تساؤلات بشأن «المساواة» في اكتساب المادة التعليمية بشكل بيداغوجي ناجع؟ يطرحها العديد من آباء وأمهات تلاميذ المناطق الجبلية

تولدت عن إعلان حالة الطوارئ الصحية وفرض الحجر المنزلي، الكثير من المشاكل والإكراهات في مختلف القطاعات، من ضمنها قطاع التربية والتكوين، بعد أن تم اللجوء للتعليم عن بعد، من خلال استعمال شبكة الانترنيت، حيث يكون المتعلم في مكان مختلف عن مصدر المعلومات (الفصول الدراسية)، ويتم عبر هذه الوسائل التقنية نقل البرنامج التعليمي من المؤسسة التعليمية أو من المدرس إلى أماكن متفرقة في البيوت، وفي أماكن الحجر المنزلي، حيث المتمدرس يتلقى الدروس وكأنه في قسم افتراضي.
لكن من معيقات هذا التعليم الرقمي، أنه يساوي بين المالك للتقنية ولشبكات التواصل، وبين من لا يملك حتى الوسائل والأدوات التعليمية البسيطة، فبالأحرى أن يتوفر على موارد مالية ورقمية، مما يخلق هوة بين المتعلمين، وبالتالي غياب الإنصاف والمساواة في اكتساب المعلومات والمادة التعليمية.
فهل جميع أطفال وتلاميذ الأطلس الصغير والمتوسط والكبير، مثلا، قادرون على الوصول إلى مصدر المعلومات وتحصيل المواد التعليمية عبر شبكات الانترنيت وبرامجها الرقمية؟ هل تمتلك غالبية الأسر أرصدة مادية لاقتناء التجهيزات والوسائل الالكترونية كشرط للاستفادة من التعليم عن بعد؟ هل هناك بنية تحتية تسمح بالتواصل الجيد على شبكة الأنترنيت؟
إن الواقع، للأسف، يؤكد أن العديد من المناطق النائية تفتقر للعدة التكنولوجية اللازمة، من معدات وأجهزة وخطوط اتصال ملائمة، لا في محيط التلاميذ الاجتماعي والجغرافي، ولا في وسطهم العائلي، مما يدل على وجود انفصال وانقطاع عن العالم الافتراضي، إذا استثنينا الأجهزة التلفزية والاذاعية؟
إذن، فهل حقق التعليم عن بعد دوره في نقل وتطعيم عقول تلاميذ هذه المناطق بالمعارف الأساسية والضرورية، وبالتالي كيف سيقوم مجهود التلاميذ في امتحانات لا توفر شروط وظروف الإنصاف والمساواة بين الجميع؟ وحتى حين أكدت الوزارة على أن الإمتحان لن يشمل إلا المقروء إلى غاية 14 مارس2020. فإن ذلك يخلق إشكالات متعددة من قبيل: ـ كيف سيمتحن تلميذ الباكالوريا عن مواد انقطع عنها لمدة ثلاثة أشهر، علما بأن البعض سمحت له الظروف ليدعم في مكوناتها بوسائل مختلفة: وسائل رقمية متوفرة، وأساتذة افتراضيون متوفرون، وإخوة وأخوات بمستويات دراسية تسمح لهم أن يدعموا في هذه المواد داخل بيوت الحجر المنزلي، لكن التلاميذ الذين انقطعوا عن الدروس الحضورية، ولم تسعفهم ظروفهم المادية والاجتماعية، للتواصل الالكتروني مع أساتذتهم أو المواقع التربوية… كيف سيتم التقويم بين الإثنين؟
إن الإنقطاع لمدة ثلاثة أشهرعن الدراسة الحضورية له عواقب كثيرة على تعلمات التلاميذ، والتقويم يجب أن يحصل مباشرة بعد التوقف، وليس بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر؟ كما أن الدروس الحضورية مضى عليها أكثر من ثلاثة أشهر، وربما قد لا يبقى إلا الشيء القليل المترسب في أذهان وعقول هؤلاء التلاميذ، لأن الدروس لا تكتسب إلا بالتتبع والتقييم والمواكبة.
وفي سياق التساؤلات المرتبطة بالطبيعة الاستثنائية لهذا الموسم الدراسي، دائما، تجدر الإشارة إلى ما يعيشه العديد من آباء التلاميذ وأمهاتهم من «ضبابية» بشأن كيفية احتساب المراقبة المستمرة بالنسبة لجميع التلاميذ، وخاصة في التعليم الثانوي التأهيلي، وذلك استحضارا لكون الدورة الثانية غير مكتملة، وأن الفروض الأولى التي أنجزت خلالها لا يمكن أن يقاس بها مستوى تعلمات التلاميذ وتقييمها ، لأن التقييم يشمل عددا محددا من الفروض مع أنشطتها الموازية، كما أن هناك مستويات لم تنجز أي فرض في الدورة الثانية، إلى جانب وجود فئة من التلاميذ ممن برروا غيابهم بشواهد طبية ، فكيف يمكن إنجاز فروضهم بعد تبرير الغياب بشواهد طبية أو لظروف قاهرة؟


الكاتب : محمد طمطم

  

بتاريخ : 11/06/2020