جثة متفحمة في درب السلطان تستنفر أمن الدارالبيضاء

عاشت منطقة الفداء مرس السلطان في الدارالبيضاء، وتحديدا بحي لاجيروند، حالة استنفار أمني كبير أول أمس الخميس، انطلاقا من الحادية عشرة ليلا، والتي امتدت إلى ساعات اليوم الموالي، بعد اندلاع حريق في إحدى الحاويات الحديدية المتواجدة بمحاذاة ورش للبناء يقع في تقاطع شارع لاجيروند وزنقة دمياط، والذي سبق وأن شهد وفاة عاملين اثنين في وقت سابق أثناء الشروع في عمليات الهدم والتشييد التي توقفت على إثر ذلك آنذاك.
ألسنة اللهب التي أتت على حاويتين اثنتين، والتي جعلت المصالح الأمنية والوقاية المدنية إلى جانب السلطات المحلية تحلّ على وجه الاستعجال بمكان الحادث، تبين على أنها لم تكن ترتبط بمجرد حريق عادٍ بعد أن تم العثور على جثة متفحّمة بداخل إحداهما، مما جعل الأسئلة تتناسل ودائرة البحث والتحريات تتسع لمعرفة حيثيات وتفاصيل الواقعة، إن كان الأمر يتعلق بجريمة قتل تلتها عملية إضرام النيران لإخفاء معالم الجريمة، أم أن الجريمة تمت بالاعتماد على الحريق نفسه الذي قد يكون اندلع بفعل فاعل، أم أن الأمر يتعلق بحادث عرضي، سبق وأن تكررت مشاهده في أكثر من حادث، حيث يأوي بعض الأشخاص الذين بدون مأوى إلى مثل هذه الفضاءات هربا من البرد القارس فيشعلون شمعة أو «النيران» بشكل عام من أجل التدفئة، ويتجهون لشرب «الكحول»، وفي غفلة منهم قد تستعر ألسنة اللهب وتقضي عليهم.
أسئلة، تبقى تحريات العناصر الأمنية التي لم تفارق مكان الحادث هي القادرة على النبش في تفاصيلها من أجل تقديم أجوبة بشأنها، إذ اختلفت روايات «الشهود» في بعض التفاصيل، وإن اتفقت حول المضمون المتمثل في أن الورش المهجور يشكّل قبلة لعدد من المشردين الذين يتخذون جنباته وبعض الحاويات المتواجدة به، إضافة إلى «بيوت» من الآجور التي كانت مخصصة في السابق لعمال البناء، مسكنا وملاذا لهم. وبحسب إحدى الروايات، فإن شخصا في أواسط الأربعينات من عمره اعتاد التردد على المكان الذي شهد الحادث والمبيت فيه، إن تعلّق الأمر حقا بنفس الشخص، وهو ما يجعل دائرة البحث تتسع أكثر فأكثر لتشمل مرتادي الورش المهجور، خاصة وأن أحدهم الذي كان يتطلع للمكان ساعة الحادث من إحدى الزوايا، اختار المغادرة عدوا في لحظة من اللحظات بشكل أثار الشك، مما دفع العناصر الأمنية لمطاردته وإيقافه، حيث تم اقتياده إلى مقر الأمن من أجل الاستماع إليه لاحقا.
الحادث المؤلم، الذي وقع في فضاء سبق أن كان مسرحا لحادث هو الآخر بتفاصيل مؤلمة، جعل الكثيرين يستحضرون رواية «رجال في الشمس» لكاتبها غسان الكنفاني، ويطرحون سؤالا مشابها لنهايتها، في حالة ما إذا كان الحادث عرضيا ولم يرتبط بأية تفاصيل إجرامية وهو «لماذا لم يطرق جدران الحاوية»، لماذا لم يصرخ عندما شب الحريق وانتقلت ألسنة اللهب إلى جسده …؟ في الوقت الذي طالب فيه البعض الآخر بتعزيز الدوريات الأمنية ومحاربة مختلف الظواهر الإجرامية التي تعرفها المنطقة، سواء تعلق الأمر بتعدد السرقات عن طريق الخطف باستعمال الدراجات النارية أو محاربة الظواهر الشائنة، التي تعرفها الفضاءات المهجورة بالحي وبمحاذاة واجهات مستودعات ومعامل، التي يشتغل بعضها والبعض الآخر عبارة عن أطلال، فضلا عن الزحف التدريجي للمهاجرين غير الشرعيين المنحدرين من دول جنوب الصحراء، وما يرافقه من مسلكيات غير سليمة، لغة وجسدا.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 28/01/2023