تعليم وصحة وفك العزلة وتوفير فرص الشغل الكافية، ذلك أن معاناة الحواضر تبقى مرتبطة بمعاناة البوادي.


الكاتب : محمد مستاوي

  

بتاريخ : 19/01/2023