بعد صدامات شهدتها المدينة:السلطات التونسية تطرد عشرات المهاجرين من منازلهم في صفاقس وتنقل بعضهم إلى الحدود مع ليبيا

تعرض عشرات المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء للطرد من مدينة صفاقس التونسية، غداة أعمال عنف ليلية اندلعت إثر مصرع أحد السكان في صدامات مع مهاجرين غير قانونيين، وفقا لشهادات وصور تم بثها على الإنترنت.
وليلة الثلاثاء-الأربعاء تجمع مئات السكان في شوارع العديد من أحياء هذه المدينة الساحلية الواقعة في وسط شرق البلاد، مطالبين بمغادرة جميع المهاجرين غير القانونيين على الفور، بحسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس في المكان.
وخلال تلك الاحتجاجات التي استمرت الليل بطوله، قطع بعض المحتجين الطرقات وأضرموا النار في إطارات مطاطية تعبيرا عن غضبهم بعد مقتل مواطن يبلغ من العمر 41 عاما طعنا خلال صدامات وقعت ليل الاثنين-الثلاثاء مع مهاجرين من دول تقع في أفريقيا جنوب الصحراء.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر من الشرطة وهم يطردون عشرات المهاجرين من منازلهم وسط هتافات سكان المدينة، قبل أن يتم تجميع هؤلاء المهاجرين في سيارات الشرطة.
وأظهرت مقاطع أخرى مهاجرين على الأرض وأيديهم على رؤوسهم ومحاطين بعدد من السكان بانتظار وصول الشرطة لتسلمهم.
وقال الناطق الرسمي باسم منظمة «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» رمضان بن عمر لفرانس برس، إن الشرطة نقلت العديد من المهاجرين إلى مبنى «معرض صفاقس» في انتظار نقلهم إلى مكان آخر.
ونقل مهاجرون آخرون إلى منطقة قريبة من الحدود الليبية، بحسب بن عمر، الذي لم يتمكن من تحديد العدد الإجمالي للمهاجرين الذين طردوا من صفاقس.

ونددت أكثر من عشرين منظمة حقوقية تونسية ودولية في بيان الأربعاء بـ»انتهاكات حقوق الإنسان التي تطال المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين».
ودعت المنظمات الحقوقية في بيانها السلطات التونسية إلى «توضيح هذه الحقائق والتدخل العاجل لضمان التكفل العاجل بهؤلاء الأشخاص».
وأكدت المنظمات أن السلطات التونسية رحلت إلى الحدود الليبية 148 مهاجرا ولاجئا من جنسيات عدة، بما في ذلك ساحل العاج والكاميرون، مشيرة إلى أنه من بين هؤلاء، 12 طفلا على الأقل، تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و5 سنوات.
وأثار مقتل الصفاقسي الأربعيني سيلا من ردود الفعل العنصرية المطالبة بطرد المهاجرين غير القانونيين من صفاقس، وهي أهم نقطة عبور للمهاجرين غير القانونيين عبر البحر في اتجاه السواحل الايطالية. كما نقل عشرات المهاجرين إلى محطة القطارات بصفاقس للتوجه إلى مناطق أخرى من البلاد، بحسب مصور لفرانس برس.
وقال لفرانس برس المهاجر الكونغولي جوناثان تشامو «نشعر بالخوف هنا ونريد مغادرة صفاقس فورا « لأن «السكان يهاجمون المهاجرين».
وأضاف الطالب الذي جاء لتونس للدراسة أن «الشرطة التونسية تحاول توقيف كل المهاجرين وترحيلهم إلى الصحراء الليبية وهذا غير معقول».
من جهته، كتب مدير جمعية «أفريك أنتيليجانس» فرانك يوتديجي، وهي منظمة تعمل في مجال الدفاع عن حقوق المهاجرين، أن «العنف بين المواطنين التونسيين والمهاجرين الأفارقة يستمر في التصاعد في صفاقس، مما يخلق توترا شديدا بين هؤلاء المهاجرين».
وشدد على وجوب «أن تحمي الدولة الناس وممتلكاتهم، وأن تضاعف السلطات التونسية الإجراءات لضمان سلامة سكان صفاقس من التونسيين والأجانب».
وينتشر العنف اللفظي والجسدي بين السكان والمهاجرين. وتضاعف هذا العنف بعد خطاب ألقاه الرئيس التونسي قيس سعيد في فبراير الماضي وانتقد فيه الهجرة غير القانونية واعتبرها تهديدا للتركيبة الديموغرافية لبلاده.
وشجبت 23 منظمة غير حكومية محلية ودولية في بيان مشترك «خطاب الكراهية والترهيب ضد المهاجرين (من إفريقيا جنوب الصحراء) المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يساهم في التعبئة ضد الفئات الأكثر ضعفا ويؤجج السلوك العنيف ضدهم».
ويتوافد على تونس الآلاف من المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء، والتي تمر بأزمات سياسية واقتصادية ونزاعات، ويتخذون من المحافظات الساحلية مستقرا لهم، ويحاولون جمع المال ودفعه مقابل المشاركة في محاولات عبور غير قانونية على متن قوارب تقلهم إلى السواحل الايطالية بالدرجة الأولى.
وعرض الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي، دعما ماليا بقيمة مليار دولار على تونس، التي تواجه أزمة لتعزيز اقتصادها، والحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر المتوسط.


بتاريخ : 07/07/2023