بعضها اكتسب شهرة عالمية والآخر إقليمية الإنتاج الوطني يعجز عن «خلق» دمى كرتونية بهوّية مغربية

 

غزت الدمى والشخصيات الكرتونية الشاشات عبر العالم على امتداد كل السنوات الفارطة، بعضها اكتسى شهرة عالمية وذاع صيته، والبعض الآخر اقتصر حضوره على الوطن العربي، أو في رقعة جغرافية معينة، كما هو الحال بالنسبة لمصر والدول المجاورة أو الخليج العربي. شخصيات تتبّعتها أجيال متعددة كما هو الشأن بالنسبة لشخصيات «والت ديزني» و«توم وجيري» و«ليسيمبسون» وغيرها كثير من الدمى الشهيرة، أو أخرى عربية من قبيل «بوجي وطمطم» و«فرح»، وحتى «أبلة فاهيتا»، بعضها اقتصر حضورها على فئة الطفولة موجّها إليها رسائله المختلفة، وإن كانت تغري الكبار بدورهم لمتابعة حلقاتها، والبعض الآخر، خرج من قالب الرسائل التربوية والترفيهية إلى ما هو أبعد من ذلك، معالجا قضايا اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية، فكان أن كتُب لبعضها الاستمرار، في حين تم تنفيذ حكم «الإعدام» في أخرى.
وإذا كانت عدد من الدول رائدة في هذا المجال، كما هو الشأن بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية واليابان وفرنسا التي استطاعت أن تكون لها شخصيات من الدمى بهوّية وجنسية تمثل تلك المجتمعات وتصبح عنوانا عليها، فإننا في المغرب، وإن كان القياس متعذرا مع الوجود الفارق، وعلى امتداد كل هذه السنوات لم يتمكن إنتاجنا بتعدد اتجاهاته، من خلق شخصية أو شخصيات كرتونية مغربية صرفة و خالصة، وإعداد سلسلة تلفزيونية موجهة لفئة من الفئات، تعالج قضية أو مجموعة قضايا، والتي يمكن لمتابعيها أن تحيلهم مباشرة على بلدنا، إن على مستوى اللغة أو اللباس أو الهوية، وباقي التفاصيل الأخرى التي يمكن توظيفها في كل حلقة من الحلقات، علما بأنه كانت هناك بعض النماذج على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية كـ «يوتيوب»، أو بعض الأفلام القصيرة التي شاركت منذ سنة 2005 في المهرجان الدولي لسينما التحريك بمكناس، في إطار جائزة عائشة الكبرى لسينما التحريك، التي أعدها فنانون وشباب مغاربة، والتي شكّلت ملامح من مستقبل يمكن أن يرى النور في هذا الباب، متى توفرت جملة من الشروط الذاتية والموضوعية، بالنظر إلى أن الوصول إلى سلسلة خاصة، ترتبط فيه القصة بالصورة بالدعم وغيره من العناوين الأخرى.
«فقر» الإنتاج الكرتوني المغربي، يطرح أكثر من علامة استفهام، إذ لا يستوعب الكثير من المتتبعين السبب في هذا الغياب أو التغييب، إن كان يتعلق بالتمويل، أو الخوف من عدم احتضان تلك الشخصية بصدر رحب من قبل الجماهير، أم أن الأمر عبارة عن عقد بحلقات متعددة يجب أن تكون متوفرة بأكملها حتى يمكن تركيب العقد في إطار متكامل، والمقصود بذلك القصة المصورة، رسما ونصا والتكوين والإنتاج، و غيرها من الأسئلة التي تطرح في هذا الباب، بالنظر إلى أن الدول التي تتوفر على هذه الإنتاجات حققت رصيدا تاريخيا ضاربا في القدم في القصة المصورة، الذي تطور بالاستثمار في صناعة التحريك، علما بأن هناك شبابا مغاربة تميزوا في هذا الباب ويشتغلون مع قنوات و مؤسسات كثيرة في الوطن العربي والخليج.
وينتقد عدد من المهتمين الانصراف إلى إنتاجات «تقليدية» أو «روتينية» عوض بذل المزيد من الجهد والإبداع في إطار شمولي للوصول إلى سلسلات تبحر بالمشاهد في بحر التحريك بأبطال وشخصيات كرتونيةّ، الأمر الذي يرى المتتبعون أنه يحتاج إلى إرادة جماعية، مؤكدين على أن أولى الخطوات قد تم الإعلان عنها، إذ يرتقب أن يتم إنتاج 3 سلسلات مغربية للرسوم المتحركة، لأول مرة في تاريخ التلفزة المغربية من 20 حلقة، كل حلقة مدتها 4 دقائق، وستكون هذه التجربة مهمة لتقييمها والوقوف على مدى نجاحها من أجل المضي قدما في عالم التحريك بخصوصيات مغربية صرفة.


الكاتب :   وحيد مبارك

  

بتاريخ : 28/10/2020