تاريخ العبودية، العرق والإسلام -25- الوطاسيون وبداية التحول في تجارة الرق

في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، كان غالبية العبيد من أصل إثيوبي. لم يقتصر وصف العبيد على السود فقط، بل شمل أيضا العبيد «البيض» المستوردين من الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، وكذلك العبيد العرب الذين كانوا على الأرجح أسرى حرب وغالبا ما كان يتم إطلاق سراحهم مقابل فدية، وهي ممارسة مربحة بين البدو، يرى المؤرخ
«أبو الفرج الأصبهاني» (ت 967)، الذي قام بتأليف عمل متعدد الأجزاء عن الشعر والأغاني العربية، أنه: «في عصر ما قبل الإسلام، استعبد العرب أطفالهم المولودين من العبيد الإناث الذين خدموا الرغبات الجنسية لأسيادهم.

 

…من المثير للاهتمام، أن نلاحظ – كما أشار «إدموند مورغان» الباحث في التاريخ الأمريكي، أن «النساء المستعبدات في أمريكا أجبرن على العمل في هذا المجال تماما مثل الرجال. في قوة العمل المستعبدة، يمكن أن يطلب من النساء صنع التبغ تماما كما فعل الرجال».
أثناء وجوده في «تاكادا»، تلقى ابن بطوطة رسالة من سلطان المغرب، يدعوه إلى العودة إلى المغرب، وربما كان السلطان حريصا على سماع تقرير ابن بطوطة عن «مالي»، جاءت الرسالة مع صبي يبدو أنه رسول يعمل لدى تاجر مغربي من «سجلماسة».
لم يتم الكشف عن مهمة ابن بطوطة في غرب إفريقيا، لكن التجارة عبر الصحراء كانت مفيدة للغاية وحاسمة للسلالة الحاكمة المغربية لدرجة أنها ربما أجبرت السلطان على إرسال ابن بطوطة للتحقيق، أو بالأحرى التجسس على مصادر الذهب في المنطقة.
عاد ابن بطوطة إلى المغرب من «تكادة»، بصحبة قافلة كبيرة في 11سبتمبر 1353.
وذكر أن «هناك 600جارية في قافلة بعض التجار المغاربيين الأغنياء». من المهم أن نلاحظ أنه «كلما تم ذكر العبيد في رواية ابن بطوطة، كان تفضيل الجنس في تجارة الرقيق عبر الصحراء الكبرى هو الإناث».
لم يقدم ابن بطوطة أي معلومات خاصة أخرى عن هذه التجارة، ولكن ربما كانت تجارة سنوية منتظمة عبر الصحراء الكبرى، يمكن أن يكون عدد600هو متوسط العدد السنوي للعبيد لكل قافلة ولكل طريق في زمن ابن بطوطة، وعادة ما تقضي القوافل شهرين على الأقل في السفر من «المغرب» إلى «تمبكتو» ذهابا وعودة.
في المغرب، كان نجاح «أبو عنان فارس» (المتوفى 1358) في توحيد البلاد بعد غزوه ل«الجزائر» و«تونس قصير الأجل، حيث مرض وقتله (خنقا)وزيره «الفدودي» عام 1358. لذلك، مهما كانت طموحاته في ما يتعلق بغرب إفريقيا، فقد ماتت معه.
بعد وفاة “أبو عنان فارس»، أصبحت البلاد تحت سيطرة “الوطاسيين» (زناتة بربر) الذين مارسوا سلطة فعالة في الإمبراطورية كوزراء، لكنهم لم يتمكنوا من تأمين الإمبراطورية. وكان هذا بمثابة بداية تحول جديد في الجغرافيا السياسية للتجارة: «عصر جديد للتجارة العالمية مع ظهور لاعبين جدد للتنافس على التجارة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى». بدأ البرتغاليون في مهاجمة شواطئ المحيط الأطلسي المغربية.
كان تأسيس الوجود البرتغالي، على طول ساحل غرب إفريقيا الأطلسي بعد مرور «كيب بوجادور» (على ساحل الصحراء الغربية) في عام 1434، نقطة تحول تاريخية فتحت طرقا أطلسية مربحة لأوروبا، ولكن كان لها تأثير شديد على الطرق العابرة للصحراء. في تقدمهم في شمال غرب المحيط الأطلسي، سعى «البرتغاليون» وكذلك الحكام «القشتاليون»، إلى تعطيل كل اتصال بين المغاربة في «غرناطة» وإخوانهم في شمال إفريقيا، وبالتالي إحباط أي جهود لإعادة إنشاء إمبراطورية إسلامية كما فعل المرابطون خلال القرن الحادي عشر.
ومن ثم، فإن البرتغاليين واستخدامهم للطرق البحرية الجديدة، كان من شأنه أن يتحايل على الوسيط المغربي ويؤثر على الاقتصاد المغربي بطريقة تحل محل نظام الصحراء عبر الصحراء الكبرى، وهو عامل مهم في بناء الإمبراطورية للعديد من السلالات المغربية وغرب إفريقيا السابقة…


الكاتب : ترجمة: المقدمي المهدي

  

بتاريخ : 09/04/2024