بعد تتويجها ببطولة العالم للملاكمة،خديجة المرضي لـ «الاتحاد الاشتراكي»:وعدت المغاربة بالذهب ووفيت

عقب تتويجها أول أمس في بطولة العالم للملاكمة التي احتضنتها الهند من 13 إلى 27 من شهر مارس الجاري، وفوزها بالميدالية الذهبية إثر تفوقها في المباراة النهائية على منافستها الكازاخستانية كونغيباييفا لازات، (وزن أكثر من 81 كلغ)، أدلت خديجة المرضي بتصريح لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» عبرت فيه عن سعادتها الكبيرة بالتتويج، مؤكدة أن سعادتها الحقيقية من سعادة المغرب بهذا الإنجاز وأضافت وهي تذرف الدموع: «ربحت ربحت.. ربحت الذهبية.. أنا فرحانة بزاف وفرحانة لأن كل المغاربة فرحانيين..وعدتكم ووفيت.. أهدي هذه الميدالية للمغاربة أجمعين ولجلالة الملك محمد السادس داعم ومساند الرياضيين..».
وقالت في نفس التصريح:» لم أكن لأستسلم أو لأتراجع، وصلت للمباراة النهائية وأنا عازمة على عدم تفويت الفرصة… كنت متحمسة وكنت مؤمنة بكوني مطالبة ببذل كل جهدي وكل قوتي لكي أنتزع الذهب.. كنت أدرك أن المهمة لن تكون سهلة،لكن طموحي كان أكبر،وكنت متيقنة أن المغاربة سيتابعونني وسيشاركونني أمل الانتصار،والحمد لله حققت الأمل.. أشكر جميع من ساندني،أشكر الطاقم التقني كما أشكر السيد جواد بلحاج رئيس الجامعة الذي انتقل من المغرب إلى الهند لمؤازرتي ولدعمي.».

 

لم يكن إحراز الميدالية الذهبية بالمهمة السهلة فعلا،فالأمر كان يتطلب من البطلة خديجة المرضي تجاوز منافسة قوية هي الكازاخستانية كونغيباييفا لازات بطلة العالم سنة 2016.
منذ انطلاق المباراة،اختارت المرضي الاندفاع للهجوم، ونجحت في إرباك منافستها بعد أن وجهت لها عدة لكمات متتالية.
فرضت خديجة المرضي إيقاعها على هذا النحو، وظلت طيلة عمر النزال وفية لنهجها إلى أن تمكنت من التفوق وتحقيق الانتصار.
تقول خديجة المرضي التي أصبحت أول ملاكمة عربية وافريقية تفوز بميدالية ذهبية في بطولة العالم: «طموحي الآن هو رفع العلم الوطني عاليا في الألعاب الأولمبية المقبلة».
من جهته، وفي تصريح للجريدة، اعتبر عثمان فضلي المدير التقني الوطني بالجامعة الملكية المغربية للملاكمة ما حققته البطلة المرضي إنجازا غير مسبوق في تاريخ الملاكمة المغربية والعربية والإفريقية. وقال أن المغرب أضحى يحتل المركز الخامس عالميا بعد أن تمكن المنتحب المغربي من الفوز بميدالية ذهبية ونحاسية خلال هذه البطولة العالمية. وأشار إلى أن النتائج التي حققتها الملاكمات المغربيات خلال هذا الحدث العالمي «مشرفة جدا»، مسجلا أن مستوى الملاكمة المغربية يتحسن من حسن إلى أحسن.
وفضلا عن خديجة المرضي، كانت الملاكمة المغربية ممثلة في هذا الحدث العالمي بكل من ياسمين متقي (وزن أقل من 48 كلغ)، التي أحرزت الميدالية البرونزية بعد تأهلها لنصف النهاية، ووداد برطال (وزن أقل من 54 كلغ) ورباب شيدر (وزن أقل من 50 كلغ) اللتان خرجتا على التوالي من الدور الثاني وربع النهاية.
وعرفت بطولة العالم للملاكمة سيدات التي أقيمت منافساتها في 12 وزن، مشاركة حوالي 325 ملاكمة يمثلن 65 بلدا من بينهم المغرب.
يشار إلى أن جريدة «الاتحاد الاشتراكي» كانت قد أجرت حوارا مع البطلة خديجة المرضي مباشرة بعد فوزها بالميدالية الذهبية في الدورة السادسة لكأس محمد السادس الدولية للملاكمة، التي نظمت شهر فبراير الماضي، بالقاعة المغطاة متعددة الرياضات المحاميد بمراكش.
وكانت الميدالية الذهبية من نصيب الملاكمة خديجة المرضي، عقب فوزها في النزال النهائي في فئة (+ 81 كلغ) على الكازاخستانية كونغيباييفا لازات بـ (0 – 5)، وهي نفس الملاكمة التي واجهتها أول أمس الأحد في بطولة العالم بالهند.

في ذلك الحوار،حكت خديجة المرضي:

«لن أنسى ما عشت الحدث المأساوي الذي طبع مساري الرياضي ويتعلق بحادث وفاة والدتي وهي تحضر أحد نزالاتي برسم دوري كأس محمد السادس الدولية الذي احتضنته مراكش سنة 2014. رحلت والدتي إلى دار البقاء وهي حاضرة تشجعني وسط الجمهور المغربي بمدرجات قاعة بن شقرون بدور النصف النهائي..
كنت في حلبة النزال عندما سمعت صراخا غير عادي وسط القاعة،كانت أمي تلفظ أنفاسها الأخيرة، كان يبدو أنها لم تكن لتستطع تحمل فرحة انتصاري في نزال تلك الليلة.. كان المشهد قاسيا بكل معاني الكلمة، حملت بسرعة ونقلت إلى المستشفى،كانت روحها قد صعدت لباريها.. أكيد لم أنم تلك الليلة، وفي الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي، كانت سيارة نقل الأموات تحملها متجهة إلى مدينة الدارالبيضاء لدفن جثمانها،فيما تسمرت جالسة فوق رصيف الشارع اتابع بنظراتي وأنا أكاد أسمع صوتها وهي تردد « بنتي المرضية،ستنتصرين، لا تتراجعي ولا تستسلمي،أريد منك الميدالية الذهبية،إنه حلمي كما هو حلمي أيضا أن أراك ماثلة أمام جلالة الملك محمد السادس.».
عاهدتها وعاهدت نفسي، لن أتراجع، سأواصل المعركة حتى النهاية، سأنال الميدالية الذهبية كما كانت تحلم بها والدتي.. مرت ساعات قليلة، وفي حدود الساعة الخامسة زوالا، كنت فوق الحلبة،خضت قتالا حقيقيا مع نفسي قبل أن يكون مع منافستي، واصلت المنافسات وأحرزت في النهاية الميدالية الذهبية وكانت هديتي لروح والدتي.
عانيت لفترة طويلة من تداعيات ذلك الحادث،لم أتحمل الصدمة،تأثرت بشكل كبير من رحيل والدتي، كانت ضربة قاضية أسقطتني في دوامة الحزن واستسلمت لحالة الاكتئاب،حيث اعتزلت الحياة، وانفصلت عن عالمي وعن حياتي الطبيعية، وكدت أنتهي وأفقد كل مقومات توازني،لولا مؤازرة أسرتي وتدخلات الطبيب النفسي..
عدت للحياة، للملاكمة، للتداريب وللمنافسات، لكن صورة والدتي لم تفارقني، عند كل نزال، وفوق أي حلبة، كنت أبحث عن الميدالية الذهبية إهداء لروحها.. أمي ثم أمي ثم أمي.

الذهب.. من 2014 إلى 2023

«أنا سعيدة جدا بنجاحي في إحراز الميدالية الذهبية لدورة هذه السنة من كأس محمد السادس للملاكمة، وسعادتي أنها تختلف عن ذهبية 2014، فقيمتها في أنها تحتسب ضمن سلسلة الحزام الذهبي بكل إيجابيات هذه السلسلة العالمية خاصة على مستوى التصنيف والتنقيط. فذهبية هذه السنة منحتني 1900 نقطة جديدة ما جعلني أتمركز في صدارة الترتيب العالمي للملاكمات الذي يقرره الاتحاد الدولي للملاكمة،الأمر الذي يضعني كمرشحة فوق العادة للتأهل لبطولة العالم التي تحتضنها الهند في شهر مارس المقبل..
من أجل الوصول إلى القمة ونيل تلك الميدالية الذهبية، كان علي أن أبذل جهودا جبارة في التداريب وفي نفس الوقت جهودا أخرى في رعاية أسرتي.
للوصول إلى النجاح وإلى القمة، تقول خديجة المرضي، هناك تضحيات، هناك تعب، هناك حياة تفرض على ملاكمة مثلي، مقاومة قساوة العيش ومحاولة التغلب على صعابها وهي كثيرة ومتنوعة.
أنا أم مسؤولة عن تربية ورعاية بناتي الثلاث،سلطانة (سنة ونصف)، فاطمة الزهراء (ست سنوات ونصف)، وإلهام (11 سنة ونصف).
برنامجي اليومي مرتبط أساسا برعاية بناتي،أستيقظ باكرا من أجل تحضيرهن ونقلهن للمدرسة، أنطلق بعد ذلك للحصة الأولى من التدريب وتكون عبارة عن الركض والجري.أعود بعدها لإعداد وجبة الغذاء، ثم أستأنف تداريبي في القاعة الرياضية. ومساء،وبعد أن تعود بناتي من المدارس،أتوجه مرة أخرى للقاعة من أجل الحصة التدريبية المسائية.
أنا من مواليد فاتح فبراير من سنة 1991 بسيدي عثمان بمدينة الدار البيضاء ،عدد أفراد عائلتي ثمانية، نعيش حياة بسيطة جدا التميز الوحيد فيها هو أني كفرد منها أعتبر بطلة عالمية وإسمي مودن في سجلات كبار الرياضيات في العالم.
أجتهد وأتدرب بكل حماس بالرغم كل الصعوبات التي تضعها الحياة أمامي وأنا أم لثلاث بنات وزوجي رجل بسيط ، وأكيد مدخوله لن يكفي تغطية متطلبات البيت والبنات ومدارسهن وحاجياتهن بالإضافة إلى متطلباتي كرياضية من مستوى نخبة الرياضيين.
كنت ملزمة بمد يد العون لمساعدة زوجي على تحمل نفقات بيتنا، ولو أن ما أجنيه في الملاكمة لا يكفي بشكل كبير.
أعتبر نفسي بكل صدق،مناضلة رياضية أجتهد من أجل وطني أولا، ومن أجل روح والدتي،ففي كل ميدالية أحرزها،تحضر روحها كما تحضر في ذهني عند كل نزال الرغبة في الانتصار من أجل الوفاء بعهد قدمته لوالدتي.
سأسعى بكل جهد لانتزاع الميدالية الذهبية وفي ذهني صورة أمي، وفي طموحي إهداءها لجلالة الملك محمد السادس.».


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 28/03/2023