بمناسبة الذكرى 31 لاغتياله : محمد مستاوي يوجه رسالة مفتوحة إلى ابنه وابن الوطن مستاوي جبران في قبره

ابني وابن الوطن، مستاوي جبران، وأنت في دار الخلد حيث الشهداء والقتلة ينتظر كل واحد جزاءه في الدنيا وفي الآخرة، رغم مرور واحد وثلاثين سنة على الضربة الغادرة التي تعرضت لها في مطار محمد الخامس بتاريخ 19/05/1992.
نعم لن أنسى عودتك يا بني من أرض الغربة بالاتحاد السوفياتي، حيث كنت تتابع دراستك إلى مطار محمد الخامس بوطنك المغرب، فمستشفى ابن رشد فالمقبرة، بعد عشرة أيام من الغيبوبة الناتجة عن ضربة غادرة أعلى الأذن اليسرى.
أتذكر وتتذكر والدتك وإخوتك ومن شاهدوك من مواطنيك أنك وصلت عاديا واتصلت بنا هاتفيا مرتين وقلت إنك بخير فقط بحاجة إلى سيارة الأسرة لعدم توفرك على العملة المغربية، والروسية لن يقبلها صاحب سيارة الأجرة، لكن بعد المكالمتين ضربة غادرة أعلى الأذن اليسرى كما ذكرت جعلتك تدخل في غيبوبة داخل مستشفى ابن رشد عشرة أيام، بعدها الرحيل في محفل رهيب إلى مثواك الأخير دون أن تعود إلى منزل أسرتك.
طبعا لن أنساك ولن تنساك والدتك التي كانت وفاتك سببا في إصابتها بمرض السكري المزمن ومضاعفاته. كنت ملازما لك أنا والدك في مستشفى ابن رشد إلى أن استجبت لنداء خالقك بتاريخ 29/05/1992. أتذكر الخمسة أشخاص بزيهم المدني الأبيض بدل الأسود الذين سلموك لي، وصرح أحدهم بأن عليك أن تذهب به فورا إلى مستشفى ابن رشد، وحملتك بمعية شقيقيك بسيارتي العادية وكان الواجب الإنساني والقانوني يقتضي أن تحملك إدارة المطار على وجه السرعة بسيارة الإسعاف إلى أقرب مصحة أو مستشفى بدل انتظار الأسرة لساعات دون أن يسلموا لنا جواز سفرك وأمتعتك لحد كتابة هذه الصرخة المحملة بالألم بتاريخ 22/05/2023.
أتذكر لما وصلنا إلى مستشفى ابن رشد والساعة الحادية عشر والنصف ليلا وأمرت بالذهاب بك فورا إلى مصحة ابن القاضي لإجراء فحص سكانير 19/05/1992 وصباح 20/05/1992، أجريت لك عملية جراحية في الرأس وحرموك من الأوكسجين أربعة أيام حيث مددوك فوق سرير وحيدا جانب مكتب الإرشادات بعيدا عن المرضى، وكنت أتنقل بين الإدارة وحيث المحتضر طالبا تزويدك بالأوكسجين دون جدوى.
أتذكر لما حملتك بسيارة إسعاف خاصة مرتين لإجراء فحوص بجهاز سكانير خارج المستشفى، سلمت الفحوص والصور لإدارة المستشفى، أتذكر لما طلبت من مدير المستشفى أن يسلمها لي بعد وفاتك قصد وضعها في الملف المقدم للسيد وكيل الملك فامتنع عن تسليمها لي رغم أنها تخصني لأنني أديت ثمنها. وفوق هذا وذاك حفظ الملف الذي لا يحتوي إلا على أسماء لباعة الجرائد بالمطار وبعض الموظفين دون إعطاء فرصة للمناقشة لإظهار الحقيقة ودون استفسار أيا من ركاب الطائرة التي حملتك وإياهم من روسيا إلى وطنك المغرب.
عزائي يا بني ما كتبته بعض الصحف الوطنية بمبادرة مني وبأقلام وطنية شريفة…
مصدر ألمي وألم الأسرة وكل الرافضين للظلم واغتيال الحق والحقيقة في واضحة النهار يا بني، هو أن الشكاية المرفوعة إلى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء في عهد «حكومة الداخلية» تم حفظها دون مناقشة الملف بل دون إدراجها في جلسة ما.
وجهت رسائل إلى الجهات المسؤولة، كل الجهات الحقوقية دون أن أتوصل ولو بجواب، إلا من طرف السيد وكيل الملك باستئنافية الدارالبيضاء، يخبرني فيها بأن الملف تم حفظه ومن طرف الأستاذ حرزني بعدم الاختصاص.
بمناسبة الذكرى الواحدة والثلاثون لوفاتك بتاريخ 29/05/1992 ذهبت بملفات محملة بما كتبته الصحافة عن ظروف وفاتك غير الطبيعية، إضافة إلى الملف الطبي وتقرير مفصل شرحت فيه وصولك في ظروف عادية ومكالمتك للأسرة بعد وصولك وطلبت إعادة التحقيق وإخراج الملف من الحفظ خدمة للحق وللحقيقة ولحقوق الإنسان حيا وميتا لكن لم أتوصل بأي جواب.
كما سلمت رسالة إلى جلالة الملك محمد السادس أثناء زيارته لدائرة إيغرم بتاريخ 25/10/2001، ملتمسا من جلالته إعطاء أمره بإعادة التحقيق فيما تعرض له ابني وابن الوطن مستاوي جبران، لكن الجهة المكلفة بهذا النوع من الشكايات قد تكون محتفظة بها لم تسلمها لجلالته…
وبتاريخ 04/02/2004، سلمت ملفا كاملا لهيئة الإنصاف والمصالحة عبارة عن رسالة مفصلة استعرضت فيها ظروف الجريمة، وبعض ما نشرته الصحافة الوطنية في الموضوع، ونماذج من الوصفات الطبية، مع طلب موجه إلى إدارة المطار لفتح تحقيق في الموضوع، ونسخة من شكايتنا لوكيل جلالة الملك بابتدائية أنفا، إضافة إلى أسماء وعناوين الشهود، لكن دون أن أتوصل بأي جواب لحد كتابة هذه السطور بتاريخ 22/5/2023.
إذا كان هذا النوع من الجرائم واللامبالاة من سمات حكومات الداخلية السابقة التي وقعت الجريمة ومثيلاتها في عهدها 1992، فالغير المقبول حاليا هو عدم إعادة التحقيق في ملف كهذا في ظل الحكومات المتعاقبة التي وعدت بفتح ملفات التجاوزات وما أكثرها. وبمناسبة الذكرى الواحدة والثلاثون لوقوع الجريمة النكراء، أجدد ندائي إلى المسؤولين، كل المسؤولين أن يعجلوا بالتحقيق العادل إحقاقا للحق وإزهاقا للباطل. مكررا أنني ولحد كتابة هذه السطور، لم أتوصل بجواز سفره ولا بشيء من أمتعته.
لو تعلق الأمر بابن مسؤول أو بحيوان من حيواناته لقامت القيامة ولتم القبض على الجاني أو الجناة لكن محمد مستاوي فقط شاعر باحث مؤلف صحافي يشقى في سبيل إسعاد الآخرين.
ختاما، بني، قال تعالى: «إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون». صدق لله العظيم.


الكاتب : ذ/محمد مستاوي

  

بتاريخ : 27/06/2023