تضخم أسعار الغذاء يسائل حصيلة السياسات الحكومية في القطاع الفلاحي

إذا كانت صادرات المغرب الفلاحية تغرق الأسواق الأوربية والإفريقية بالخضر والفواكه على مدار العام، و تظهره بمظهر أكبر «خزان غذائي» في شمال إفريقيا، فإن الوضعية الفلاحية ليست تماما بتلك التي الصورة «النموذجية» التي يتم تسويقها من قبل الجهات الرسمية .. فالمغرب كان في حاجة خلال العام الماضي إلى نحو 90 مليار درهم لتأمين حاجياته الغذائية ، حيث ارتفعت الفاتورة الغذائية للبلاد خلال 2023 بأزيد من 3 مليار درهم، إذ أن واردات القمح وحدها كلفت حوالي 20 مليار درهم فيما عرفت جميع المواد الغذائية التي اقتناها المغرب من الخارج ارتفاعا ملحوظا سواء من حيث القيمة أو من حيث الحجم. في الوقت ذاته وصلت أسعار المواد الغذائية الأساسية إلى مستويات قياسية أنهكت القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المغاربة..

 

قفة الغذاء في المغرب أصبحت
«جد مكلفة»

بعد مرور نحو 3 سنوات على التوجيهات الملكية الداعية إلى ضرورة إحداث منظومة وطنية متكاملة للمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية خصوصا المائية والغذائية (بالإضافة الى الصحية والطاقية)، مازالت الحكومة متأخرة في الاستجابة لهذه التوجيهات السامية، وهو ما تؤكده مجموعة من التقارير الوطنية (HCP) والدولية (البنك الدولي). حيث يتضح عاما بعد آخر، أن الحصول على الغذاء، أصبح بالنسبة لشريحة واسعة من المغاربة (بمن فيهم المحسوبون على الطبقة المتوسطة) مهمة صعبة ومكلفة، وهو ما جعل العديد من المواد الغذائية تختفي شيئا فشيئا من موائدهم بسبب الغلاء: اللحوم الحمراء، الأسماك البيضاء، فواكه البحر، زيوت الزيتون والأركان والعسل الطبيعي…إلخ.
وعلى الرغم من المجهودات المبذولة في المجال المائي (خصوصا على مستوى تفعيل مخطط ربط الأحواض المائية الكبرى)، مازالت الحكومة تسجل عجزا كبيرا في المخزون الغذائي وهو ما أكده البنك الدولي في آخر تقرير له حول الأمن الغذائي، والذي اعتبر أن المغرب مازال يعاني من أزمة تضخم شديدة في أسعار المواد الغذائية، ووضع البنك الدولي المغرب في المنطقة الحمراء في مؤشر تضخم أسعار الغذاء، التي تراوحت فيها معدلات تضخم أسعار الغذاء بين 5 و30 في المائة، إلى جانب البلدان التي شهدت ارتفاعا كبيرا في المواد الغذائية الأساسية.
ونبه التقرير الذي تم تحديثه في شهر فبراير الأخير، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالمغرب وهو الارتفاع الذي استمر على مدار السنة الماضية، ولم يعرف أي انخفاض طيلة شهور سنة 2023، حيث بلغ التضخم في أسعار الغذاء ذروته في شهر فبراير حين وصل إلى 20.1 في المائية، وبقي يتأرجح صعودا ونزولا خلال بقية أشهر السنة، دون أن يخرج من المنطقة الحمراء، كما حدث في العديد من الدول المشابهة، وهكذا انتقل من 16.1 إلى 16.8 في المائة بين مارس وأبريل ثم هبط إلى 15.6 و12.7 في المائة بين شهري ماي ويونيو..
وحذر البنك الدولي من خطر تداعيات استمرار الجفاف على الإنتاج الغذائي والمحاصيل الزراعية في البلاد، وقال « في المغرب، يهدد تراجع هطول الأمطار إلى مستوى أقل بكثير من المتوسط القطاع الزراعي بالجفاف للسنة السادسة على التوالي. واعتبارًا من منتصف يناير، كان معدل ملء السدود منخفضا للغاية (23.3%، مقابل 31.5% في منتصف يناير 2023)، مما يعرض المحاصيل والإنتاج الغذائي المحلي للخطر.
ويعتبر التقرير أن تضخم أسعار الغذاء المحلية لا يزال مرتفعا، حيث شهدت 63.2% من البلدان منخفضة الدخل معدلات تضخم أعلى من 5% (أعلى بنسبة 1.3 نقطة مئوية مما كان عليه في التحديث الأخير في 17 يناير 2023)، و73.9% من الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل (لا يوجد تغيير)، و48% من الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل (لا يوجد تغيير)، و44.4% من البلدان مرتفعة الدخل (أقل بنسبة 1.9 نقطة مئوية). وبالقيمة الحقيقية، تجاوز تضخم أسعار الغذاء معدل التضخم العام في 71% من 165 بلدًا تتوفر عنها البيانات.
المغرب يسجل عجزا ب 7 ملايير درهم في «الميزان الغذائي»

صدّر المغرب خلال 2023 أزيد من 83 مليار درهم من الخضر والأسماك والمصبرات والفواكه والحوامض… إلخ. أي أن صادرات منتوجاتنا الغذائية جلبت للبلاد ما يزيد عن 8 ملايير دولار من العملة الصعبة، وهذا في حد ذاته رقم ضخم وبالغ الأهمية يحسب لمخطط المغرب الأخضر ولوريثه «الجيل الأخضر»، حيث لم تكن الصادرات الغذائية قبل هذا المخطط تتجاوز 1.5 مليار دولار. غير أن التقرير السنوي لمكتب الصرف حول المبادلات التجارية خلال العام الماضي، يؤكد في نفس الوقت بأن المغرب كان في حاجة إلى نحو 90 مليار درهم لتأمين حاجياته الغذائية ، حيث ارتفعت الفاتورة الغذائية للبلاد خلال 2023 بأزيد من 3 مليار درهم، إذ أن واردات القمح وحدها كلفت حوالي 20 مليار درهم و باستثناء القمح عرفت جميع المواد الغذائية التي اقتناها المغرب من الخارج ارتفاعا ملحوظا سواء من حيث القيمة أو من حيث الحجم.
وتظهر نفس الإحصائيات أن فاتورة استيراد الحيوانات الحية (أي قطيع الأغنام والأبقار التي أصبح المغرب يلجأ إلى جلبها من الخارج بعد عقود من الاكتفاء الذاتي) كلفت حوالي 3 ملايير دولار بينما ناهزت فاتورة استيراد السكر11 مليار درهم. وهكذا، يسلط الميزان التجاري للمغرب الضوء على حقيقة صادمة مفادها أن المغرب أصبح يبيع 8 ملايير دولار من الخضر والفواكه والحوامض (المشبعة بالمياه و التي تستنزف 80 % من مواردنا المائية المتضائلة عاما تلو آخر) ليشتري مقابلها 9 ملايير دولار من الحبوب التي قرر المخطط الفلاحي (المغرب الأخضر والجيل الأخضر)، أن يقلص مساحة زراعتها (من 6 مليون هكتار إلى 1.5 مليون هكتار) مفضلا استبدالها بزراعة الطماطم و البطيخ و الأفوكادو.. وهكذا يتضح أن مجموعة صغيرة من الفلاحين الكبار أصحاب الضيعات المتخصصة في التصدير هم الذين استفادوا من 8 ملايير دولار المتحصلة من بيع المنتوجات الفلاحية وإغراق الأسواق الأوربية، وهؤلاء الفلاحون الكبار كانوا خلال السنوات الماضية أكبر المستفيدين من مخطط المغرب الأخضر الذي قام بتمويل استثماراتهم بنسب وصلت إلى 80% وتم لفائدتهم كراء أراضي الدولة أو شرائها بأسعار جد تفضيلية و تم إعفاؤهم من الضرائب..
الوضع المائي للبلاد في «أسوأ حالاته» منذ عقود

يعيش القطاع الفلاحي في الوقت الراهن أخطر أزمة جفاف يشهدها منذ عقد الثمانينات، فلم يسبق لهذا القطاع الذي يعيش منه بشكل مباشر أزيد من 15 مليون مواطن، أن توالت عليه تباعا 6 سنوات من الجفاف وهو ما جعل الموارد المائية للبلاد تهبط إلى مستويات قياسية، تبدو معها الوضعية المائية التي عرفها المغرب خلال أعوام 1981 و 1986، و1987، و1991 أفضل بكثير من الوضعية المائية الراهنة،
وإذا كان الموسم الفلاحي الماضي قد عرف تساقطات مطرية تقدر ب102 ملم مقابل 187 ملم كمعدل طبيعي، وحوالي 207.5 ملم ككمية أمطار على مستوى المناطق الزراعية مقابل 377 ملم كمعدل طبيعي، فإن الوضعية هذا العام تكاد تكون أسوأ حيث معدل التساقطات المطرية خلال الموسم الفلاحي الحالي لم يتجاوز 156 ملم مقارنة بـ190 ملم المسجلة خلال الموسم الماضي في نفس التاريخ،  أي بتراجع نسبته 54 في المائة مقارنة بمعدل 40 سنة الماضية، و 32 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية.
وبسبب هذا الوضع غير المسبوق، تراجع متوسط واردات المياه إلى السدود من 18 مليار متر مكعب خلال فترة 1945 – 1980، إلى 14 مليار متر مكعب ما بعد 1980 وإلى أقل من 5 ملايير متر مكعب في السنوات الخمس الأخيرة، و منذ 2018، تم تسجيل ست سنوات جافة متتالية مع انخفاض شديد في مستوى الموارد المائية ومخزون السدود والفرشاة المائية.
ويتوفر المغرب حاليا على حوالي 145 سدا كبيرا، و250 سدا صغيرا، وتتفاوت نسبة الملء داخل هذه السدود حسب موقعها الجغرافي، فبينما تعرف بضعة سدود واقعة على الأنهار الكبرى وفي المناطق المطيرة نسبة ملء متوسطة، كما هو الحال بسد وادي المخازن بالقصر الكبير 95%، وسد الوحدة بتاونات، وهو أكبر سد في المغرب، والذي تحسنت نسبة ملئه لتصل إلى 59%، وسد النخلة بتطوان 100% وسد شفشاون 100%.. مازالت السدود الواقعة في وسط وجنوب المملكة تعاني من تراجع خطير في مخزونها المائي كما هو الحال بالنسبة لسد بين الويدان بإقليم أزيلال الذي نزلت حقينته إلى 9.5%، ونفس التدهور عرفه مخزون سد المسيرة، وهو ثاني أكبر سد بالمغرب، الواقع في إقليم سطات حيث هبط معدل ملئه إلى 1.9 % علما أن هذا السد يؤمن الحاجيات المائية للعديد من المناطق الواقعة في جهة الدار البيضاء- سطات.
وبينما شكلت السدود، عبر عقود، صمام أمان للمغرب الذي يعتمد اقتصاده على الموارد المائية بشكل كبير، أصبحت هذه الأخيرة تتناقص عاما بعد عام، بفعل التقلبات المناخية، حتى أصبحت المملكة اليوم في وضعية حرجة دقت ناقوس الخطر بشأنها العديد من المنظمات والمؤسسات الوطنية والدولية.
ولمواجهة هذه الأزمة المائية، بادر المغرب إلى وضع برنامج الأولويات الوطنية لتوفير مياه الشرب والري 2020-2027.
والذي يغطي كافة مناطق المملكة. ويتعلق الأمر بتحسين إمدادات المياه، ولاسيما من خلال بناء السدود وإدارة الطلب على المياه، وخاصة في القطاع الزراعي، وتعزيز إمدادات مياه الشرب في المناطق القروية، وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة في ري المساحات الخضراء والتواصل والتوعية بهدف تعزيز الوعي المرتبط بأهمية الحفاظ على الموارد المائية وترشيد استخدامها. وقد أعطى الملك تعليماته لتنفيذ هذا البرنامج الذي تبلغ كلفته الإجمالية 115 مليار درهم. وبشكل ملموس، يهدف البرنامج إلى تعزيز الإمكانات الوطنية من خلال بناء 20 سدا كبيرا بسعة 5.38 مليار متر مكعب. بالإضافة إلى السدود الصغيرة والسدود التلية، نظرا لما لها من أهمية خصوصا بالنسبة لسكان المناطق الجبلية والقروية البعيدة ودورها في تعبئة المياه المحلية الناتجة عن الأمطار الغزيرة المؤقتة…
سلسلة الحبوب.. الجفاف يرفع حاجة المغرب إلى الاستيراد

يتوقع المهنيون أن تزداد خلال سنة 2024 حاجة المغرب إلى استيراد الحبوب بعد أن تراجعت شيئا ما خلال 2023 بفضل تحسن الإنتاج المحلي مقارنة مع 2022، حيث بلغ إنتاج الحبوب خلال الموسم الفلاحي 2022-2023، حوالي 55.1 مليون قنطار، بمساحة مزروعة بلغت 3.67 ملايين هكتار، مقابل 34 مليون قنطار خلال الموسم السابق، وبمساحة مزروعة بلغت 3.57 ملايين هكتار. وساهم الارتفاع الكبير في درجات الحرارة (الإجهاد الحراري) إلى جانب الإجهاد المائي، في عدم تحقيق محصول أكبر من المسجل.
ومع ذلك فقد استورد المغرب أكثر من 81.300 طن من القمح اللين من روسيا خلال شهر دجنبر 2023، أي 25% من إجمالي حجم مشترياته مع نهاية عام 2023. وبذلك تحتل موسكو المرتبة الثالثة كمورد للقمح للمملكة، بعد فرنسا وليتوانيا. وبذلك تواصل روسيا صعودها في ترتيب الموردين الرئيسيين للقمح اللين للمغرب. وبحسب إحصائيات الاتحاد الوطني لتجار الحبوب والقطاني. استوردت المملكة 81.346 طناً من القمح من بلاد القيصر في ديسمبر الماضي، أي 25% من إجمالي وارداتها خلال ذلك الشهر. ويمثل ذلك زيادة بأكثر من 8200 طن مقارنة بكمية القمح الروسي البالغة 80897 طنًا التي تم استلامها خلال شهر نونبر 2023.
وتم تفريغ حوالي 70% من هذه الشحنات بميناء الدار البيضاء (54.697 طن)، والباقي بميناء الناظور (26.650 طن). وسمح هذا التقدم لروسيا بأن تظل المورد الثالث للقمح اللين للمغرب مع نهاية 2023، خلف فرنسا (89100 طن) وليتوانيا (81901 طن). وقبل بولندا (33000 طن) وألمانيا (30240 طن).
وفي دجنبر الماضي، استورد المغرب 315.587 طنًا من القمح اللين مقارنة بـ 500.726 طنًا في نوفمبر، بانخفاض يزيد عن 185.000 طن. “تختلف الواردات حسب ظروف السوق والأصول الأكثر تنافسية واحتياجات العرض في السوق المحلية. في الفترة ما بين أكتوبر وديسمبر 2023، اشترى المغرب 756.739 طنًا من القمح اللين كجزء من نظام استرداد الواردات الذي وضعه المكتب الوطني المهني المشترك للحبوب والقطاني في 13 شتنبر 2023. وبحسب معطيات رسمية، يستهلك المغرب أكثر من 100 مليون قنطار (القنطار يعادل 100 كلغ) من الحبوب سنويا.
اللحوم الحمراء بدأت تختفي
من موائد الفقراء

بعد أن كان المغرب سنة 2019 يؤمن 98 في المائة من حاجيات الاستهلاك الوطني، أصبحت الحكومة اليوم تعول بشكل كبير على الاستيراد لسد الخصاص المهول الذي أصبحت تعاني منه الأسواق الداخلية، وهو ما تسبب خلال العام الماضي في ارتفاع غير مسبوق لأسعار اللحوم الحمراء التي باتت تحلق فوق 100 درهم للكيلوغرام.
وقد شهدت سلسلة اللحوم الحمراء خلال السنوات الأربع الأخيرة تدهورا مقلقا، بفعل توالي سنوات الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، وهو ما كانت له انعكاسات سلبية سواء على القطيع الوطني الذي تراجع بشكل كبير، مقارنة مع ما كان عليه قبل 10 سنوات، أو على تلبية الطلب الداخلي.
ولكبح جماح أسعار اللحوم الحمراء، استنجدت الحكومة بالمستوردين لملء الفراغ الذي خلفه تراجع الإنتاج الوطني، ولزيادة العرض الخاص باللحوم الحمراء في السوق الوطني، فإن عمليات الاستيراد مازالت متواصلة ، وستستمر طالما بقي الخصاص في السوق، … وهو ما يجعل الاستيراد حاجة ملحة للحفاظ على أسعار الجملة في مستوى 75 درهما للكيلوغرام، علما بأن أي توقف لهذه العملية قد يعود بالأسعار إلى مافوق 100 درهم للكيلوغرام.
ولمجابهة هذه الإشكالية، عمدت الحكومة خلال العام الماضي إلى توقيع عقد البرنامج الخاص بسلسلة اللحوم، في إطار استراتيجية الجيل الأخضر، و تصل التكلفة الاجمالية لتنزيل مضامين هذا العقد ل 2021 ـ 2030، حوالي 14.45 مليار درهم، منها 6.7 ملايير درهم كمساهمة من المهنيين، و7.75 مليار درهم كمساهمة من الدولة.
ويهدف العقد البرنامج الموقع بين الدولة و الفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، إلى رفع الإنتاج وبلوغ 850 ألف طن من اللحوم الحمراء في أفق 2030. علما بأن هذا الهدف كان محددا في مخطط المغرب الأخضر في حدود 612 ألف طن حيث تم بلوغ إنتاج بـ 606 ألف طن، سنة 2019 قبل أن يتراجع إلى مادون 600 ألف طن في 2020 (بسبب كورونا والجفاف) قبل أن يتققر الإنتاج حاليا إلى مادون 500 ألف طن .
من جهة أخرى يتوخى عقد برنامج سلسلة اللحوم الحمراء، تحسين أوزان الذبائح من 245 كيلوغرام سنة 2019 إلى 270 كيلوغرام في أفق 2030 بالنسبة للأبقار، ومن 16 كيلوغرام سنة 2020 إلى 20 كيلوغرام في أفق 2030 بالنسبة للأغنام. هذا بالإضافة إلى تحسين شروط الذبح من خلال تراخيص الاعتماد لـ 120 مجزرة في أفق 2030 عوض 6 مجازر معتمدة في سنة 2020.
وحسب واضعي البرنامج، فإن هذه الأهداف، ستمكن من تعميم التغطية الاجتماعية لـ 100 ألف مهني في قطاع اللحوم الحمراء، وخلق 166 ميلون يوم عمل مباشر، و4.6 مليون يوم عمل غير مباشر في أفق 2030.
ويكتسي قطاع اللحوم الحمراء وزنا اقتصاديا مهما في قطاع الفلاحة. وقد تميزت بتطور في رقم المعاملات حيث بلغت مبيعاتها 26.5 مليار درهم وقيمة مضافة 15 مليار درهم وساهمت في خلق 44 مليون يوم عمل..
وتفيد بيانات رسمية أن السلسلة ساهمت في خلق فرص عمل تقدر بنحو 1.9 مليون يوم عمل في مختلف الروابط في سلسلة القيمة للقطاع. وتنمو سلاسل الماشية والأغنام والماعز باستمرار. هذا النمو هو الأساس لتلبية احتياجات استهلاك اللحوم الحمراء التي تصل إلى كتوسط 17.2 كلغ لكل مواطن.

سلسلة الحليب: الإنتاج تدهور
ب 500 مليون لتر

تراجع إنتاج الحليب بالمغرب خلال السنوات الأخيرة بشكل مقلق، حيث تدهور الإنتاج السنوي للحليب بأزيد من 500 مليون لتر، متراجعا من 2.5 مليار لتر سنة ،2019 إلى أقل من 2 مليار لتر سنة 2022، وهو ما يشكل تراجعا بنسبة 11 في المائة مقارنة مع سنة 2021 التي بلغ خلالها إنتاج المادة 2.25 مليار لتر.
وفي نفس المنحى تراجع عدد الأبقار المنتجة للحليب خلال السنوات الثلاث الأخيرة، من 1.820 مليون رأس إلى 1.670 مليون رأس، وهو ما يشكل تراجعا ب 150 ألف رأس، كما يمثل تراجعا بنسبة 5 في المائة مقارنة مع سنة 2021.
ويعزى هذا التراجع إلى الأزمات المتلاحقة التي مر منها القطاع، خصوصا بسبب الجائحة الوبائية، وبعدها الحرب الأوكرانية الروسية، والتي أثرت عليه، خصوصا على مستوى تناسل الأبقار الذي لم يكن بالوتيرة المعتادة ، كما زادت سنوات الجفاف المتعاقبة في تدهور وضعية القطيع، وهو ما كان له انعكاس مباشر على تراجع الإنتاج.
ولمجابهة هذا الوضع، خصصت وزارة الفلاحة والصيد والتنمية القروية والمياه والغابات، دعما جديدا لاستيراد الأبقار الحلوب من الخارج، وتبلغ قيمة هذا الدعم 6000 درهم عن كل بقرة مستوردة، علما أن الدعم السابق الذي كانت الحكومة قد أقرته لتشجيع الاستيراد، كان محددا في 3000 درهم عن كل بقرة حلوب، في حال استيراد أزيد من 3 بقرات.
واليوم أصبحت هناك ضرورة قصوى لإعادة رفع حجم القطيع وتحسين جودته في اتجاه ضمان إنتاجية عالية، لبلوغ الاكتفاء الذاتي وضمان السيادة الغذائية في هذه المادة الحيوية.
وحسب الاحصائيات الرسمية للوزارة الوصية، فقد انتقلت إنتاجية السلالات الأصيلة من 500 3 لتر للبقرة سنة 2009، إلى 200 4 لتر للبقرة حاليا، مسجلة نموا بنسبة 20 %. بدورها، انتقلت إنتاجية السلالات المهجنة من 1250 لتر للبقرة في السنة في 2009 إلى 300 2 لتر للبقرة محققة ارتفاعا بنسبة 84 %. وتضم الضيعات الوطنية حاليا حوالي 1.67 مليون رأس تنتج 2 مليار لتر من الحليب. ويمثل الاستهلاك الفردي للحليب في المغرب ما بين 10 % إلى 15 % من إجمال إنتاج السلسلة. في هذا السياق، عرفت القيمة المضافة للقطاع نموا ملحوظا حيث مرت من 1,61 مليار درهم سنة 2003 إلى 4,22 مليار درهم سنة 2019، إذ عرفت تحسنا بنسبة 162 %. كما عرفت فرص الشغل بالقطاع زيادة بنسبة 30% ما بين سنتي 2003 و2019. وتضم رافعة سلسلة الحليب بالمغرب حوالي 260 ألف منتج، فيما يضم التحويل الصناعي للحليب 16 من الفاعلين المختلفين.


بتاريخ : 22/04/2024