تخوفات من تسجيل مضاعفات صحية بسبب توزيع الأدوية بشكل عشوائي في المناطق المتضررة

وضعية تم التساهل معها بسبب فاجعة زلزال الحوز

 

مباشرة بعد تعرض المغرب لهزة أرضية في الثامن من شهر شتنبر والتي أصابت إقليم الحوز ووصلت تبعاتها وتردداتها إلى مناطق مختلفة من تراب المملكة، انطلقت قوافل الدعم والمساندة صوب الدواوير المتضررة من الزلزال الذي كانت حصيلته مفجعة، من أجل التخفيف من معاناة المتضررين. قوافل رسمية وأخرى مدنية، تم خلالها تعبئة كل الجهود لتوفير مختلف الاحتياجات الأساسية من مواد غذائية وأفرشة وبطانيات وملابس وكشافات ضوئية وخيام وغيرها من الاحتياجات الأخرى، والتي كان من بينها الدواء بمختلف أشكاله ومكوناته وعلبه.
أشكال تضامنية تفاعل معها الجميع بكل عفوية وبحسن نية من أجل تقاسم الألم مع المتضررين والتخفيف عنهم من وقعه وحدّته، وهو ما جعل الكثير من الأفراد وليس فقط الجمعيات والتنظيمات والمؤسسات، يطلقون حملات داخلية للتبرع في أوساط أسرهم، ولما تمكّنوا من تجميع كميات مهمة من الحاجيات والمستلزمات، انطلقوا على مستن سيارات وشاحنات، وفقا لما تم تعبئته من إمكانيات لوجستيكية، وتوجهوا بكل طواعية ودون أدنى تردد نحو بعض هذه المناطق للقيام بواجبهم الإنساني والوطني والتضامني.
ونقلت العديد من الصور والتسجيلات و «اللايفات» طيلة الأيام الفارطة، تفاصيل توزيع هذه المساعدات على المتضررين، التي لم يخل بعضها من انتقادات، سواء تعلق الأمر بعدم احترام الحق في الصورة والمعطيات الشخصية أو بالسلوكات الشخصية أو بـ «التطاول» على حقوق الأطفال، فضلا عن ممارسات أخرى التي كانت برمتها موضوع سجال كبير، بعضها كان علنيا والآخر داخليا، كما هو الحال بالنسبة لنقل وتوزيع الأدوية بشكل غير قانوني، أي في غياب مختصين، ويتعلق الأمر بمهنيي الصحة، وعلى رأسهم الصيادلة، إذ بات تداول الدواء خلال هذه الأزمة ممكنا للجميع حتى من ليست لهم الأهلية القانونية والمهنية لذلك.
أدوية، تبين بالفعل أن هناك حاجة ماسة إليها في عدد من المناطق المتضررة، سواء تلك الموجهة لتخفيف الآلام والإصابات، العضوية والنفسية، التي كانت بسبب الزلزال وتداعياته، أو تلك التي توصف لعلاج السكري والضغط الدموي وأمراض مزمنة أخرى، التي افتقدها المتضررون بعد أن انهارت وتداعت المنازل والبنيات المختلفة، وهو ما جعل الكثيرين يقومون باقتنائها والبحث عنها لكي يوفروها لمن هم في حاجة إليها، وهي العملية التي تمت بكل عفوية، لكنها يمكن أن تنطوي على مخاطر كثيرة، خاصة حين يتعلق الأمر بأدوية يتطلب نقلها احترام «سلسلة التبريد» وأخرى يمكن أن يؤدي تسليمها لشخص يعاني من عارض صحي إلى إصابته بمضاعفات صحية أخرى أشد وخامة، لأن موزع الدواء لا صلة له بالقطاع الصحي ولا يتوفر على تكوين صيدلي، فتتحول المساعدة المرغوبة إلى أزمة مفتوحة على كل التداعيات.
وأكدت عدد من التسجيلات التي تم تداولها تسليم أشخاص أدوية بشكل عشوائي، التي قد تتكون من «البنيسلين» أو «البارسيتامول» وغيرهما من المكونات التي من الممكن جدا أن تتسبب في أزمات لبعض الأشخاص، وهو الأمر الذي تم التعامل معه بكثير من التساهل بسبب الظرفية العصيبة، خاصة وأن الكثيرين ممن قاموا بهذه العمليات يجهلون القانون المؤطر المتعلق بالدواء جهلا تاما ولا علم لهم بتفاصيله، وهو ما يتطلب القيام بتوعية قانونية في هذا الإطار وتوجيه كل من يتوفر على كميات للدواء، منزلية كانت أو تم شراؤها بسبب أزمة من الأزمات، لكي يقوم بتسليمها للجهات المختصة، وأساسا الصيادلة، أو لجمعيات الأطباء والممرضين وتقنيي الصحة الذي يقومون بحملات تطوعية وينظمون قوافل طبية، لكي يقوموا بما يلزم في دائرة اختصاصهم، لأنهم الجهة الوحيدة القادرة على توفير الدواء المناسب للمريض والمصاب ولكل من هو في حاجة إليه، بناء على تشخيص فعلي لا يعرضه لانتكاسات أخرى هو في غنى عنها.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 04/10/2023