تعايش: معرض تشكيلي جديد لعبد الله الرامي بالبيضاء

يحط الفنان التشكيلي عبد الله الرامي جديد إبداعه الفني في رواق منظار بمدينة الدار البيضاء مابين 4 و16 نونبر2023، في معرض فني جديد تحت عنوان « تعايش coexistence».
وفي قراءة جماليات المشهد البصري هذا الفنان المغربي يقول د.سعد العبد، أستاذ الرسم والتصوير بكلية التربية الفنية بالزمالك بجامعة حلوان:
«يعد (الموضوع) أحد مداخل الإبداع المتنوعة؛ والموضوع هنا يتحدد في (العيش المشترك لنشر ثقافة السلم والتسامح)، حيث استلهم الفنان الجسد الآدمي، الرجل والمرأة؛ وجعل الاهتمام بشكلٍ أكبر للمرأة كونها القاسم المشترك ومصدر الحياة والسعادة، فكانت موضوعه وقضيته؛ حيث أنتج من خلال الإيحاء بها أعماله الفنية، التي ظهرت على مسطحات أعماله لتسبح في خضم تشكيلات تكويناته في هيئات دلالية تتميز بالإيقاع المتناغم الذي يجمع بين الرمز والتعبير والاختزال.
ولكون الفن نشاطا إنسانيا لا يمكن فصله عن الحياة، فقد عبر الفنان بما يختلجه بوجدانه تجاه الأنثى، ممثلة في الجدة والأم والأخت والزوجة والابنة، وجعل منها السيادة في مختلف إنتاجه الفني لكونها تمثل عصب الحياة وبهجتها ورفيقة الدرب.
وبذلك، فإن الفن التشكيلي أحد العلوم الإنسانية التي تخاطب العقل والمشاعر، لكونه نتاج شعور متدفق من هذين الجانبين، كما أنه حقيقة حية تنمو وتتطور وترتقي وتزداد ثراءً على مر الأجيال، ويتحقق الشعور بالرضا تجاه العمل الفني من خلال تحقيق التوازن بين طاقات الإنسان والظروف المحيطة ممثلة في الخبرة الجمالية.
إن تعبير الفنان عن مفردة يعايشها بأحاسيسه ويتفاعل معها بوجدانه ساهم في ثقل محتوى العمل الفني فكرياً ومهارياً وإبداعياً.

الفكر السيميوطيقي في إبداعات عبد الله الرامي:

«نحن أمام فنان مبدع ينتمي إبداعه إلى الفكر السيميوطيقي القائم على فحوى الرمز ومحتواه وما يكتنزه من معانٍ ودلالات.. إبداع يمثل عالم متميز.. عالم ديمومي متفرد.. عالم له سماته وخصائصه وأسلوبه الذي يجمع بين تيارات ثلاث هي: التعبيرية والرمزية والتجريدية. إنه يجسد لنا فكرا رمزيا في صياغات فلسفية ذات هيئة تشكيلية تعبر عن عشق الفنان للرسم واللون والمواد المستخدمة التي صور من خلالها الجسد في محاولة لنشر ثقافة التعايش والتسامح والمحبة والسعادة..»

الرؤية الميتافيزيقية للجسد في البنية التكوينية:

تتحدد أهداف الفن التشكيلى في سبر أغوار الواقع لكشف النقاب عن أسرار الخلق الكونى العظيم؛ وما تقوم به الكائنات الحية من أنشطة وما يطرأ عليها من تغيرات غير واعية .
إن الشكل الظاهري للإنسان يمكن اختزاله في قنطور يوحي بالرؤية الشكلية الميتافيزيقية، وبذلك تكون رسالة الفنان هنا ليست فقط في التعبير عن المضامين والانفعالات والتعبيرات التى يمكن أن يعبر عنها الجسد الآدمى، بل في رؤيته الشكلية الظاهرة كذلك.
، وما يخصنا هنا ويقترب مع فكرة الفنان هو: معرفة ماهية الأشياء بذاتها مقابل الظاهر الذي تتسم به، حيث استخدم الفنان قنطورا خطيا يحدد مجالات رؤية العناصر الآدمية التي يوجزها في الإيحاء بالجسد، الذي يبدو أحياناً وكأنه شفاف حيث يظهر رحم الأم، وما به من عناصر آدمية برؤية فطرية تجسد فكر وأسلوب الفنان.
وتدور طبيعة الميتافيزيقا حول الصفات العامة للوجود، أي أنها لا تبحث بشكل مباشر عما هو واقعي بالمعنى الحسي وإنما تتطلع بالبحث عن الحقيقة وتستهدف الوجود الحقيقي الذي لا يظهره الواقع المحسوس، وإنما يوجد عالم وراء هذا الواقع والخبرة الحسية. وعندما نعود لأعمال الفنان نراه استخلص من الجسد الإنساني كشكل مرئي، إيحاءً تعبيرياً أشبه بالاستعارة الجمالية، فتحول سطح العمل إلى سرد غنائي ميتافيزيقي، فكأنه نسج عوالم أخرى نعيشها مع الفنان، فيها من الروابط والتعايش ما يؤكد وحدتها الفنية والجمالية».


بتاريخ : 01/11/2023