تعاقب الأنظمة التعليمية ومحدودية المخرجات

صنفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OCED  دول العالم من حيث جودة التعليم، واحتلت البلدان الأسيوية مراكز الصدارة وتربعت سنغفورة في المرتبة الأولى عالميا من حيث جودة التعليم، فيما جاء المغرب في المركز ما بعد المائة، ومن المؤكد أن المسؤولين عن قطاع التعليم وكل المعنيين بالشأن التعليمي على علم بهذا التصنيف وبالمرتبة غير المشرفة التي تحتلها بلادنا على مستوى جودة التعليم، فهل أجرت وزارة  التربية الوطنية دراسة مستفيضة ووافية لمعرفة مكامن الفشل ومعالجة التعثرات والارتقاء بمنظومتنا التربوية نحو الأفضل، فالدول التي حصلت على مراكز متقدمة وضعت خطة استراتيجية شاملة تتشارك فيها وزارات أخرى مع وزارة التربية الوطنية لتشمل جميع جوانب الحياة الحديثة.
إن وزارة التربية الوطنية لها خطة ودراية بمضامين المشروع التنموي الجديد الذي أشرف عليه شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة حاليا، لكن المهم هو تفعيل وأجراة مضامينه وتنزيلها على أرض الواقع، وتتبع الأداء فيها. فالخطة والاستراتيجية يشملان جميع محاور العملية التعليمية: المدرس التلميذ، المدرسة والإدارة المدرسية…. غير أننا، وللأسف، نشهد في كل موسم دراسي شعارات براقة ورنانة وتغيرات في المنظومة التربوية، مصدرها وجهة نظر وزير التربية الوطنية.
إن القرارات غير المدروسة التي تعاقبت على قطاع التربية والتعليم في زمن عديد من الوزراء: مولاي اسماعيل العلوي، عبد الله ساعف، اخشيشن، المرحوم محمد الوفا وامزازي، تعتبر في نظري أحد أسباب تدني مستوى التعليم ونسب النجاح، فكل وزير يصدر قرارات يتم تغييرها في التشكيلة الوزارية بعد الانتخابات التشريعية، لتترك الٱثار السلبية المترتبة على قراره عبئا ثقيلا وجديدا على الوزير القادم، فلماذا ليس هناك خطة استراتيجية شاملة لا تتغير بتغير الوزير، خطة محكمة ثابتة وواضحة المعالم، ونظام متكامل يحمي ويصون مستقبل أبنائنا من عبث التكسب السياسي وأدوار متعاقبة للوزراء في تعليم أبنائنا.
إن كل قرار يهم منظومتنا التربوية يجب أن يكون متلائما مع المناهج الدراسية وطرق التدريس الحديثة ومستوى تلامذتنا ومستوى أداء المدرس. ان ما يجعلنا في آخر التصنيف في التعليم هو أسلوب القرار الأحادي والمتسرع، فقد صرفت ميزانية كبيرة في الإصلاح: الميثاق الوطني للتربية والتكوين البرنامج الاستعجالي، المجلس الأعلى للتعليم، الرؤية الاستراتيجية…وغيرها، لكن المخرجات لم تكن في مستوى التطلعات ..وما يجعل غيرنا من البلدان في الصدارة هو أسلوب التنظيم والتخطيط المحكم ومعالجة الفجوات، لذا يجب أن يتحمل المسؤولون عن تدبير قطاع التربية والتعليم مسؤولية هذه التغيرات العشوائية وأيضا المجلس الأعلى للتعليم الذي يمتص ميزانية ثقيلة ولا تحضره إلا الأقلية، كما أن الفرق البرلمانية عليها محاسبة وزير التربية والتعليم والطواقم التي تشتغل معه وعدم السماح لهم بالعبث في نظامنا التعليمي، ويجب أن تكون هناك خطة واضحة تحاسب الوزير ومن معه على تنفيذها ومتابعتها.
إن العملية التعليمية تحتاج معالجة جادة وشاملة من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لتجنب أخطاء السابقين، فإلى متى يستمر النظر إلى أبنائنا بالمدارس العمومية، بشكل خاص، على أنهم ببغاوات حافظة وناطقة دون مخرج تعليمي يؤهلنا للمنافسة على احتلال مراكز متقدمة في جودة التعليم، لذا علينا العمل من أجل إعداد هؤلاء الأبناء، معنويا وتكنولوجيا واقتصاديا، وتغيير المناهج العقيمة المتكدسة بالمعارف والمعلومات.
ما تناولته في هذه الإضاءة التربوية موجه بشكل مباشر إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والى الفرق البرلمانية لنكون أكثر تفاؤلا واطمئنانا على مستقبل أبنائنا.

(*)باحث تربوي


الكاتب : خليل البخاري(*)

  

بتاريخ : 02/12/2021