تخليد الذكرى 88 لمعركة بوغافر البطولية

 مناسبة لاستحضار ملاحم الكفاح الوطني في سبيل الحرية والاستقلال

 

يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير وساكنة إقليم تنغير في هذه السنة الذكرى 88 لمعركة بوغافر المجيدة التي خاض غمارها أبناء قبائل آيت عطا المجاهدة دفاعا عن حرية الوطن وعزته وكرامته، والتي تعتبر محطة بارزة في تاريخ كفاح الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد في سبيل الحرية والاستقلال وتحقيق السيادة الوطنية والوحدة الترابية.
ففي يوم 13 فبراير من سنة 1933، حاولت القوات الاستعمارية الفرنسية التوغل في الجنوب الشرقي المغربي والسيطرة على منطقة صاغرو وإخضاع قبائل آيت عطا التي شكلت سدا منيعا أمام توسعها، حيث شنت أول هجوم على المجاهدين الذين لجأوا إلى جبل صاغرو باعتباره منطقة استراتيجية تتيح لهم مواجهة القوات الاستعمارية الفرنسية لوعورة التضاريس، مبرهنين ومعلنين بذلك عن رفضهم الخضوع للمحتل الأجنبي الذي لم يفلح رغم أسلحته الفتاكة وجيوشه الجرارة وعتاده المتطور في تشتيت صف المجاهدين وتفكيك وحدتهم المتراصة بفضل إيمانهم القوي بعدالة قضيتهم وتمسكهم المتين بمبادئهم وأفكارهم الوطنية وقيمهم الدينية.
وفي شهادة حول ضراوة المعارك وشراستها، يقول أحد الضباط الفرنسيين وهو النقيب دوبورنازيل: “… كان هناك تقدم ملموس لكن بعدما تحملنا خسائر فادحة، وبالليل كنا نختبئ بين الصخر ولا نستطيع التقدم مع أن أمامنا عدد كبير من الاعداء، حينئذ طلبنا الدعم أثناء الليل”.
وفي نفس السياق، يقول الأكاديمي الفرنسي هنري دوبوردو: “لم يستطع الهجوم تحقيق هدفه لأن المقاومة كانت على أشدها ضارية ومنظمة وكشفت عن وجود رئيس وعن تنظيم محكم طويل”.
وفي مواجهة المقاومة الشعبية الباسلة وصمودها واستماتة المجاهدين وشجاعتهم التي استحال معها على القوات الاستعمارية اقتحام جبل بوغافر، لم تجد قوات الاحتلال بدا من التراجع وإعادة ترتيب خططها في محاولة لتصحيح أخطائها ولتدارك إخفاقاتها في هذه المعركة، فاضطر الجنرال “هوري”، وهو القائد العام للقوات الفرنسية إلى استدعاء الجنرالين “كاترو” و”جيرو”، وتولــى بنفسـه تدبيـر العمليـات بقصـف مواقـع المجاهديــن ومحاصرتهــا باستعمـال المدفعية والطيران طيلة المدة من 21 إلى 24 فبراير 1933 في محاولة فاشلة ويائسة لإرغام المقاتلين وعائلاتهم على الاستسلام.
وأمام هذه الروح القتالية العالية، اضطر قائد منطقة مراكش للتخلي عن القيادة بعد إصابته بجروح خلال المعارك، وتوالت الهجومات على معاقل المقاومين واستمر القصف ليل نهار واشتد الحصار بعد أن أغلقت كل الممرات والمعابر، غير أن ذلك لم يزد المجاهدين إلا إصرارا وثباتا على المقاومة والكفاح، إذ ازداد حماسهم بعد شيوع خبر مصرع الضابط الفرنسي “بورنازيل”، وما واكب ذلك من ارتباك وتصدع في صفوف القيادة العسكرية الفرنسية التي تأكدت من عجزها على حسم الموقف عسكريا فعمدت إلى فرض حصار اقتصادي.
وهكذا، ستتم مراقبة منابع المياه ونقط عبور المجاهدين والمقاومين، وقد ترتب عن تطويق المنطقة وحصارها كثرة الوفيات في صفوف الأطفال والشيوخ، ولم يكن لهذه الوضعية أن تثبط همم وعزائم المجاهدين أو تنال من صمودهم وثباتهم إلى أن قر العزم على الدخول في حوار مع القبائل الثائرة يوم 24 مارس 1933 وإعلان الهدنة وبدء المفاوضات مع القائد البطل عسو باسلام، زعيم المجاهدين والرجل المتمرس، والمجاهد المغوار الذي بفضل حنكته السياسية وخبرته القتالية، قاد المعارك والعمليات النضالية ضد الجيوش الاستعمارية الجرارة. وقد أسفرت هذه المفاوضات عن قبول وضع السلاح من جانب المجاهدين وفق شروط تضمن حرية قبائل آيت عطا وتصون كرامتهم وكرامة عائلاتهم.
وبهذه المناسبة المجيدة، سيتم تكريم سبعة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وتوزيع إعانات مالية ومساعدات اجتماعية للمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، خاصة الأسر الأكثر احتياجا في الظروف الاستثنائية التي تجتازها بلادنا مع وباء كورونا كوفيد 19 حرصا منها على تحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية والصحية والمعيشية.
وقد أعدت النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بورزازات بتنسيق مع السلطات الإقليمية والمحلية وبشراكة مع منظمات المجتمع المدني وأسرة المقاومة وجيش التحرير، برنامجا حافلا بالأنشطة والفعاليات يتضمن إلى جانب كلمة المناسبة التي سيلقيها عن بعد بتقنية التواصل الرقمي، مصطفى الكتيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، فقرات تربوية وثقافية وتواصلية تتضمن زيارات حضورية وافتراضية لفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بإقليمي ورزازات وتنغير، ومعارض افتراضية لإصدارات ومنشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وعرض أشرطة وثائقية وبث نشرات رقمية تعريفية برجالات الحركة الوطنية والمقاومة والتحرير.
وستتوج فعاليات هذه الأنشطة المخلدة للذكرى الثامنة والثمانين لمعارك بوغافر بتنظيم ندوة فكرية عن بعد في موضوع: “جوانب من ذاكرة ملحمة بوغافر ضد الاستعمار الفرنسي” بمشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين والدارسين والمهتمين بتاريخ الحركة الوطنية والمقاومة والتحرير ويتعلق الأمر بـ:
• الباحث لحسن تاوشيخت، الذي سيتناول موضوع: “التنظيم الاجتماعي والسياسي لقبائل آيت عطا ودوره في مقاومة المستعمر الفرنسي”؛
• الباحث امحمد مهــدان، سيقدم مساهمة بعنوان: “التنظيم الاجتماعي لقبائل أيت عطا قبل وبعد معركة بوغافر1933″؛
• الباحث عبد القادر بوراس، الذي عنون عرضه بـ: “الجذور الوطنية لمقاومة أيت عطا ببوغافر”؛
• الباحث محمد الكتاني، سيتناول في مداخلته موضوع: “معركة بوغافر من خلال كتابات تاريخية مغربية”؛
• الباحث مولاي أحمد رضا، سيقدم مقاربته الفكرية بعنوان: “معركة بوغافر 1933 الحدث والرمز بين التاريخ والذاكرة”؛
• الأستاذ الحسين أقيوح، سيشارك بمداخلة موسومة بـ “الإستراتيجية العسكرية للحماية الفرنسية في معركة جبل بوغافر “.


بتاريخ : 31/03/2021