تاريخ العبودية، العرق والإسلام : عن جدلية «أو ما ملكت أيمانكم» بين المفسرين.. 4

في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، كان غالبية العبيد من أصل إثيوبي. لم يقتصر وصف العبيد على السود فقط، بل شمل أيضا العبيد «البيض» المستوردين من الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، وكذلك العبيد العرب الذين كانوا على الأرجح أسرى حرب وغالبا ما كان يتم إطلاق سراحهم مقابل فدية، وهي ممارسة مربحة بين البدو، يرى المؤرخ «أبو الفرج الأصبهاني» (ت 967)، الذي قام بتأليف عمل متعدد الأجزاء عن الشعر والأغاني العربية، أنه: «في عصر ما قبل الإسلام، استعبد العرب أطفالهم المولودين من العبيد الإناث الذين خدموا الرغبات الجنسية لأسيادهم

 

 

غالبا ما يتم تفسير آية «أو ما ملكت أيمانكم» (أولئك الذين تمتلكهم أيديكم اليمنى، لأن اليمنى هي تقبض الملك، والمقصود به النساء من الرقيق أو «الأمة») من قبل الخبراء في الإسلام على أنه كناية عن «المحظيات». يقرأ «جون هونويك»، أستاذ الإسلام الشهير في غرب إفريقيا، هذا التعبير على أنه يعني «المحظيات»، في حين يجادل المستشرق الألماني «جوزيف شاخت» بأن: «القرآن يسمح ب«المحظية»مع عبيد الرجل في عدة مقاطع».
كتب «الأمين سانيه»، أستاذ الدين الإسلامي في غرب إفريقيا، أن: «المحظية، معترف بها في القرآن، ويمكن للمرء أن يتبنى العديد من العبيد مثل محظيات، كما هو قادر على واحدة». يستمد سانيه، وجهة نظر المحظية من أعمال «نيل بيلي» (1799-1883)، المتخصص في الفقه الإسلامي في جنوب آسيا، حيث قال في ما يتعلق بالعبيد الإناث: «من القانوني للرجل الحر، أن يحتفظ ويتعايش مع أكبر عدد ممكن من العبيد كما يشاء».
استند تقرير بيلي، إلى تفسير الشريعة الإسلامية لعالم اللاهوت «أبو حنيفة» في القرن ال8الهجري، الذي لوحظ إلى حد كبير بين السكان المسلمين الهنود، وكذلك إلى رموز أخرى تعتمدها المدارس الفقهية التي شرعت العبودية والمحظية على تفسيرات القرآن، التي يزعم الكاتب أنها «تضمنت الممارسات الاجتماعية والثقافية الحالية قبل الإسلام بدلا من تبني ما يعبر عنه القرآن والالتزام به لمبادئ أخلاقية جديدة للعلاقات الاجتماعية».
تم تبني شرعية «المحظية» – المقبولة على نطاق واسع والمتكررة في معظم الأعمال العلمية حول العبودية في الإسلام – من التفسيرات الشعبية والمحترمة للقرآن. ينتج كل جيل تقريبا، مجلدات من التفسيرات القرآنية، وفي ما يلي أكثر المفسرين قراءة في معظم المكتبات في العالم الإسلامي: “جلال الدين المحلي» (ت 1459)،«جلال الدين السيوطي» (توفي عام 1505) الذي كتب مجلدا موجزا مصمما لجمهور كبير، وهو التفسير الأكثر شعبية في الوقت الحاضر ؛ «الطبري» (ت 923)؛ «ابن كثير» (ت 1373)، و»سيد قطب» من القرن ال20.
يفسر «المحلي» و«السيوطي»، هذه الآية على أنها «زواج النساء الأربع أو الواحدة فقط، أو «التسري» (يعني اتخاذ جارية كمحظية)». تبنى هؤلاء المؤلفون، نموذج التفسير السابق الذي يحظى بتقدير كبير من قبل «محمد بن جرير الطبري» (ولد عام 839، وتوفي عام 923في بغداد)، وهو مؤرخ ومفسر مشهور للقرآن. هذه التفسيرات للقرآن، تعترف وتعطي ترخيصا لممارسة المحظيات طالما أن المرأة عبدة وليست امرأة مسلمة حرة، وقد أيد هذه التفسيرات غالبية العلماء من مختلف المدارس الفقهية، مثل «الطبري» و «ابن أبي زيد القيرواني»، قاض مغاربي مسلم (توفي عام 996)، و«أبو العباس الونشريسي»الفقيه والمفتي التلمساني المالكي(1431-1508)؛ و«أحمد بابا التمبكتي» العالم الإسلامي في «تمبكتو» (1556-1627)؛ و«سيد قطب» (ت 1966) الشخصية المصرية البارزة في الإسلام السياسي، على سبيل المثال لا الحصر.


الكاتب :   ترجمة: المقدمي المهدي

  

بتاريخ : 15/03/2024