تناولتها ندوة بخنيفرة «الديمقراطية وحقوق الإنسان وسبل الارتقاء بدور الفاعلين المدنيين»

بشراكة مع مندوبية الوزارة المكلفة بحقوق الانسان، نظمت «شبكة الجمعيات التنموية ايت سكوكو– مريرت»، مؤخرا ، ندوة افتتاحية لأنشطة مشروع: «الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان: تعزيز لدينامية الوعي الحقوقي ودعم للديموقراطية التشاركية محليا وإقليميا بجهة بني ملال – خنيفرة»، وتمحور موضوع الندوة حول «الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان: مسار الإعداد، التحيين، المحاور والتدابير ودور الفاعلين في تتبع وتنفيذ الخطة»، وذلك من أجل المساهمة في تفعيل الخطة الوطنية من خلال تعزيز الديمقراطية التشاركية والارتقاء بدور الفاعلين المدنيين والمنتخبين.

الندوة، التي احتضنها المركز الثقافي أبو القاسم الزياني بخنيفرة، وقام بتسييرها ذ. لحسن فروقي وتقديمها ذ. لطيفة معديني، بحضور ممثل الوزارة المكلفة بحقوق الانسان، ومشاركة الجامعيين د. محمد الغالي ود. أنس مطيع، تأتي افتتاحا لأجندة تتضمن تنظيم دورة تكوينية حول: الديمقراطية التشاركية ودور المجتمع المدني في التتبع، المشاركة وتنفيذ السياسات العمومية المحلية، ثم ندوة في موضوع: خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان، البعد الترابي ودور الفاعلين المحليين في تتبع إعمالها، وبعدها دورة تكوينية حول: آليات إدماج وتتبع تنفيذ خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان، ليختتم البرنامج بإعداد وإصدار دليل حول إدماج بُعد حقوق الانسان في البرامج المحلية.
وتهدف شبكة الجمعيات التنموية من أشغال ندوتها الافتتاحية، بحسب مصادر منها، إلى التعريف ب»الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان»، باعتبارها وثيقة تؤطر السياسة الحقوقية في المغرب ما بين 2018 و2021،وفق تعهدات تمت بالبرلمان على أساس إخراجها وتنفيذ مضامينها بين هذين العامين، وكذا الاطلاع على مسار إعدادها، وسياقها الوطني والدولي ومرجعياتها، والتحيين الذي خضعت له، ومحاورها الرئيسية والفرعية،وتدابير تنزيلها ودور الفاعلين في تتبعها وتنفيذها»، كما تتوخى ذات الشبكة من ذات الندوة «إطلاق نقاش عام حول الموضوع وتمكين الفئات المستهدفة من المهارات ووضع آليات محلية وإقليمية لتتبع وتقييم أجرأة تدابير الخطة على الصعيد المحلي» تضيف مصادر مسؤولة من المنظمين.
من جهته، استعرض د. محمد الغالي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، مضمون الخطة الوطنية ومسار إعدادها ومرجعيتها وتحيينها، ومحاورها الأساسية، و»إلى أي حد قد تنسجم فيه مع التحولات التي عرفها المغرب مع بداية مرحلة التوافقات بين الاحزاب السياسية والمؤسسة الملكية، ومع ما بعد أحداث إضراب دجنبر 1990 التي تشكلت في شأنها لجنة لتقصي الحقائق؟ وإلى أي حد يمكن الوصول بالتدابير المتاحة الى الثقة في عناصر الخطة وتحقيقها»، علما بأن «الجامعات المغربية سبق لها أن عرضتها للمناقشة، وكل جامعة منها قرأتها من زاويتها»، يضيف د. الغالي الذي تساءل بالتالي عن معنى الخطة؟ بانطلاقه من المقارنة بين توافقات وظروف دساتير 1992، 1996 و2011 الذي أكد على تمكين المواطن من حقوقه وتمليكه من الآليات والوسائل.
وفي ذات السياق، تطرق المتدخل، وبشكل موسع ، لعدد من القضايا والمراحل الوطنية، مثل مكامن القوة والضعف في التاريخ السياسي للبلاد، وحكومة التناوب التي اشترطت صناديق الاقتراع كمعبر للديمقراطية، وشخصية الأستاذ عبدالرحمن اليوسفي الذي رسم خارطة الطريق، ومفهوم الرأسملة، ودمقرطة السلطة، وتثمين قيمة التطورات السياسية بآلامها وآمالها، ومقارنة الاقتراع الفردي بنظام اللائحة، والديمقراطية الداخلية للأحزاب، إلى جانب توقفه عند موضوع الخطة الوطنية بتشديده على»تفعيلها عبر عقليات قابلة لاستيعاب التطورات والتجاوب مع مختلف الآراء …» ، والمقارنة بين «انفتاح التجربة المغربية مع باقي الدول المغاربية والشرق أوسطية»، والسلطة فيها التي كانت عمودية وأضحت هرمية بفعل التشارك.
وصلة بالموضوع، بسط د. محمد الغالي جملة من التساؤلات: منها إلى أي حد يمكن إقناع المواطن بالحق في التعليم وهو بمكان خال من المدارس ويؤمن بالملموس بالحق في الولوج إلى الخدمات؟ كيف يضمن المواطن الخيارات المطروحة في السياقات الراهنة؟ إلى متى يبقى الافلات من العقاب وربط المسؤولية بالمحاسبة رهين الاكتفاء بسياسة الإعفاء والتنقيل؟ وكيف أن المشكل الراهن هو مشكل عقليات وليس مشكل برامج؟ كما تطرق لما يمكن به تقييم السياسات العمومية وترشيد الآليات التضامنية والرؤى الجماعية لمحاور وأولويات الخطة.
كما أشار لإشكالية الحق في الوصول إلى المعلومة التي «يمكن أن يصلها طالبها فيصطدم بمن يتابعه بقانون حماية المعطيات الشخصية»، إضافة إلى مواضيع أخرى ضمنها «الجدل القائم بخصوص مفهوم حرية المعتقد المنصوص عليه في المواثيق الدولية وكيف يتم ربطه بقانون الاخلال بالنظام العام»، مؤكدا على أن أغلبية القوانين المغربية غير منسجمة مع دستور 2011، مادام العديدون يجدون أنفسهم في أزمة بين النصوص القانونية كمساطر وإجراءات لا تقبل الجدل، وبين النصوص الدستورية التي تعتبر من أسمى قوانين البلاد.
أما د. أنس مطيع فأكد على أهمية الفاعل الجامعي في مناقشة وتشخيص الخطة الوطنية والانخراط في تتبع وتحليل واستجلاء مكامنها، لينطلق من العلاقة الجدلية بين التواصل العمومي والتواصل التحسيسي بخصوص موضوع الخطة، وطرق تحديد مراسيمها والمفاهيم المؤسسة لها خارج الأجندات المعينة، بينما ركز على دور الفاعل في تتبع وتنفيذ الخطة، وفي التواصل عن طريق اللغة وقياس الوعي والممارسة الفضلى، بالنظر لقيمة المرجعيات التي انطلقت منها الخطة المذكورة على مستوى محاور الحكامة والديمقراطية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الحقوق الفئوية والإطار القانوني والمؤسساتي.
ولم يفت المحاضر التساؤل حول موقع الفاعل الحكومي من تدبير الخطة الاستراتيجية الحقوقية 2015/2030؟ وحول مصير دعوة الميثاق الوطني للتربية إلى إدماج حقوق الإنسان في المقررات الدراسية؟ معتبرا الخطة الوطنية عبارة عن «وثيقة أخرى موجودة منذ فترة طويلة وليست حديثة، وكل المنتظر منها هو الوقوف على ما تم طرحه وتفعيله من خطط ومقررات، وما تحتاجه من آليات لإعمالها»، على حد قوله.
ووضع العرض أكثر من علامة استفهام حول «ملابسات عدم إصدار وثيقة الخطة الوطنية على مستوى الجريدة الرسمية؟ وهل الجهات الوصية غير مقتنعة بها؟ ولماذا تجري مناقشاتها بشكل متبعثر؟»،علما بأن الخطة خلقت لرسم استراتيجية وطنية من أجل جعل تعزيز وحماية حقوق الإنسان في صلب السياسات العمومية،إلى جانب تساؤلات أخرى طرحها المتدخل على ذات الجهات التي وصفها ب «الساعية الى المشاركة مع القطاعات وليس الى تحقيق المرافعات» حسب تعبيره.
وتميزت أشغال الندوة بحضور فعاليات جمعوية، سياسية، إعلامية، ثقافية وحقوقية، تفاعلت جميعها مع أشغال اللقاء وساهمت في إثراء النقاش بعدة تساؤلات وآراء ومقترحات وانتقادات، مع اختلاف الرؤى ما بين التوجس من إمكانية فشل تنفيذ أو نجاح الخطة، وبين التخوف من غياب ضمانات سياسية لتفعيلها وتطبيقها، بالنظر لما يسجله الميدان من تمظهرات لانتهاكات حقوقية تحدث بين الفينة والأخرى.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 05/11/2018

أخبار مرتبطة

بعد سلسلة من الإجراءات والمساطر التي ترمي إلى جعل كل الجماعات الترابية التابعة لعمالة الصخيرات مدنا بدون سكن صفيحي، وكذا

ناشدت أسرة من مدينه أزيلال كل الجهات المسؤولة والمختصة من أجل التدخل للبحث عن ابنها المتغيب الذي انقطعت أخباره في

يشتكي عدد من سكان دوار اسكار مما يعتبرونه عزلة يعيشونها بسبب الحالة التي آلت إليها الطريق الرابطة بين الدوار ومركز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *