بني ملال .. تشرد تحت الصفر

 

تراهم يتجولون نهارا في شوارع المدينة، بعضهم يحمل بقايا أفرشة أو ملابس، لعلها تمنحهم بعض الدفء عندما يحل الظلام وتنخفض درجة الحرارة إلى الأسفل. منهم من يتخذ الحدائق والفضاءات العمومية المختلفة مأوى له، ومنهم من ينعزل بجانب أودية تخترق المدينة من الشرق نحو الغرب، كوادي الحندق، وساقية أم الظهر، وساقية تامغنونت.
أما ليلا حين تنزل درجة الحرارة إلى مستويات جد متدنية في مدينة بني ملال، إلى ما تحت الصفر، وتلامس في فترة الفجر ثلاث أو أربع درجات تحت الصفر، فإنهم يتسابقون على أمكنة محددة، حيث يستعملون « الكرطون» كفراش، بجنبات المحطة الطرقية، أو جنبات شارع محمد السادس المقابل لها، بالمقابل بعض الذين يعانون من اضطرابات عقلية، ينعزلون تحت العمارات وعلى أبواب بعض المقاهي، بشارع محمد الخامس، أو ساحة الحرية ،أو واجهات دكاكين شارع أحمد الحنصالي.
مشردون ومختلون عقليا بدون مأوى، تقوم السلطات بحملات موسمية لجمعهم وحمايتهم من البرد القارس الذي يخيم ليلا على المدينة، والذي قد يتسبب لهم في الإصابة بأمراض مزمنة و خطيرة تؤدي إلى الوفاة. ولهذا الغرض انطلقت الحملة التي تقوم بها السلطات في مثل هذه الأوقات لجمعهم وإيوائهم، وحددت السلطات بدايتها في 28 دجنبر الأخير والتي ستستمر إلى غاية 28 من شهر مارس المقبل.
حملة، قامت بالفعل اللجنة المشتركة المكونة من القوات المساعدة والقائد محفوفا بأعوانه وعناصر الوقاية المدنية وبعض عناصر الشرطة، بحملة ذات ليلة على مستوى الملحقة الإدارية السادسة حيث يتواجد هؤلاء المشردين بجنبات المحطة الطرقية، ومواقف سيارات الأجرة من الصنف الكبير، وبالفضاءات الخضراء لشارع محمد السادس، وتمكنت من جمع أربعة منهم وإلحاقهم بالمركز السوسيو ثقافي لالا عائشة التابع للملحقة الإدارية الرابعة. كما علمنا من أحد المشاركين في الحملة بأنها تواصلت على مستوى الملحقة السابعة وتم العثور على بعض المشردين وتم نقلهم بدورهم إلى المركز المذكور.
وبلغ عدد المشردين المتواجدين بهذا المركز، وفقا لمصادر «الاتحاد الاشتراكي»، 30 شخصا ممن لا مأوى لهم، من بينهم خمسة نساء، يتلقون العناية اللازمة، حيث يتوفرون على أسرّة وأفرشة وأغطية، و يتناولون وجبات غذائية منتظمة، تحت إشراف جمعية أنيط بها القيام بهذا العمل الإنساني، والتي تتلقى الدعم لأجل ذلك من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لإقليم بني ملال، كما تشرف أيضا على نقل المرضى منهم إلى المستشفى الجهوي لتلقي العلاجات الضرورية.
حملات، الأكيد أنها ستستمر لتشمل مختلف الملحقات الإدارية العشر على صعيد المدينة، وفي هذا الصدد يجب التذكير بأنه تم بناء مركز جديد لاستقبال هؤلاء المشردين بمركز أولاد مبارك، بشراكة بين مجلس الجهة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وجماعة أولاد مبارك، الذي يتوفر على جميع المرافق اللازمة بسعة أكبر، غير أنه لم يتم فتحه بعد لأسباب غير معروفة.
مبادرات إنسانية نبيلة، من شأنها الحفاظ على كرامة الإنسان والسهر على حماية حقوقه الأساسية، في العيش الكريم، التي يجب أن تتطور وتتحسن طبيعة الخدمات المقدمة خلالها، وان تتسم بالاستمرارية لا أن تكون مناسباتية، وهو ما يتطلب تتبعا دائما ومراقبة ميدانية لما يوجد في الشارع العام.


الكاتب : أ - عبد العاطي

  

بتاريخ : 09/01/2024