جامعة محمد الخامس بالرباط تحتفي بـ 65 سنة من العطاء العلمي والأكاديمي

الحبيب المالكي: منهل من مناهل الثقافة العليا ومنارة من منارات البحث

 

احتفت جامعة محمد الخامس بالرباط، الأربعاء، بمرور 65 سنة من عطائها الأكاديمي والعلمي تحت شعار:» الجامعة في خدمة التنمية المستدامة والارتقاء بالقيم العالمية «.
وبهذه المناسبة قال الحبيب المالكي رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي: «من دواعي الفخر والاعتزاز، أن أشارككم وأحْتفي معكم بتخليد الذكرى 65 لمنارةٍ من مناراتِ البحثِ العلمي، ومنهلٍ من مناهلِ الثقافة العليا، ونَواةٍ هي الأولى ضمن نَوَياتِ التعليم الجامعي بالمغرب.
وإن تَلبِيتي للدعوة التي وجهتم لي في رحابِ جامعتِنا- أقول جامِعتِنا، لأني كنت وسأظلُّ أعْتبرُني جُزءا من أجيالها- لَهُوَ تقديرٌ يبعثُ في نفسي السرور. ويضاعفُ هذا السرورَ التقاءُ زملائي، ونخبةٍ من رجالات العلم والمعرفة والتكوين؛ الذين أناروا ويُنيرون دروبَ أجيالِنا عِلما ومعرفةً وقِيما.
ومهما تزوَّدتُ لغةً وتعبيرا، فإن جَلالَ ما قامت به هذه الجامعة برِجالاتها، من دورٍ تثْقيفيٍّ وتنويري، وتكوينِ طلائعَ فكريةٍ وسياسيةٍ وإدارية، وانفتاحٍ على المحيط السوسيو-ثقافي، ونشرِ المعرفة في بُعدها الكوني، سيبقى استحضاره وعِرفانُهُ قاصرا «.
وأضاف المالكي: «إن الأداءَ العـامَّ للتعليـم العالي، مـا دام يراهـن عـلى تطـوير مـوارده البشرية وجـودةِ حكامته، وعرضهِ التكويني، وتمويله، ونموذجهِ البيداغوجي،يتَّسـمُ ضرورةً بِتعـدُّدِ الأبعاد.وهو ما يُسائل الإصلاح الجامعي لسنة 2003، وفعاليةَ تنزيلهِ ومدى تلاؤمه مع مقاصده الأصلية، لأن الحماسَةَ التي سادت عند انطلاقته فَتَرتْ مع مرور الوقت، وصِرنا أمام تراجع مُقلق.
وضِمنَ امتدادات الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، التي أُنجزت بعد مسار طويل من الأبحاث والمشاورات، وتم تبنِّيها كإطارٍ مرجعي لإصلاح مُكوناتِالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين(وضمنها التعليم العالي طبعا) دفعت في اتجاه ديناميةٍ نوعية لِتطوير نظام التعليم العالي، وِفْق محددات داخلية وخارجية.
ويندرجُ ضِمنَ المُحدداتِ الداخليةِ عاملُ التطور الديمغرافي؛ وما يسْتَتْبِعُهُ من ضغط على الطاقة الاستيعابية وجودةِ التأطير ومستوى التكويـناتِ والمردوديةِ الداخليةِ والخارجية لنظام التعليم العالي، ومختلَفِ جوانبِ الحياة الطلابية والجامعية عموما.
ومـن بيـن المحـدداتِ الداخليـةِ الأخـرى، نجـدُ غيـابَ الانسـجام فـي تنظيـم التعليـم العالـي، الخاضعِ منـذُأكثرَ من عقديـن للقانـون00.01،والذي لـم يُتمَّـم بكامل نصـوصه التنظيميـة،  وهُوَ ما حدَّ من تطبيـق بعـض المقتضيـات، وقلـّصَ مـن أثـرِ هـذا القانـون فـي الإصـلاح».
وختم الحبيب المالكي كلمته أمام ضيوف جامعة محمد الخامس: «لقد أصبحتِ الجامعةُ نسقا مُعقَّدا يضمُّ مؤسساتٍ غيرَ مُتجانِسة، مَوْسومةٍ بانتفاءِ النسقيّةِ بينَ التخصُّصاتِ، وصرامةِ المناهج، وعدمِ التّحرر من عِقال الاتِّباع والتَّكْرار، وغيابِ روح المبادرة. مضيفا أنَّ «قناعتنا الراسخة، أن الشبابَ هُمُ المحرِّكُ والدافع الرئيسيُّ للعمليةِ التنموية، وأنَّ الشبابَ هُمْ وسيلةُ التنميةِ وغايتها، ولذلك يجبُ أن يستمر الاستثمارُ في الشبابِ من خلالِ التعليمِ والتدريبِ والتزويدِ بالمهاراتِ والخِبْرات، والتركيزِ على نوعيةِ التعليم العالي؛الذي عليه مسؤوليةُ تشكيلِ الوعيِ الثقافي والديموقراطي، وتعزيزِ الهويةِالجامعةِ والمواطِنة،والتربيةِعلى قيمالكرامةِ والمساواةِ في الحقوقِ والواجبات، والتشجيعِ على الإبداع والعملِ التطوعي، وتكريسِ ثقافةِ الحوارِ واحترامِ الرأي الآخر».
وقال إن الولوج إلى المعلومةِ يُعتبر حقا من حقوق المواطن يكفُلهُ الدستورُ بشكلٍ عام، وأن هذا الحقَّ يكْتسي طابعا خاصا عندما يتعلق الأمرُ بفئةٍ من المواطنينَ يشكِّلونَ جِسْرا بينَ مصادرِ المعلومةِ والمعرفة. ويُعتبرُ الحصولُ على المُعطياتِ والبياناتِ مِن مَشْمولاتِ الحريةِ الأكاديميةٍ بِمُختلفِ أصنافها، فالباحث الأكاديمي والذي يُفْترضُ فيهِ أن يحترمَ مجموعةً من القيمِ التي تحكُم مُنْطلقاتِه في البحث، وفي مُقدمتها احترام « التعددية الفكرية»، لا يمكنه القيام بذلك في حالة وجود عوائق تحول دون حصوله على المعلومات.
من جهته أعرب أندري أزولاي مستشار الملك، عن سعادته بحضور حفل الذكرى الـ 65 لجامعة محمد الخامس بالرباط، معتبرا أن الأخيرة «ساهمت بشكل كبير في تحرير العقل المغربي بالنظر للأدوار الريادية التي قامت بها منذ تأسيسها».
كما أشاد أزولاي بالمسار التاريخي المتميز لهذه الجامعة العريقة التي ساهمت في تكوين شخصيات تقلدت مناصب ومسؤوليات داخل الدولة، متمنيا لها الاستمرارية على هذا النحو عبر تكوين وتأطير الأجيال القادمة لإعداد رأسمال بشري قادر على رفع التحديات المستقبلية.
ومن جانبه، قال عبد اللطيف ميراوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إن هذا الحفل يشكل فرصة لاستعراض ما حققته جامعة محمد الخامس بالرباط من إنجازات منذ تأسيسها، مبرزا أنها عملت خلال مختلف مراحل تطورها على تبني رؤية استشرافية واضحة يحدوها طموح كبير نحو التميز وتحقيق الريادة العلمية والأكاديمية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
وأضاف أن «رفع هذه التحديات يتجسد من خلال المخطط الوطني لتطوير وتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار باعتباره ورشا وطنيا مهيكلا يروم الإرتقاء بجودة ونجاعة منظومة التعليم العالي ببلادنا»، لافتا إلى النتائج المشرفة التي حققتها جامعة محمد الخامس بالرباط من حيث اكتساب سمعة مشهود لها نتيجة مجهودات مكوناتها من أطر وأساتذة وإداريين ورؤساء تعاقبوا على تسييرها.
ومن جهته، قال فريد الباشا رئيس جامعة محمد الخامس بالنيابة، « نحتفي اليوم بذكرى تأسيس أول جامعة عصرية ببلادنا للاعتراف لها بجميع ما قدمته لأبناء وطننا «، مؤكدا أن ما وصلت إليه وما حققته من إنجازات رغم التحديات هو ثمرة عمل مشترك وجماعي ساهمت فيه كل مكوناتها.
وأضاف أن هذا الاحتفاء هو من أجل المستقبل وجعل الجامعة قاطرة لتطوير البلاد وقادرة على خلق المعرفة ورفع التحديات وفق مبادرات جريئة تساهم في تعزيز دور الجامعة المهم داخل المجتمع.


الكاتب : مراسلة خاصة

  

بتاريخ : 27/12/2022