بعد تسجيل أول حالة إصابة بأوميكرون هل أصبح المغرب بيئة حاضنة للمتحورات؟

 

 

خلق التصريح، الذي أدلى به وزير الصحة والحماية الاجتماعية على إثر الإعلان عن تسجيل ظهور أول حالة إصابة بالمتحور أوميكرون، علامات استفهام عريضة، خاصة عندما تحدث عن كون الأمر يتعلق بحالة «إصابة محلية»، وهو ما يستدعي الوقوف عنده علميا وطرح الإشكاليات الأساسية من أجل إيجاد أجوبة لها، بالنظر إلى أن الأمر يشكّل منعطفا في مسار الجائحة الوبائية في بلادنا.
لقد ظلت بلادنا منذ أن عرفت أول حالة إصابة بفيروس يوهان في مارس 2020 ، مرورا بالمتحورين ألفا ودلتا، مستقبلة لا مصنّعة، إذ لم يتم الإعلان عن تسجيل أية طفرة مغربية في أي مرحلة من المراحل، باعتبارها طفرة تتميز بالضراوة أو بسرعة الانتشار، ولم يتم تداول اسم المغرب مقترنا بمتحور من المتحورات، كما هو الشأن بالنسبة للمتحور البرازيلي، والإنجليزي، والجنوب الإفريقي … فما الذي استجدّ اليوم؟ وهل نحن بالفعل أمام متحور من «صنع محلي»؟ وإذا كنا كذلك، فكيف يمكن أن «نخلق» نفس المتحور القائم وليس متحورا جديدا؟
أسئلة متعددة، تنضاف إليها أخرى، من قبيل إن كان قد تم أخذ الوقت الكافي لدراسة الوضع الوبائي ارتباطا بالحالة المسجلة قبل أن يقدم وزير الصحة والحماية الاجتماعية تصريحه؟ وما هو وقع هذا الأمر على بلادنا ارتباطا بمحيطها الخارجي؟ وهل أصبح المغرب بيئة حاضنة للفيروس ومتحوراته؟ وفي أي سياق وكيف تم تسجيل هذه البؤرة، وما الذي جعل أطرافا فيها تصاب بالمتحور دلتا، بينما أصيبت الحالة موضوع النقاش، وهي شابة في الثلاثينات من عمرها تقطن بتراب ابن امسيك، بـ «أوميكرون المحلي»؟ وما الذي يميز خصائص هذا المتحور عن نظيره الجنوب إفريقي، وغيرها من الأسئلة الأخرى؟
الأكيد أن الوضع الوبائي في بلادنا، وإن عرف استقرارا في لحظات معينة، فإنه يظل مهددا بالنظر للحالة الوبائية التي يعرفها العالم بأسره وأوروبا تحديدا، رغم كل الإجراءات الاحترازية التي يمكن اتخاذها، خاصة وأن فئات مهمة من المغاربة لم تتوجه إلى مراكز التلقيح للحصول على جرعتها الأولى، وأخرى تتردد في الحصول على الثانية أو الثالثة، مما يؤخر أجل بلوغ المناعة الجماعية، وفقا لتأكيدات خبراء مختصين. هذه الوضعية تتطلب منا المزيد من اليقظة والتعبئة الجماعية، بعيدا عن كل أشكال ومظاهر الاستخفاف التي نعاين صورها في كل يوم، وتتطلب بالمقابل تواصلا حقيقيا وشفافا، مبنيا على أسس علمية، يجيب عن كل الأسئلة الحارقة، لأن تواصل الوزارة منذ ظهور الجائحة، وخلافا لما تؤكده من وجهة نظرها، كان تواصلا أحاديا، عبارة عن ردود أفعال في كثير من الحالات، ويهدف إلى تبليغ رسائل خاصة تعني أصحابها ولا تأخذ بعين الاعتبار تساؤلات وانشغالات وانتظارات المجتمع.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 17/12/2021