ثلاثة أسئلة لوزيرة الأسرة والتضامن جميلة المصلي؟

– أية قيمة أضافها برنامج الوساطة الأسرية الذي وضعته الوزارة منذ 2014 في الحد من ظاهرة الطلاق؟
– أين تقرير الفترة الأولى من الدعم الذي خصصته الوزارة لهذا البرنامج والذي تستفيد منه 70 جمعية في التخفيف على المحاكم وحماية الأسرة المغربية؟
– متى سيتم مأسسة الوساطة الأسرية ووضع قانون ينظمها ، خصوصا بعد انتعاش بعض الظواهر والممارسات المسيئة لروح البرنامج ؟
والمناسبة هو صرف وزارة الأسرة والتضامن للفترة الثانية من الدعم المخصص للجمعيات التي تشتغل على برنامج الوساطة الأسرية، بعد انتهاء الفترة الأولى من 2015 إلى 2017 واستئناف الفترة الثانية . في غياب قانون مؤسس ومنظم للوساطة في المغرب، مما فتح الباب على مصراعيه لانتشار العديد من الممارسات التي أصبحت تسيء لفلسفة وروح البرنامج في غياب مراقبة ومتابعة من طرف الوزارة المعنية .
فإذا كانت وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية وتفعيلا لمقتضيات البرنامج الحكومي 2012-2016 الذي يؤكد على “تقوية وحماية الأسرة من خلال وضع سياسة أسرية مندمجة تحرص على تماسك الأسرة وتعزيز أدوارها الوقائية” قد أعدت برنامجا لتطوير خدمات الوساطة الأسرية، يهدف إلى  دعم إحداث وتعميم مراكز الوساطة الأسرية؛ دعم الشراكة مع الجمعيات العاملة في المجال؛ وتطوير العمل بتقنيات ووسائل الوساطة الأسرية، إلا أن هذا البرنامج لم يسيج بقانون يضبطه ويحميه من ممارسات يستغلها البعض للاستفادة فقط من دعم الوزارة لاغير.
العديد من الجمعيات التي تستفيد من هذا الدعم، لم تعمل حتى الآن على إحداث الفرق المطلوب في الحد من ظاهرة الطلاق التي وصلت في بلادنا إلى 100 ألف حالة سنويا، ولم تخفف العبء على القضاة الذين يعانون من تراكم الملفات، كما لم يظهر لهم أي دور فعلي في تحسيس الأسر المغربية بالوساطة كوسيلة بديلة للجوء إلى المحاكم، حيث يجهل معظم المغاربة اليوم ماهي الوساطة الأسرية التي ظلت حبيسة مراكز الجمعيات والفضاءات التي تنظم فيها الندوات ولاتخرج للفئات المستهدفة وهي الأسرة بالخصوص.علما أن العديد من الجمعيات بمجرد إطلاق الوزارة لهذا البرنامج أخذت تتسابق للاستفادة من الدعم وهي تفتقد لروح المشروع وآلياته وتقنياته وحتى أهدافه . والأفظع من هذا كله أن بعض هذه الجمعيات، أصبحت تعمد لتكوين الشباب في الوساطة ليوم واحد بمقابل 1000 درهم ،حتى انتعشت ظاهرة المكونين في الوساطة الذين أضحوا يتقاضون مداخيل مهمة من هذه التكوينات العشوائية التي يعدون فيها الشباب بالحصول على رخص لفتح مكاتبهم الخاصة بعد مأسسة الوساطة .
يحدث هذا في الوقت الذي يقوم فيه طلبة الماستر في الوسائل البديلة في الجامعات المغربية ببذل مجهود كبير في التكوين الأكاديمي في هذا المجال وببحوث ميدانية مهمة، فكيف ستتعامل الوزارة إذن بعد المأسسة من إنصاف أصحاب الشهادات الجامعية وأصحاب التكوينات السريعة .
وجدير بالذكر، أن التفكير بالعمل بالوسائل البديلة لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة مجهودات وعمل متواصل من طرف الفاعلين في المجال بهدف تحديث وإصلاح النظام القضائي المغربي، الشيء الذي أظهر الحاجة إلى الوساطة الأسرية كإجراء مسطري إجباري قبلي لتصفية بعض طلبات الطلاق والتطليق والحيلولة دون انحلال رابطة الزوجية، والذي لم يحقق فيه الصلح في المحاكم النتائج المرجوة منه ، وقد اعتمدته وزارة الأسرة والتضامن في إطار برنامج وطني للحد من نسبة الطلاق المهولة في المجتمع.
هذه الآلية البديلة أصبحت أيضا أساسية لمساعدة القضاء الأسري، وهذا ما أكد عليه قضاة أقسام الأسرة في العديد من المناسبات، الشيء الذي سيساهم في تخفيف العبء على محاكم الأسرة التي تعرف تراكم الملفات، بالإضافة إلى كون أكثر من نصف الملفات بالإمكان حلها في مرحلة الصلح،لأن هذه المرحلة مهمة خاصة وأن أغلبية الحالات تتعلق بمشاكل التواصل والانصات، الشيء الذي يصعب على القاضي القيام به نظرا لضغط عدد الملفات وإكراهات الوقت.
وإذا أصبح الوضع اليوم يستدعي تنزيل الوساطة وضرورة اعتمادها لما لها من سرعة وفعالية وسرية في التعاطي مع الملفات بعيدا عن التضارب بين المصالح تعقد المساطر، فإن الإشكاليات الكبرى تبقى مطروحة والأسئلة قائمة من طرف العارفين بالموضوع من قضاة و فاعلين وأساتذة باحثين وهي:
– هل كون المشرع المغربي جعل الوساطة اختيارية ساهم ذلك في محدودية التعامل بها بين الأطراف المتنازعة؟
– هل غياب القانون التنظيمي المؤطر للوساطة ساهم في التعامل مع هذه الأخيرة بنوع من الفوضى والتطفل أحيانا والحذر، لأن الضمانات وحماية حقوق الأطراف غير واضحة أحيانا أخرى؟
– ألم يكن على المشرع مأسسة الوساطة بشكل صريح داخل مدونة الأسرة؟


الكاتب : فاطمة الطويل

  

بتاريخ : 15/02/2020