تمرد وعصيان في درب السلطان

ساد جوّ كبير من الاحتقان عددا من الأزقة بحي درب الكبير بعمالة مقاطعات درب السلطان في الدارالبيضاء، صباح أول أمس الاثنين، سواء على مستوى درب المنجرة وعند تقاطع شارع المحطة الطرقية بطريق أولاد زيان أو بشارع أحمد الصباغ وعند مشروع خط الترامواي الذي يعبر من طريق أولاد زيان، بسبب استئناف محاولات تحرير بعض الفضاءات من سلوكيات شائنة وأخرى انحرافية وإجرامية مصدرها بعض المهاجرين غير الشرعيين المنحدرين من دول جنوب الصحراء.
سلوكات تتمثل في تحويل فضاءات إلى أوكار للدعارة بشكل علني وأمام مرأى ومسمع من الجميع، وهو ما تطلب في وقت سابق تدخلا حازما من سلطات الملحقة الإدارية درب الكبير، إلى جانب تدخل آخر يحسب لها تمكنت على إثره من حجز حوالي 800 قطعة من مخدر الشيرا فضلا عن قنينات من الكحول «الدوليو» المعدة للبيع من أجل الاستهلاك، بالإضافة إلى أدوات حديدية راضّة، التي يمكن اللجوء إليها واستعمالها في أية لحظة وقد تترتب عنها تداعيات وخيمة. هذه الممارسات وأخرى سابقة شهدها الملعب الرياضي بكار والفضاء المجاور له والأزقة المتفرعة عن المكان لم تدفع سلطات العمالة، وبكل أسف، لوضع حدّ لمعاناة الساكنة مع النتانة والسلوكات الشائنة المختلفة والألفاظ النابية والتحرشات وغيرها من الممارسات التي ظل المواطنون يشتكون منها دون أن تجد آذانا صاغية، إلى أن ارتفع عدد المهاجرين في درب السلطان التي باتوا يتوافدون عليها من كل حدب وصوب، وبتوجيهات رسمية، وفقا لما أكده عدد منهم في تصريحات إعلامية، مما يطرح أكثر من علامة استفهام عن سرّ اختيار المنطقة لكي تكون مستقبلة لأكبر عدد من المهاجرين، يجمع ما بين المسالمين الذين يبحثون عن ظروف أحسن للعيش وبكرامة، وبين من لديهم نزعات إجرامية تشكل تهديدا يمس بسلامة وأمن الأشخاص والممتلكات؟
وبالعودة إلى تفاصيل التمرد والعصيان في درب السلطان، فإن السلطات المحلية والأمنية وبعد تمكنها من إخلاء بعض الأرجاء في المنطقة، اتجهت حوالي الساعة الثامنة والنصف من صباح أول أمس الاثنين صوب ممر خط الترامواي بطريق أولاد زيان، بهدف مصادرة قنينات الغاز من الحجم الصغير التي خلقت مشاكل عديدة وتسببت في انفجارات عرفتها المنطقة في وقت سابق، ويجعل منها مصدر خطر للجميع مما حفّز خلال كل الحملات الأخيرة على تجميعها ومصادرتها، إلا أنها فوجئت بكون العديد من المهاجرين المعنيين كانوا مستعدين للأمر، وأرسلوا بسرعة وابلا من الحجارة التي قاموا بتقطيعها وتجميعها سابقا على الأمنيين وأعوان السلطة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تسببوا في كسر زجاج سيارات مجموعة من المواطنين الذين كانوا يعبرون المكان، وفقا لشهادات استقتها الجريدة من عين المكان، وإن لم يتم تقديم شكايات في هذا الصدد للمصالح الأمنية.
ووثقت تسجيلات بالفيديو حجم الشراسة التي واجه بها عدد من المهاجرين السلطات، وحتى في اللحظات التي كان فيها بعض المسؤولين، على رأسهم والي أمن الدارالبيضاء، يسعون إلى الحوار مع المعنيين كان بعضهم يظهر عدوانية بالألفاظ وبالحركات الجسدية، بل إن منهم من توجّه لاحقا صوب مقر الدائرة الأمنية الثامنة للاحتجاج والمطالبة بإطلاق سراح من تم إيقافهم من زملائهم، ولم تهدأ الأمور بالمنطقة إلا بعد ساعات، عاش خلالها الجميع على أعصابهم، خاصة السكان الذين خرج عدد منهم للتنديد والاحتجاج والمطالبة بتحمل سلطات العمالة مسؤوليتها حيال ما يقع، لاسيما وأن الجميع بات يتساءل عن السرّ الذي يجعل هؤلاء المهاجرين يفضلون الانتشار في تراب درب السلطان ولا ينتقلون إلى الجهة الأخرى من الشارع التي توجد ضمن النفوذ الترابي لعمالة مقاطعات الحي المحمدي عين السبع؟ وندّد العديد من سكان المنطقة بما وصفوه بالتساهل مع الوضع الذي تستفحل حدّته يوما عن يوم، الذي بات يقلق مضجع الجميع ويؤرق بالهم خوفا من أية مواجهات مع أبنائهم، وهو السيناريو الذي سبق وأن عاشته المنطقة في وقت سابق، مشددين على أنهم يرحبون بكل من يأتي للمغرب ويرفضون أي شكل من أشكال العنصرية لكنهم بالمقابل يطالبون بالحفاظ على أمنهم وأمن أسرهم وسلامة ممتلكاتهم.
وارتباطا بأحداث الاثنين، أكدت مصالح ولاية أمن الدارالبيضاء في بلاغ لها أن «عناصر الشرطة قد تمكنت زوال نفس اليوم من توقيف ستة مهاجرين غير نظاميين ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وذلك للاشتباه في تورطهم في عدم الامتثال والعنف والرشق بالحجارة في حق القوات العمومية وإلحاق خسائر مادية بممتلكات عمومية والإقامة غير الشرعية». وأضاف البلاغ أن «المشتبه بهم كانوا قد أقدموا على رشق القوات العمومية بالحجارة في أعقاب عمل نظامي لتحرير الملك العام بشارع أولاد زيان بمدينة الدار البيضاء، مما تسبب في إصابة شرطي بجروح وإلحاق خسائر مادية بخمس سيارات تابعة للمديرية العامة للأمن الوطني». وأبرز البلاغ نفسه أن «التدخل الأمني المنجز على خلفية هذه الأحداث قد مكّن من صون مرتكزات النظام العام وضبط ستة من بين المشتبه بهم المتسببين في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، حيث تم إخضاع المشتبه بهم لتدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات وخلفيات هذه القضية، فيما لا تزال الأبحاث والتحريات جارية بغرض توقيف باقي المشاركين والمساهمين في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية».سص


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 18/01/2023