بين حوار وصدام الحضارات .. هل يتحول إذكاء النزاعات إلى أصل تجاري لوسائل الإعلام

الشعبوية تنامت والمنتوج الصحافي سيضيق لفائدة التفاهة

 

 

لم يستطع الزملاء الصحافيون المكناسيون، الذين حضروا الجمع العام التأسيسي للفرع الجهوي للفيدرالية المغربية لناشري الصحف يوم 7 يناير بأحد فنادق فاس الفخمة المصنفة، التخلص من جبة الصراع الذي كان قائما بين فريقي المغرب الرياضي الفاسي لكرة القدم وغريمه النادي المكناسي.
و رغم هذا الصراع المفتعل، استطاع الزميل نور الدين مفتاح رئيس الفيدرالية المغربية، الذي أشرف على عملية الانتخابات، أن يقود السفينة إلى بر الأمان، حيث تمخض عن هذا الجمع انتخاب مكتب جهوي يتكون من 23 زميلا وزميلة، يضم تمثيلية جميع أقاليم الجهة، و الذين حضروا الجمع العام التأسيسي للفرع الجهوي الفيدرالي لجهة فاس مكناس برئاسة الزميل يوسف السوحي.
اليوم الثاني لهذا النشاط تميز بالندوة العلمية في موضوع بين حوار وصدام الحضارات .. هل يتحول إذكاء النزاعات إلى أصل تجاري لوسائل الإعلام؟ شارك فيها الدكاترة محمد بوصوف وأحمد العبادي وعز العرب بناني الحكيم الى جانب الزميل ذ عبد الله البقالى رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وأدارها باقتدار الشاعر د.عبد الوهاب الرامي.
د. محمد بوصوف اعتبر أن فاس العالمة لعبت دورا أساسيا في الإشعاع الحضاري الإسلامي الذي انتقل إلى أوروبا بفضل عدد من الطلبة الأوروبيين من بينهم البابا سيلفستر الثاني، الذي نقل الأرقام العربية إلى أوروبا بفضل دراسته في رحاب جامعة القرويين التي ساهم علماؤها في نشر الإسلام الوسطي درءا للتعصب الديني الذي تحول إلى إرهاب عالمي في عصرنا الحاضر، كما أشار المحاضر إلى دور الإذاعات التي ظهرت خلال الحرب العالمية الثانية، حيث لعبت دورا أساسيا في تأجيج الصراعات، الشيء الذي ساهم في اختراق قوات العدو، علما أن القنوات التلفزية العالمية التي أنشئت في عصرنا كقناة الجزيرة و c.n.nو b.b.cوغيرها تساهم بشكل فعال في تأجيج الحروب والصراعات في مختلف مناطق العالم
من جهته اعتبر د احمد العبادي أن صراع الحضارات انطلق من الحرب الباردة التي كانت قائمة بين الاتحاد السوفياتي سابقا والولايات المتحدة الأمريكية والتي انتهت بسقوط النظام الشيوعي وهيمنة الرأسمالية، ولعل صراع الحضارة بين القطبين الشيوعي والرأسمالي أدى إلى بروز العولمة المتوحشة، كما أن النظامين أخذا يشعلان الحروب في عدد من الدول لدعم اقتصادهما وترويج أسلحتهما الفتاكة، ومن أهم الحروب التي قادتها الولايات المتحدة في الشرق العربي الحرب العراقية الإيرانية، وكذا احتلال العراق وإسقاط نظام صدام حسين ومحاكمته وإعدامه. وأضاف د العبادي قائلا «إنه لحد الآن لازالت رحى الحرب الطاحنة قائمة في اليمن التي تحركها نزعة الصراع الحضاري بين المسلمين الشيعة والسنة.
د .عز العرب بناني سلط الضوء على دور الإعلام في صراع الحضارات مستدلا بعدد من القضايا التي تناولتها الصحافة الالمانية، مؤكدا أن الإعلام يساهم في إثارة النزاعات، وبالتالي يؤدي إلى حروب بشعة بين نظامين يهيمنان على الاقتصاد العالمي.
الزميل عبد الله البقالي أكد آن الشعبوية تنامت والمنتوج الصحافي الجيد سيضيق لفائدة التفاهة، مبرزا أن هذه الأخيرة باتت تقدم محتويات بمنطق السوق وليس بخلفية أداء أدوارها في الإعلام والتثقيف، وأن تلك الوسائل أتاحت الشهرة لأناس أقل من العاديين، فيما كانت سابقا تتيح الشهرة للمثقفين والمفكرين والأدباء والسياسيين الذين يقومون بأدوار طلائعية حسب تخصصاتهم وعلى أساس جودة الأفكار والمنتوج.. ، ومن المؤسف، يؤكد الزميل البقالي، أنه يوجد في المغرب أشخاص عاديون باتت معدلات مشاهداتهم تفوق معدلات منتوج الصحافة الوطنية.
وخلص البقالي في مداخلته إلى أن شعبوية الإعلام في المغرب نتجت عن متغيرات وتصورات حدثت على المستوى الاقتصادي والاجتماعي في ظل الانتقال الاقتصادي الليبيرالي المتوحش.
وكانت آخر محطة في هذا النشاط الإعلامي المتميز، الذي نظمته الفيدرالية المغربية لناشري الصحف هو تكريم مجموعة من الزملاء الإعلاميين في طليعتهم الكاتب الصحافي الراحل عبد الكريم غلاب، حيث تم بث شريط وثائقي يتحدث عن نضلاته السياسية والإعلامية والثقافية ودوره الطلائعي في الصحافة الحزبية و مؤلفاته الأدبية في مختلف المجالات والفنون، وكذا تضحياته من أجل استقلال المغرب وتعرضه للسجن من أجل ذلك، بالإضافة إلى المسؤوليات المختلفة التي تحملها في عهد الاستقلال.
كما تم تكريم الزملاء محمد بوهلال، قيدوم الصحافة الاتحادية بفاس ( الصورة رفقته) و محمد الشرايبي والعابد السودي القرشي ومحمد البوكيلي ومريم الصافي .
وحول تكريمه قال الزميل بوهلال :» يعتبر تكريمي هذا تكريم من نوع خاص من طرف الزميل نور الدين مفتاح رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف الذي عاشرته لسنوات عديدة في جريدة الاتحاد الاشتراكي باعتباره صحفيا في المركز، وأنا كمراسل للجريدة بفاس، ونخبة من الزملاء الصحافيين والصحافيات أعضاء المكتب التنفيذي للفيدرالية»، ليتحدث بعد ذلك عن دور الصحف الوطنية في طليعتها جريدة «العلم» وصحف «التحرير» و «المحرر» ف»الاتحاد الاشتراكي» التي ساهم صحافيوها في توعية المواطنين وناضلوا من أجل تكريس الديمقراطية ودولة الحق والقانون التي ينعم بها الشعب المغربي حاليا والتي أدوا عنها الثمن غاليا..، واغتنم الزميل بوهلال مناسبة تكريمه ليقدم باكورة أعماله الادبية روايته المعنونة «في الضفة الأخرى» التي قدمها هدية للزملاء نور الدين مفتاح وعبد الله البقالي والكاتب الصحافي محمد برادة مؤسس شركة «سابريس» التي ساهمت في إيصال الصحف الوطنية المغربية من أقصى نقطة في الشمال المغربي إلى أقصى نقطة من تخوم صحرائنا المغربية مع إعفاء الصحف الجهوية من المصاريف تشجيعا لهذا المولود الاعلامي الجديد».
وفي نهاية مداخلته شكر رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي على هذه الالتفاتة، متمنيا أن يسير على خطى و نهج الراحل الرائد عبد الكريم غلاب في الصحافة والأعمال الأدبية.


الكاتب : فاس: أبو ياسر

  

بتاريخ : 14/01/2022